زلازل!!

زلازل!!

ما انفك الناس في منطقة جازان يتحدثون عنها منذ حدوث الهزتَين الأرضيتَين الأولى والثانية، وللحظة التي حدثت عندها هزة ثالثة أخيرة "منذ ساعات"، شعر بها سكان محافظة أبوعريش! كما شعر القاطنون بسابقتيها في عدد من محافظات ومراكز وقرى المنطقة بدرجات متفاوتة، تبعاً لاختلاف مواقعهم من مراكز الهزات، التي استمرت كل هزة منهما بضع ثوانٍ، وفي كل مرة كانت كفيلة بهز المقاعد والأغراض المنزلية على مرأى ومسمع من شهود، سيروون تفاصيلها لأجيال كما رووها لوكالات الأنباء ومراسلي الفضائيات والصحف، ولم ينتج منها ـ بفضل الله ولطفه ـ أية خسائر بشرية أو مادية، إلا أنها أثارت العديد من المخاوف التي كان مصدرها القلق الدائم من زيادة منسوب المياه في العديد من سدود المنطقة وتجاوزها الطاقة الاستيعابية في بعضها! علاوة على عدم توافر الخبرات اللازمة للتعامل مع كوارث من هذا القبيل عند المواطنين! وضعفها عند كوادر الأجهزة المعنية بمواجهة تداعيات الزلازل! وسُبل التخفيف من نتائجها وآثارها إن وقعت بدرجات مؤثرة لا قدر الله!
اللافت للانتباه أن تسمع من المسؤولين "ناطق رسمي" من يهيب بالمواطنين أخذ الحيطة والحذر! ويطالبهم باتباع إرشادات السلامة في مثل هذه الحالات متمنياً السلامة للجميع! في الوقت الذي لا تتوافر فيه أية إرشادات متاحة أصلاً للاطلاع عليها، ومن ثم اتباعها! ولا خبرات سابقة كالتي عند اليابانيين، بقدر يؤهلهم لأخذ "الحيطة والحذر"!
ومن هنا فإن التعامل مع مؤشرات كهذه يستوجب المسارعة من قِبل الجهات المعنية بوضع آلياتها وإمكاناتها وكوادرها في مواجهة واقع لا يستبعد معه حدوث هزات بدرجات أعلى وأكثر تأثيراً! في ظل جهل المواطن بما يتوجب عليه اتباعه حال حدوث هزة أرضية، وعدم وجود غرفة عمليات مشتركة للجهات ذات الصلة، على هيئة "خلية مواجهة أزمات"! على المستوى الذي يؤمن الكفاءة اللازمة والقادرة على تقديم أدوار مسندة إليها بتناغم وتكامل من شأنه التقليل من أي آثار محتملة في تطورات لاحقة وغير مستبعدة على خارطة المنطقة، الثابت علمياً وقوعها على خط زلازل وبؤر براكين، لطالما أشار إليها الخبراء في هذا المجال فرادى، وعلى هيئة منظمات ومؤسسات علمية!
لم يعد من الحكمة ولا المقبول أن يستمر التعاطي مع الهزات الأرضية كحالات قَطْع متهور لإشارة مرورية! ولا نشوب حريق محدود بمستودع أثاث! المسألة أعقد بكثير، وقد يصعب التعامل مع تداعياتها بالإمكانات المتاحة للأجهزة المخولة بالتعامل مع حوادث لها مساس مباشر بحياة البشر وممتلكاتهم! وفي ظل انعدام القدرة على التنبؤ بحدوث الزلازل ـ كما هو ثابت حتى للدول الأكثر تعرضاً للزلازل والأعرق خبرة في مواجهتها! - فإن الحيطة هي ـ بعد الاستعانة بالله ـ ما يجب أن تعمل على أساسه الجهات الحكومية كافة، كل من موقع مسؤوليته؛ من أجل التخفيف من أي آثار للهزات على الناس والحياة، وهذا أقصى ما يملك الإنسان فعله! وأخص ما تتطلبه الحالة سرعة بث الوعي ونشر ثقافة التعامل مع كوارث من هذا النوع، حيث التجمعات البشرية وفي المدارس والمعاهد والمصانع والمراكز السكنية والتجارية.. ولتكن حملة وطنية جادة بدلاً من العمل الفردي المنقوص مهما توخينا فيه الكمال!

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org