"سارة".. بأي ذنب قُتلت!

"سارة".. بأي ذنب قُتلت!
أثارت قضية "شاب يقتل شقيقته بجدة" جدلاً واسعاً في المجتمع السعودي، نتج منها صحوة كثير من النساء تجاه حقوقهن غير المعترف بها باسم الأعراف والتقاليد، ومنها زواج السعوديات من الأجانب.
 
ولمن يتساءل، هل هناك وأد للبنات اليوم؟ فأقول: إن وأد البنات كان عادة عند العرب قبل الإسلام خوفاً من العار، وما زالت تتجدد حتى وقتنا الحاضر، ولكن بطرق مختلفة؛ فهناك آلاف الفتيات يُقتلنَ معنوياً لتسلط الذكورة وغياب الرجولة.
 
وبين حالات التعنيف والقتل والعضل آلاف القصص والقضايا التي تختفي خلف أسوار دار الحماية الاجتماعية، أبطالها الأب والأخ والزوج وولي الأمر، وضحاياها النساء.
 
وعندما نبحث عن الأسباب نجدها في كثير منها اختيار الفتاة الزواج ممن رضيت "دينه"، ولم يرض أهلها عن جنسيته أو نسبه، أو حتى لم يكن مطابقاً لمواصفاتهم المشروطة.. إلخ، وهو حق بديهي، شرعه لها ديننا الحنيف؛ ما أدى ببعضهن إلى التفكير بالانتحار كحل نهائي (بحسب إحصائيات وزارة الداخلية السعودية تزايد حالات الانتحار بين الفتيات وحوادث محاولات الانتحار. وفي تقرير عن وزارة العدل السعودية مؤخراً أشار إلى أن قضايا عضل الفتيات السعوديات التي لا تزال منظورة في مختلف المحاكم السعودية بالمناطق تجاوزت 400 قضية. وفي سياق التقرير الذي تناولته وسائل الإعلام السعودية هناك قضايا من هذا النوع غير منظورة بالمحاكم بسبب الأعراف الاجتماعية).
 
فكرة متمردة اجتماعياً أن تتزوج الفتاة السعودية من غير سعودي؛ فهناك ما يحكمنا قبل الدين، وهو العرف الاجتماعي، فما زال بعضنا يعيش في حقبة جاهلية، وكأنه لم يبعث فينا رسول، رسم لنا قاعدة واضحة وصريحة بقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" رواه الترمذي. يحق للمرأة اختيار زوجها كما يحق ذلك للرجل، والحصول على مهرها كاملاً، وأن لا يتدخل ذووها في ذلك المهر، ولا يجوز منعها وحرمانها من حقها الشرعي والإنساني لمجرد أن ولي أمرها له وجهة نظر مختلفة، تتعلق بموضوع التكافؤ الاجتماعي، فالتكافؤ لا يكون في المستوى الاجتماعي فقط؛ فلا بد من النظر إلى المستوى التعليمي والفكري والمادي والأخلاقي.. وما يهم هو رضا واختيار وقبول المرأة؛ لأن هذه حياتها.
 
وما زالت هناك حقوق للمرأة السعودية حرمت منها مقارنة بشقيقها الرجل مجاراة لعادات المجتمع وبعض التقاليد ونظرته لها. ولنا في رفض الصحابية "بريرة" لشفاعة الرسول ﷺ بزوجها نموذج انطلق من نور الإسلام؛ إذ كفل لها كرامتها وحقوقها.
 
فعندما ينشأ الذكر في مرحلة الطفولة وعقله مغذى على أنه الوصي والمتحكم في أخواته الإناث، حتى وإن كُنَّ أكبر منه، ستظل أي واحدة منهن صغيرة في نظره، وعليها أن تطيعه.. فلا عجب عندما نصدم بقصة سارة وغيرها من القصص.
 
اعتنوا بعقول أبنائكم في الصغر، وعلموهم احترام الأنثى؛ حتى يعتنوا ويرتقوا بالمجتمع من بعدكم، فما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم.
 
فمن المؤسف اعتراف وزارة الشؤون الاجتماعية بوجود أكثر من ثماني معوقات تواجهها في تطبيق نظام الحماية من الإيذاء؛ فهي تواجه تجاهلاً أمنياً واجتماعياً، ولا بد من تشريع قوانين شرعية وصريحة في المحاكم، تحمي حقوق المرأة، وإحلال العقوبات الرادعة في قضايا العنف ضدها، وتكثيف الجهود التوعوية.. وهنا دور المثقفين والمثقفات ومتخذي القرار في البلد، مثل علماء الدين والسلطة السياسية.
 
كما أتمنى من عضوات مجلس الشورى أن يكون لهن موقف حاسم لمثل تلك القضايا.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org