اقتصاديون: أطماع التجار تلقي بـ3 مليارات ريال شهرياً في سلة القمامة

الجمارك السعودية حاربت السلع المقلدة والمغشوشة بقوة
اقتصاديون: أطماع التجار تلقي بـ3 مليارات ريال شهرياً في سلة القمامة
عيسى الحربي-سبق -الرياض: تواصل أسواق المملكة استنزاف مزيد من الخسائر بسبب السلع المقلدة والمغشوشة، التي تملأ الأسواق، وفشلت كل المحاولات التي بُذلت في وقت سابق، في الحد من تسرب السلع المغشوشة إلى الداخل، بعدما تأكد أن أسواق المملكة هدف كبير للعديد من السلع المقلدة على الرغم من أضرارها المالية والصحية.
 
وتتفاقم ظاهرة الغش والتقليد التجاري في السوق السعودي، وتتجاوز الخسائر الناجمة عنها 40 مليار ريال سنوياً، أي بمتوسط 4.5 مليار ريال كل شهر، وفقاً لدراسات تمت مناقشتها في مجلس الشورى، ورغم الجهود التي تبذلها الجهات المعنية، وعلى رأسها مصلحة الجمارك السعودية للحد من دخول السلع المغشوشة والمقلدة، إلا أن الكميات التي تتسرب منها إلى الأسواق كبيرة وضخمة.
 
وأعلنت "الجمارك"، في إحصاءات رسمية أن إجمالي قيمة السلع الواردة إلى المملكة في العام الماضي (٢٠١٤م)، بلغ ٦٥٢ مليار ريال، بوزن تجاوز ٨٤ مليون طن، كما بلغت قيمة الصادرات ١٩٠ مليار ريال، بوزن ٥٢ مليون طن، مشيرة إلى أنها ضبطت 109 ملايين وحدة قياسية مقلدة في المنافذ الجمركية البرية، والبحرية، والجوية، بنسبة بلغت ١٣% مقارنة بما تم ضبطه في عام ٢٠١٣م، التي شهدت ضبط ١٢٥.٥ مليون وحدة.
 
وأفادت الجمارك أن إجمالي ما تم رفض دخوله للمملكة لعدم مطابقته للمواصفات القياسية عام ٢٠١٤م، بلغ 90 مليون وحدة منخفضة بما نسبته ٢٦% عن عام ٢٠١٣م، والتي كانت ١٢٢ مليون وحدة، مشيرة إلى أن هذا الانخفاض يعود إلى ما اتخذته الجمارك من تدابير وإجراءات جمركية لإحكام الرقابة والتدقيق من خلال الأنظمة الآلية ونظام إدارة المخاطر، وكذلك انخفاض ما تم إعادته لعدم المطابقة للمواصفات بتقيد المستوردين بالمواصفات المعتمدة.
 
فسح السلع
ويتهم خبراء ومحللون اقتصاديون بعض رجال الأعمال بتعمد استيراد كميات كبيرة من السلع المغشوشة والمقلدة، نظراً لما توفره من أرباح جيدة، لا توفرها السلع الأصلية، ويطالبون بإيجاد آلية أكثر جدوى في منع دخول هذه السلع إلى أسواق المملكة، بينما يؤكد رجال الأعمال أن لهذه السلع عملاؤها من الزبائن الذين يبحثون عن كل ما هو رخيص، في زمن ارتفعت فيه الأسعار وغلا فيه ثمن كل شيء.
 
وفي الوقت ذاته، يوجه البعض أصابع الاتهام إلى وزارة التجارة، وهيئة المواصفات والمقاييس والجمارك السعودية، ويؤكدون أنها لم تقم بالدور المطلوب منها في هذا الجانب.
 
من جانبها قالت هيئة المواصفات والمقاييس إن وفداً يضم الهيئة ووزارة التجارة، قام بزيارة إلى الصين، للتفاهم مع المسؤولين هناك على تفعيل برامج تحد من تداول السلع الصينية المغشوشة ، وغير المطابقة للمقاييس في السعودية، والتي تدخل الأسواق السعودية.
 
وأضافت: إن الجهات الرقابية هي المحرك الأكبر للقضاء على السلع المقلدة والمغشوشة، مطالبة بتعاون المواطن والمقيم في برامج الحد من استخدام هذه السلع". مشيرة إلى برنامج إجراءات جديدة لتسهيل فسح السلع المستوردة، بعد ضمان جودتها.
 
غش التوصيلات الكهربائية
ويقول أحد التجار لـ"سبق": إن أسواق السعودية مليئة عن بكرة أبيها بالسلع المقلدة والمغشوشة، التي ترد بكميات من الصين وتايلند، مؤكداً أن "السلع الأصلية باتت قليلة وبعضها نادر في أسواق المملكة". مضيفاً: "آلاف المحال التجارية في المملكة، تعتمد اليوم على تسويق السلع المقلدة والمغشوشة، وترفض التعامل بالسلع الأصلية، بداعي أن الأولى يكثر عليها الطلب في أسواق المملكة لرخص أسعارها، كما أنها تحقق لهم ربحاً جيداً "، مشيراً إلى أن "ذروة الغش التجاري تجلت في التوصيلات الكهربائية والأفياش".
 
