طالبَ عدد من مستفيدي جمعية "إبصار" من المعاقين والأخصائيين؛ بإعادة استئناف أنشطة وبرامج الجمعية بعد أن تم تعليقها؛ ما أدى إلى حرمانهم من أهم الخدمات والبرامج التعليمية التي كانوا يحصلون عليها طيلة السنوات الماضية، وجعلهم أمام واقع مظلم في ظل عدم وجود جهة بديلة تقدم لهم الخدمات التي كانوا يحصلون عليها.
وساهم إغلاق الجمعية في تفاقم معاناة الكثير منهم، وخصوصاً المكفوفين من الأطفال وذوي الإعاقة البصرية المركبة الذين كانوا يتلقون جلسات في التدخل المبكر لتأهيلهم للتعامل مع حياتهم اليومية، ومستفيدي تعليم "برايل" من الكبار الذين يحصلون على برنامج محو أمية، والطلبة الذين كانوا يتلقون دروس تقوية مدرسية، كذلك مرضى العيون المحتاجون لعيادة ضعف البصر، ليس ذلك فحسب، بل تم إيقاف أهم برامج الجمعية، وهو برنامج مكافحة العمى الممكن تفاديه؛ الأمر الذي فاقم حالات مرضى العيون، وخصوصاً الخطرة منها المؤدية إلى العمى في حال تأخيرها.
وأكدت إحدى السيدات أن موعد زراعة قرنية العين الثانية لابنها حان موعدها بعد أن أجرت له الجمعية زراعة قرنيته الأولى العام الماضي فاستعاد نسبة من إبصاره بعد نجاح العملية وتمكن من مواصلة تعليمه الجامعي وحصوله على البكالوريوس، ولكن توقف المتابعة العلاجية والتأخر في زراعة القرنية في العين الثانية فاقم حالته وأوشك أن يعود للعمى مرة أخرى، فلقد انتظر أكثر من شهرين لتقوم الجمعية بتحويله إلى طبيبه لإجراء الفحوصات والعملية الثانية بصورة عاجلة، ولكن دون جدوى؛ حيث لا اتصالات يتم الرد عليها، ويتم تحويل الاتصالات على رقم جوال لا يرد حتى يتم إغلاقه، مشيرةً إلى أنها أكثر من شهر وهي تحاول الوصول للجمعية.
وشمل إيقاف برنامج مكافحة العمى تعليق حملة إبصار الوطنية للاكتشاف المبكر لعيوب الإبصار للأطفال، رغم ما حققته من نجاحات من خلال الكشف على أكثر من عشرين ألف طفل بمحافظة جدة في فترة وجيزة لأول مرة في تاريخ المملكة وتوقف علاج أكثر من ستمائة طفل من الحالات المكتشفة التي كانت بحاجة إلى العلاج لإنقاذهم من الإصابة بإعاقة بصرية، وحرمان كوادر التعليم والصحة ومدارس مناطق المملكة الأخرى من الاستفادة من الحملة التي كانوا ينتظرون مواصلتها في مناطقهم، وخصوصاً بعدما التمسوا جدواها من خلال النتائج التي حققتها.
وحول هذا الموضوع أكد عضو مجلس إدارة جمعية إبصار الخيرية والمتحدث الرسمي أمين الجمعية السابق "محمد توفيق بلو"؛ تعليق الأنشطة والبرامج في الوقت الحالي بموجب قرار من مجلس الإدارة لوجود أزمة مالية وإدارية، وأن المجلس يدرس حلولاً عاجلة لمعالجتها، وأن تلك الأزمة قد نشأت بسبب مرور الجمعية بمرحلة انتقالية وضعف الموارد المالية وتعليق الإعانة السنوية والمكرمة الملكية من الوزارة، وانتهاء التعاقد مع الشركة المشغلة للجمعية؛ ما ترتب عليه تسرب وظيفي لعدد من الكوادر الأساسية للجمعية وآثار سلبية انعكست على الأنشطة والخدمات والمستفيدين؛ الأمر الذي استدعى تدخلاً عاجلاً من مركز التنمية الاجتماعية بجدة مؤخراً وعُقد اجتماع طارئ مع مجلس الإدارة لمعالجة الوضع بصورة عاجلة.
وكشف "بلو" أنه يعمل حالياً على إعداد مقترحات عاجلة للمجلس للحد من آثار الأزمة وتفاقمها، والتي من أهمها دعوة أعضاء الجمعية العمومية لعقد اجتماع غير عادي تطبيقاً للفقرة "1/ب" من المادة "12" الواردة في النظام الأساسي التي تنص على أن الجمعية العمومية تعقد اجتماعاً غير عادي عند الحاجة للنظر في اضطراب أعمال الجمعية المالية أو الإدارية، وأنه يفكر في البحث مع مجلس الإدارة تلبية طلبات العديد من المستفيدين والمختصين والموظفين بالعودة لمسك إدارة الجمعية لفترة مؤقتة ريثما تحل الأزمة. وطالب "بلو" الداعمين بمد يد العون للجمعية من خلال تسريع تبرعاتهم السنوية وسداد رسوم اشتراك العضوية لتوفير سيولة نقدية عاجلة بمبلغ مليونَي ريال والعمل مع الجهات المعنية بالوزارة للحصول على الإعانة السنوية وحصتها من المكرمة الملكية التي خصصت للجمعيات الخيرية.
وأشار إلى أن الجمعية قد عقدت اجتماعها مع مركز التنمية الاجتماعية بجدة؛ حيث منح الأخير الجمعية ثلاثين يوماً لمعالجة الأزمة المالية والإدارية تفادياً للانهيار أو اتخاذ إجراءات لحل المجلس.
يذكر أن جمعية إبصار الخيرية أُسست في "10 /09 /1424هـ" بهدف القيام بتأهيل ورعاية وخدمة المعوقين بصرياً والعاملين على خدمتهم، ومنذ انطلاقتها عملت على اتخاذ عدد من الإجراءات والخطوات لتنويع أنشطتها التأهيلية والتوعوية لخدمة ذوي الإعاقة البصرية من خلال العمل مع المستشفيات والمراكز المتخصصين الأكاديميين في مجالات مختلفة والشركات الوطنية المتخصصة في مجالات التسويق والعلاقات العامة بهدف الوصول بالجمعية لتقديم أفضل الخدمات وترسيخ رؤيتها بين كافة شرائح المجتمع، فقدمت العديد من البرامج والأنشطة استفاد منها أكثر من "8000" معاق بصرياً من الذكور والإناث، و"2200" مختص في طب العيون والبصريات وإعادة التأهيل والتربية الخاصة.