جديدنا.. صكوك طائرة!

جديدنا.. صكوك طائرة!
يخطو العالم خطى سريعة نحو التقدُّم العلمي والتقني ونحن نعود القهقرى بفضل المتشبثين بالأرض والقابضين على ما لهم وما للآخرين وحتى ما للدولة من ممتلكات، ما كان لأحد أن يجرؤ على المساس بها، أو هكذا نعتقد!
 
وتستمر فئةٌ راق لها اسم "هوامير" في مهر أراضي الغير بأختام جشعها كيفما تيسَّر لها ذلك، بالتزوير أو بالنفوذ أو بكليهما! حتى بتنا أمام حقيقة ما يسمى بِـ"الصكوك الطائرة"، وهو المصطلح الذي أصبح متداوَلاً بين المعنيين بالعدالة في أروقة محاكمنا الموقرة! وهو الاسم الذي تطلقه وزارة العدل على صكوك "مزورة" لأراضٍ لا رصيد لها من المساحات على أرض الواقع! وهي أشبه ما تكون بالشيك بدون رصيد! إذ يقوم المزور بتثبيت أرض على مواقع حكومية عامة، أو على أراضٍ مخصصة لإقامة مرافق عامة! وتلك ـ من وجهة نظر شرعية ـ تُعدُّ من جرائم التزوير والاعتداء على الممتلكات العامة تحت ذرائع مختلقة؛ تستدعي تقديم مرتكبها للعدالة، وتطبيق العقوبة الرادعة بحقه!
 
الأمر عظيم جدًّا إذا ما علمنا أن وزارة العدل استردت من قبضة الهوامير خلال عام ونصف العام فقط ما يُقدَّر بمليار متر، حسبما ورد في موقع "قانون نِت" من أخبار القضاء!
 
وبعيداً عن حصر شبه مستحيل لحالات نهب الأراضي.. وعلى سبيل الذكر والتذكير بالأمس القريب فقد تناقلت الصحف المحلية ومواقع التواصل خبراً مفاده صدور حكم شرعي، يقضي بإلغاء صك طبقه "مسؤول كبير سابق" على أرض كانت قد خُصصت لإنشاء حديقة عامة! ومن قبل وليس ببعيد أصدرت لجنة التعديات بإمارة منطقة مكة أمراً باستعادة نحو 50 مليون متر مربع من قبضة من يطلق عليهم "هوامير الأراضي"، وتسليمها لوزارة الإسكان للبدء بتنفيذ مشاريعها السكنية، بعد أن استعانت الوزارة بالمقام السامي لتخليص تلك المواقع من أيدي المعتدين عليها، وكان لها ما أرادت رغم مقاومة السماسرة!
 
ولنا أن نتصور كم هي المدة التي يحتاج إليها ملفّ قضية واحدة من على شاكلة تلك الحالات ليبت في أمرها، وتُسترد الحقوق؟! وكم من الأعوام انطوت ومشاريع حيوية وخدمية تكلف مئات الملايين تجمدت في الخرائط وتحجّرت في المخططات بانتظار استعادة أرض مخصصة لإقامتها، ترزح تحت وطأة الهوامير؟! وبالتالي فكم من مراحل مفصلية تمس حياة المواطن في خطط التنمية قد تعطلت ورحلت لأعوام أُخَر؟!
 
خلاصة القول: إننا نتخلف عن المتسابقين في هذا العالم المتقدم الخطى بمراحل، أحسبها تقدر بأضعاف ما يحدثه الهوامير والمتنفذون وسماسرتهم من أضرار بخطط التنمية الشاملة الطموحة! وأضعاف أضعافها بنفوس المواطنين الذين لقي بعضهم ربّه وهو يحلم بقطعة أرض؛ يقيم عليها بيتاً يضم أسرته! أو بمرفق خدمي يوفر له أسباب عيش كريم! ولعل أحداً لا يستطيع التنبؤ بجديد "الهوامير"، وما سيجد من أساليب مكر وخداع وتزوير لنهب ما ليس لهم فيه حق، إن لم يجدوا من يتصدى لهم ولألاعيبهم وجشعهم، كما فعلت وتفعل وزارة العدل مشكورة، بجهود رجالات قضاء مخلصين؛ استحقوا الإشادة والثناء نظير ما استردوه لهذا الوطن وأهله من قبضة من لا يُشبع بطونهم كل تراب الأرض! والله المستعان! 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org