كشف مسؤول حكومي حقائق حول واقع أوقاف الحرمَيْن الشريفَيْن في الخارج، وأشار إلى ثلاثة أسبابلفقدان كثير منها.
وأجاب وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للتنمية الاجتماعية، الدكتور عبد الله بن ناصر السدحان، في ورقة العمل التي قدمها أمس للملتقى الثالث للأوقاف، الذي يعقد بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات بفندقإنتركونتننتال الرياض 14-15 فبراير 2016، ويقام برعاية إعلامية من "سبق"، عن سؤال حول مصير أوقاف الحرمين الشريفين خارج السعودية، وكيف يمكن الاستفادة منها، واستعادة الضائع منها.
وحدد "السدحان" ثلاثة أسباب لفقدان كثير من أوقاف الحرمين الشريفين، تتمثل في: الاستعمار الأجنبي، طريقة توثيق الوقف وآليته وعدم وجود صلة مكانية وإدارية أو إشرافية بين الوقف وأوجه صرف ريعه.
وطرحت الورقة جملة من الحلول لاستعادة بعض الأوقاف الخاصة بالحرمين الشريفين، وضمان عدم اندثار الأوقاف مستقبلاً. ولتحقيق هذه الأهداف أكد ضرورة تطوير آلية توثيق الأوقاف بما يضمن عدم ضياعها حتى مع تطاول الزمن، والسعي لاستعادة الأوقاف الضائعة والمندثرة في عدد من دول العالم. واقترح لذلك الصرف بسخاء، والتوسع فيإعلان جوائز مالية، وتخصيص نسبة من الوقف لكل من يدل على وقف خاص بالحرمين الشريفين أو يكشف عنه، والاستفادة مما جاء في النظام الجديد للأوقاف في السعودية حول الأوقاف.
وفي الجلسة الثانية للملتقى بعنوان "الأوقاف وتطبيقاتها في واقعنا المعاصر" أكد طارق بن زياد السديري، الرئيس التنفيذي لشركة جدوى للاستثمار، وجود العديد من الفرص الواعدة التي من شأنها تنمية قطاع الأوقاف، والوصول به إلى مرحلة جديدة، تتوافق مع المعطيات المعاصرة، وتسهم في الاستفادة من موارده المالية بشكل ملائم، وتحقق طموحات الواقفين وكل القائمين على الأوقاف. وعرض في ورقته "إدارةالاستثمارات الوقفية: الطريق نحو النمو والاستدامة" تصوراً لاستثمار الأوقاف بما يساعد على تنوع الموارد المالية للقطاع.
وعدَّد "السديري" التحديات التي تواجه تنفيذ أفضل الممارسات في استثمارات الأوقاف في أربعة أسباب رئيسة، منها أن "الأوقاف العينية"تحد من قدرة الوقف على الاستثمار في محفظة متنوعة من شأنها أن توفر معدل عوائد ومخاطر أمثل، إلى جانب أن إدارات الأوقاف تركز على تنفيذ أهداف الوقف (استخدامات الأموال) أكثر من تركيزها علىإدارة استثماراتها (مصادر الأموال). وجاء في الورقة أن قطاع إدارةالاستثمار في السعودية يتحمل جانباً من التحديات التي واجهت استثمارات الأوقاف بأنه "لم يعط الاهتمام الكافي لاحتياجات الأوقاف، وركز على إدارة الأموال بدلاً من تقديم الخدمات الاستشارية الشاملة لإدارات الأوقاف".
ولفت "السديري" إلى ما وصفه بـ"التحيز للمعتاد"، وقال: عادة ما تنحاز العديد من الأوقاف لفئة أصول أو جغرافيات محدودة (مثل الأسهم أو العقارات المحلية) بحكم المعرفة السابقة لدى الإدارة أو مجلس الإدارة. وتناول بالتفصيل مختلف الجوانب الفنية التي تحقق النمو والاستدامة لاستثمارات الأوقاف.
وأشار إلى أن تنفيذ أفضل الممارسات في استثمارات الأوقاف هو ما تهدف إليه إدارة الاستثمارات الوقفية لضمان توافر الأموال المستدامةوالنامية، التي يمكن من خلالها تنفيذ مهمة الوقف بنجاح. وتتكون من ست خطوات، هي: تحديد كل من مصادر واستخدامات أموال الوقف، العائد المستهدف للوقف، استراتيجية توزيع أصول الوقف، هيكل الحوكمة للوقف، الهيكل التشغيلي للوقف وكذلك تحديد النموذج الإداري الأمثل لإدارة الوقف.
وكان زياد بن عبدالله الفواز، المحاضر بالمعهد العالي للقضاء، قد ناقش في الجلسة الأولى (أنظمة إدارة الأوقاف) الدور المرتقب من الهيئة العامة للأوقاف مؤكداً ضرورة سَن الأنظمة التي تسهم في ازدهار العمل الوقفي وانضباطه، لا تقييده وتعقيد إجراءاته، وتعزيز استقلال العمل الوقفي، وعدم سيطرة أي جهة عليه، والاكتفاء بسلطة القضاء الشرعي الرقابية عليه.
وأوصت الورقة بضرورة اعتبار القطاع الوقفي والخيري فاعلاً رئيساً في سائر المجالات الخيرية والصحية والاجتماعية والتعليمية وغيرها، دون بقاء هذه المجالات محتكرة في الأغلب للقطاع الحكومي أو الخاص. ولفت الفواز إلى أن تعنى الهيئة بتنزيل نصوص نظامها على الواقع بمهنية واحترافية عالية، تستثمر أحدث ما توصلت إليه تقنيات العصر، وتبث فيها روح العطاء والتعاون مع الواقفين والنظار والمستفيدين لتحقيق تنمية القطاع.
وقدمت الورقة قراءة في دور الهيئة تجاه الأوقاف، وطرحت سؤالاً: ما الذي تريده الأوقاف من الهيئة؟ واستعرض الفواز الوضع السابق لتولي وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد شؤون الأوقاف، وأكد إبراز دور قطاع الأوقاف في النهضة بالمجتمع، وقال: ثمة آمال مرتقبة من الهيئة، منها: أهمية العمل بمهنية واحترافية، وتوفير البيئة المحفزة للعمل الوقفي، والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة فيإدارة العمل الوقفي أو غير الربحي.
ومن جانبه قال بدر بن محمد الراجحي، رئيس مجلس نظارة أوقافالشيخ محمد بن عبدالعزيز الراجحي: إن هناك صكوك أوقاف لا تحمل فكراً مستقبلياً وصكوكاً تحمل في طياتها تعطيل الوقف، وبعضها يؤديإلى اندثار الوقف. وذكر في الورقة التي قدمها ضمن محور "أنظمة إدارةالأوقاف" أن أكثر الأوقاف تعثراً أو تعطلاً هو بسبب ضعف صك الوقفية؛ لأن صك الوقف هو النظام والمرجع الأساسي للوقف والجهات الرسمية أو غيرها.
وأوضحت الورقة أن غالب واقع الأوقاف الحالية هي الأوقاف ما بعد الممات؛ كون الوقف قبل الممات لم يكن ثقافة شائعة في المجتمع، وأن الوصايا التي تحولت إلى أوقاف كانت وصية بسيطة جداً، وترتكز على سبعة مرتكزات: المرتكز الأول: العين الموقوفة. وغالباً ما تكون العين الموقوفة لا تدر مالاً، مثل الأراضي؛ وبالتالي يضعف الوقف.