أصدرت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - وهي جهاز حكومي رسمي، يرأسه مسؤول متخصص في الشريعة بمرتبة وزير - حول حادثة المقيم البريطاني بياناً، توضح فيه ما حدث من واقع تحقيقات لجنة عليا مهمة، شارك فيها مسؤولون على درجة كبيرة من الأمانة والحرص، ووصلت إلى نتائج مهمة تدين رجال الهيئة المتورطين في الحادثة، وتعاقبهم بالنقل والإبعاد إلى أعمال إدارية، ليس لها علاقة بالعمل الميداني. واستخدمت اللجنة كلمات محددة قوية، مثل "ثبت للجنة صحة المقاطع المتداولة، وما حدث بين البريطاني وزوجته، وفرقة الهيئة، والقفزة المشهورة".. بمعنى أنهم يؤكدون من التحقيقات ومقابلة أطراف القضية صحة الأحداث التي تمت؛ إذ ثبت وقوع الواقعة، ومباشرة الفرقة أعمالاً ليست من اختصاصها، ولم تتواصل مع الآمر المناوب، وتصرفت بشخصنة للموضوع. وأهم ما لفت نظري قول تقرير اللجنة ما يأتي "ثبت للجنة تواطؤ أعضاء الفرقة على الكذب، ومحاولة تضليل اللجنة، كإنكار ظهور بعضهم في المقطع المصور، وتناقض إفاداتهم في تحديد مشرف الفرقة واسم العضو الذي تعامل مع الشخص الأجنبي وصعد الموقف، وغيرها". وهذا أخطر ما في الأمر. فهل يستهين رجال أُوكلت لهم مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالكذب وهم يعرفون قُبح هذا السلوك في الدين الإسلامي الحنيف؟! ولم يذكر البيان مؤهلات أعضاء الهيئة ودراستهم، وهل هم من خريجي كليات الشريعة وأصول الدين أم أن تعليمهم محدود؟ وما هي مراتبهم الوظيفية وتاريخ عملهم في الهيئة؟ ذلك أن القضية أصبحت رأياً عاماً، بل رأياً دولياً لوجود مقيم أجنبي ينتمي لدولة مهمة عضو في مجلس الأمن، ولها إعلامها المهم. وفي المقابل، أصدر رجال الهيئة بياناً يحتجون فيه على نقلهم، ويواجهون الرئيس ومن معه من كبار مسؤولي الهيئة بأعمارهم وقدرهم ومناصبهم ومؤهلاتهم العلمية والعملية المعتبرة، ويطالبون بإحالة الأمر للقاضي الشرعي. وعند النظر في أحداث سابقة للهيئة نجد أنها متعددة، منها ما أدى إلى حالات وفاة وقتل، ومن ذلك حادثة حريق المتوسطة 31 للبنات بمكة المكرمة، ووفاة 14 طالبة، وحادثة المطاردة في المدينة المنورة في قضية الخليل، وقضية مركز سلطانة، ووفاة المواطن البلوي في منطقة تبوك، وقضية العريجاء، ومقتل مواطن بعد ضربه من قِبل فرقة ميدانية للهيئة.. ثم قضية مطعون العيون في حائل، وغيرها من القضايا المختلفة لبعض رجال الهيئة.