تفاجأ المكفوفون بمعوقات عديدة تكبلهم من ممارسة رياضة المشي والاستفادة من المشروع الذي جهزته أمانة جدة، بمبالغ مالية كبيرة دون مراعاة المواصفات والمقاييس على حد زعمهم.
والتقت "سبق" عددًا من المكفوفين والمختصين لرصد آرائهم، حيث قالت الناشطة الاجتماعية سندس قوقندي وهي كفيفة البصر: ذهبت أخيرًا إلى ممشى التحلية أنا وصديقاتي الكفيفات فرحًا منا بهذه المبادرة التي أطلقها سمو الأمير خالد الفيصل بأحقيتنا في ممارسة رياضة المشي، وقد لاحظنا عدة معوقات أجبرتنا على التوقف عن المشي والعودة إلى منازلنا.
وبلغت أبرز المعوقات: ارتفاع مستوى الرصيف العادي حيث يصعب الوصول للممشى، وأن الأرضية غير متساوية، بالإضافة إلى وجود أحجار متكسرة، المسارات في منطقة واحدة فقط، وارتفاع المسارات الذي يعيق التحرك بالعصا البيضاء ويعرضها للتلف بأسرع وقت، وظهور فجوات وفتحات بين المسارات مما تعيق حركة العصا البيضاء وحدوث أي سقوط، كما أن الشكل العام للمسارات غير مناسب مما يؤدي إلى نزعها سريعًا وهذا ما شاهدناه حيث كانت عدة قطع منزوعة، وجود الأعمدة متلاصقة مع المسارات وتصادف الكفيف فتؤدي إلى اصطدامه.
وأضافت: ومن المعوقات التي واجهتنا هي عدم وجود خريطة مكانية بطريقة برايل توضح الشكل العام للمشي، وغياب الحواجز عن أطراف الممشى حيث إنها تشكل خطرًا لوجود الأطفال لمواجهتها على الشارع العام، تجاهل وضع الإعلانات أو يافطة توضح لمرافق الكفيف عن موقع أي جزء بالممشى المجهز للمكفوفين، وعدم توفير مواقف سيارات لذوي الإعاقة، حيث إن الحالية غير آمنة لوقوف السيارة بعيدة عن الرصيف المرتفع كي يفتح السائق أو المرافق الباب.
وبيّنت قوقندي قائلة: بما أننا من أصحاب الشأن والمستفيدين من هذه المبادرة نقترح عمل مطبات صناعية عديدة بجوار مواقف السيارات كي تقلل السيارات من سرعتها بجوار المواقف لسلامتنا عند نزولنا من السيارة، أيضًا وضع يافطة وإعلانات على الجزء الخاص بمسارات المكفوفين بالممشى من جميع الجهات لاستدلال المرافق أو السائق على الموقع المهيئ، كذلك تزويد منطقة الممشى المهيئ بلوحات مكتوب عليها بلغة برايل كمية المساحة المهيئة بالأمتار لكل جهة مقسمة كي نعلم كم المسافة المقطوعة كم متر، أيضًا إزالة الخطوط وعمل أخرى أقل ارتفاعًا وقريبة من الأرض فقط لتوضح أن هذا مسار وليس مطبات صناعية، وإضافة إلى تلوين المسارات بلون فسفوري لضعاف البصر، كذلك البعد عن الأعمدة والعوائق بمسافة كافية كي لا نصطدم بها أثناء المشي.
وتابعت: بأنه نحن بحاجة إلى المساندة ومساعدتنا على الاعتماد على أنفسنا وليس زيادة إعاقتنا، ولذلك نرجو من أمانة جدة عدم اعتماد مثل هذه المسارات وتخصيص مهندسين في مجال الوصول الشامل بجودة عالية حتى نتمكن من الاستقلالية.
