وفاء العامل "أبو مدلاج"!

وفاء العامل "أبو مدلاج"!
الوفاء صفة قد لا يجيدها الكثيرون، بل إن بعضنا قد ينكرها على من يتصف بها، ويتهمه بالرياء ومحاولة الظهور وتقمص شخصية لا تنطبق عليه، بينما الأوفياء الحقيقيون يتعمدون إظهار الوفاء بشتى صوره لمن يستحقه منهم دون رياء أو منة؛ فنرى الطالب وفيًّا لمعلمه، والموظف مع مديره، ورجل الأمن مع قائده..
 
لقد بهرتني صورة من صور الوفاء، أبطالها معلمون وأحد العمال المقيمين، الذي يعمل لدى المدرسة؛ فقد قامت ثانوية الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله – في الجوف بتكريم عامل النظافة محمد أبو مدلاج (هندي الجنسية) بمبلغ مالي وبعض الهدايا العينية. ورغم احتياج ذلك العامل للمال؛ فقد جاء لهذه البلاد، وتغرب عن أهله ووطنه لطلب الرزق، وربما أن أبناءه يتضورون جوعاً، لكن ذلك لم يمنعه من الاعتراف بالجميل لمن كان له الفضل في تعليمه؛ فلقد تبرع ذلك العامل البسيط بما حصل عليه من تكريم لشراء أقلام ومستلزمات للمدرسة التي تعلَّم فيها في بلده الهند؛ لأنه رأى أنه حان الوقت ليعيد لمدرسته بعض الجميل الذي وجده في صغره عندما تلقى العلم فيها. هذا الوفاء الذي انغرس في داخل هذا العامل قلَّ أن نجده اليوم في مجتمعنا.
 
عندما قرأت هذا الخبر تذكرت أصحاب رؤوس الأموال الذين امتلأت خزائنهم من خيرات هذا الوطن، حتى أن بعضهم لا يستطيع إحصاء أمواله لكثرتها، وتساءلت كغيري عما قدموه لمدارسهم التي تعلموا فيها؟ وماذا قدموا للمستشفيات التي تعالجوا فيها؟ وماذا ساهموا به لجيرانهم ولأبناء وطنهم المحتاجين من خدمات جليلة تحسب لهم؟ فلم نسمع في يوم أن رجل أعمال قام بزيارة مدرسة من المدارس للبحث عن المحتاجين من الطلاب لمساعدتهم! ولم نسمع أن آخر زار مستشفى لمعرفة حاجة المرضى أو التبرع بجهاز لغسيل الكلى أو إصلاح أجهزة متعطلة عن العمل!
 
إننا في حاجة إلى أن نتعلم من هذا العامل البسيط اعتزازه بوطنه ووفاءه لمدرسته؛ فهو يعلم أن هناك من هو في حاجة إلى مساعدته، ممن لا يملكون أقلاماً أو مستلزمات مدرسية.. وكم من أناس يعيشون بيننا، لا يملكون قوت يومهم، ولم يجدوا من يلتفت إليهم!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org