وأوضح أن قرابة 70% من التوصيلات الكهربائية الموجودة في أسواق المملكة، مغشوشة ومقلدة، وتم استيرادها من الصين وتايلند والهند، وتباع بأسعار متدنية للغاية، بيد أن أضرارها كبيرة جداً على مستخدميها، إذ إنها تتسبب في اندلاع الحرائق بسبب الالتماسات الكهربائية، وعدم قدرتها على تحمل الضغط العالي للتيار الكهربائي".
 
إلى هذا، تشير إحصاءات إدارة الدفاع المدني إلى أن الأدوات الكهربائية المغشوشة وراء 65 في المائة من الحرائق الناجمة عن التماسات كهربائية، لعدم قدرتها على تحمل الأحمال المرتفعة. وتشدد الإدارة على أهمية صيانة التمديدات والأجهزة الكهربائية بشكل دوري بواسطة فنيين مختصين وعدم الاعتماد على العمالة العشوائية غير المدربة مع أهمية متابعة الأطفال بصورة دائمة وعدم تركهم وحدهم في المنزل مع وجود ما يشكل خطورة على حياتهم.
 
ويقر تاجر آخر بعمله في السلع المقلدة والمغشوشة، قائلاً: "الناس في المملكة اعتادوا على هذه السلع، ويسألون عنها إذا لم يجدوها، وهذه ليست مشكلة التاجر، الذي يبحث في نهاية الأمر عن الكسب والربح الوفير، سواء من سلع مقلدة أو أصلية". ويضيف "معظم زبائن هذه السلع من المقيمين من ذوي محدودي الدخل، الذين لا يستطيعون شراء السلع الأصلية مرتفعة الثمن، ويبحثون عن الأرخص والأقل سعراً".
 
الإضرار بالصين
وينتقد اقتصاديون المستوردين السعوديين، مؤكدين أنهم ليسوا أبرياء من ظاهرة انتشار السلع المغشوشة، ويتحملون نسبة كبيرة من وجود هذه السلع بأسواق المملكة، ويدل على ذلك، ما أفصح عنه الصينيون أنفسهم، عندما أعلنوا أن المستوردين السعوديين يبحثون عن السلع الأقل في الصين، ويتركون السلع الجيدة، لأن أسعارها مرتفعة".
 
ويرون أن هؤلاء المستوردين أضروا بمقدرات الوطن وألقوا أموال عملائهم في الأرض بشراء هذه السلع، كما أضروا بسمعة دولة مصنعة مثل الصين، التي أكدت أنها تنتج سلعاً ذات جودة جيدة، بجانب السلع الرخيصة ذات الجودة المتدنية".
 
من جانبهم يطالب مواطنون بإيجاد آلية جديدة، للحد من تسرب السلع المغشوشة والمقلدة، وقالوا: "ظاهرة الغش لم تقتصر على مجال بعينه، إذ تنتشر في كل المجالات، مثل قطع غيار السيارات، والسلع الكهربائية، والمنزلية، وأدوات السباكة والكهرباء وأدوات التجميل والعطورات وغيرها"، مشيرين إلى أن الأموال المستثمرة في هذه السلع لا فائدة منها، ويخسرها المجتمع في لحظات، بسبب رغبة التجار من المستوردين في الربح الوفير من وراء تسويق هذه السلع".
 
ويقر آخرون بأن ضعف القدرة الشرائية لدى بعض المواطنين والمقيمين في المملكة وراء انتشار تسويق هذه السلع، وقالوا: "غلاء الأسعار، أجبر البعض على البحث عن السلع الرخيصة وإن كانت ذات جودة أقل، ولكن لو فكر هؤلاء في الأضرار الناجمة وراء استخدام هذه السلع، لوجدوا أن خسارتهم منها فادحة، بالمقارنة لو استخدموا سلعاً أصلية مرتفعة السعر قليلاً، ولكنها لا تجلب الضرر"، مشددين على أهمية وجود برامج توعوية لأفراد المجتمع تحذرهم من استخدام هذه السلع".
 
جهود كبيرة
 وتعقد مصلحة الجمارك في كل عام منتديات مع خبراء ومتحدثين عالميين لمحاربة السلع المغشوشة والمقلدة، وسوف تحتضن العاصمة الرياض في الأيام الثلاثة القادمة "المنتدى العربي الرابع لمكافحة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية ".
 
كما أن هناك جهات أخرى تعمل جاهدة لمحاربة السلع المغشوشة وتقوم بعمل تكاملي مع "الجمارك"، وهي وزارة التجارة والصناعة، وهيئة المواصفات والمقاييس .

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org