وقالت منى محمد : لم أتمكن من معرفة موقع المكان المهيئ من الممشى لعدم وجود لوحات إرشادية وعند الوصول لم أتمكن من المشي على المسارات بأريحية، مما شكل لي عائق كبير أثناء ممارسة الرياضة، مطالبة بتدخل الجهات المختصة ومعالجة السلبيات.
ومن جانب آخر أوضح لـ"سبق" طارق إمام مستشار في مجال التأهيل وتهيئة البيئة لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، أنه عند القيام بأعمال تهيئة المشي بالمسارات الخاصة بذوي الإعاقة البصرية فإنه يستلزم الأخذ في الحسبان عوامل عدة لتسهيل الوصول الشامل للكفيف وأيضًا للمرافق الذي يرافقه للموقع نفسه والذي لا غنى عنه في القيادة واصطحاب الكفيف إليها، وذلك بداية باللوحات الإرشادية لمرافق الكفيف والاستدلال على المواقع المهيئة بالمسارات، أيضًا المواقف الخاصة بالممشى والذي يستوجب زيادة عرضه بنسبة تسمح للشخص النزول إليه بمساحة متسعة ولا يكون على الشارع ملاصقة كي يصبح بأمان كافٍ، كذلك تثبيت (عين القطط) على طريق السيارات المجاور للمواقف كي يسمع صوت الإطارات لينتبه الكفيف، وتزويد الممشى بلوحات إرشادية مكتوبة بلغة برايل موزعة على الأقل بالأربع زوايا توضح المساحة المهيئة بالمسارات وإجمالي الكمية المهيئة.
وبيّن إمام أنه يجب اختيار المواد الخام الخاصة بالمسارات وفقًا للمواصفات المعتمدة والمعالجة ضد عوامل التعرية المختلفة (درجات الحرارة المرتفعة -الأمطار - الرطوبة)، كذلك اختيار ألوان خاصة تتماشى مع الألوان الموجودة كي تتناسب وضعاف البصر أو من لديهم بقايا بصر، مشددًا على معالجة الأرضية أولاً وألا يزيد ارتفاع المسارات على (1سم) لمستوى الأرضية بعد المعالجة، مشيرًا إلى تثبيت المسارات بمواد غير قابلة للنزع، مبينًا أن كل تلك المواصفات والاشتراطات المتعلقة بتسهيل الوصول الشامل وأيضًا بتيسير وتسهيل رياضة المشي للمكفوفين داخل ممشى التحلية، حيث لم يؤخذ بالحسبان، لافتًا إلى أن المساحة المخصصة لها والتي يفترض أنها 1000 متر كما تداولتها الدعاية عنها في حين أنها لم تتعد 400 متر على أرض الواقع.
وقد قامت "سبق" بالتواصل مع إدارة العلاقات العامة والإعلام بأمانة جدة للتعليق حول ملاحظات المكفوفين بالمسار الخاص الذي تم إنشاؤه أخيرًا، ولكن لم نجد ردًا من قبلهم طيلة الأسبوع الماضي.
ويُذكر أن هاني أبو راس أمين محافظة جدة، قد دشن أخيرًا الممشى الخاص بالمكفوفين في ممشى شارع النهضة بحي الروضة والموازي لطريق الأمير محمد بن عبدالعزيز "التحلية"، حيث قال إن الممشى عبارة عن مسار خاص للمكفوفين بطول 1000م ويحتوي على 4 منافذ خاصة للمكفوفين مزودة بالمسارات الأرضية، بالإضافة إلى خريطة بشكل بارز قابل للمس من قِبل الأشخاص المكفوفين (برايل) توضح تفاصيل الممشى ومواقع الدخول والخروج منه وتحديد الوجهة داخل الممشى، حيث تمكنهم من التنقل باستقلالية وأمان ودون حاجة إلى المرافق, وكذلك توجد النقاط التحذيرية عند أي تقاطع أو انتهاء للمسار وهي عبارة عن نقاط بارزة لتنبيه الأشخاص المكفوفين بوصولهم لتلك التقاطعات والمفترقات لتوخي الحيطة والحذر أثناء مشيهم.