اقتصاديون لـ "سبق": ​ناقوس الخطر يدق​ .. ولا بُدَّ​ ​​​من ​تنويع ​الاقتصاد السعودي​

حالة ترقب وقلق والكثير من التساؤلات بشأن تأثير تراجع أسعار النفط
اقتصاديون لـ "سبق": ​ناقوس الخطر يدق​ .. ولا بُدَّ​ ​​​من ​تنويع ​الاقتصاد السعودي​
- ​"السعودية"  تنتج نحو عشرة ملايين برميل يومياً بحسب البيانات الرسمية وهي أكبر مُنتجي النفط في العالم.
- الزامل: الإنتاج الأمريكي للنفط زاد خلال ثلاث سنوات أكثر من 50 % وخلال سنوات قد تتوقف عن استيراد أيِّ نفط.
- البو عينين: السعودية ستتأثر من حيث الدخل إلا أنها قادرة على التعايش مع الأسعار المنخفضة من خلال تقليص الإنفاق.
- الشنيبر: على دول الخليج البدء بتنويع اقتصاداتها.
​​- انخفاض أسعار النفط في الوقت الحالي إيجابياته ستطغى.
​​
خلود غنام- سبق- الرياض: أثار الهبوط الأخير في أسعار النفط حالة ترقبٍ وقلقٍ والكثير من التساؤلات بشأن تأثير التراجع في الأسعار على دول الخليج؛ التي يمثل البترول مصدراً مهماً لمواردها المالية، وهناك مخاوف متزايدة من انخفاضٍ أكبر في أسعار النفط في ضوء تراجع الطلب العالمي ووفرة المعروض، خاصة السعودية التي تتربع على عرش أكبر منتجي النفط في العالم وأكثر المستفيدين من ارتفاع أسعاره.
 
وتنتج السعودية نحو عشرة ملايين برميل يومياً بحسب البيانات الرسمية، وهي بذلك أكبر مُنتجي النفط في العالم، وتمثل مصدراً مهماً للطاقة بالنسبة لكثير من الاقتصادات العملاقة.
 
"سبق" فتحت هذا الملف وناقشت عدداً من المختصّين والخبراء الاقتصاديين حول أثر الهبوط وأسبابه وتداعياته المستقبلية.
 
تقلُّص الإنفاق الحكومي
توقع الخبير الاقتصادي "عصام الزامل"، أن يكون لهذا الانخفاض تأثيرٌ في الاقتصاد الوطني، حيث إن أكثر من 90 % من الدخل الحكومي مصدره صادرات النفط،  واقتصادنا يعتمد بشكلٍ أساسي على الإنفاق الحكومي على المشاريع، أو حتى في التوظيف، وانخفاض أسعار النفط سيعني تقلُّص الإنفاق الحكومي، وبالتالي سيؤثر ذلك سلباً في كل الاقتصاد.
 
وقال الزامل في تصريحٍ خاص لـ "سبق": مع الأسف لو استمرت مستويات أسعار النفط منخفضةً فقد يكون هناك تباطؤ بالاقتصاد وزيادة في نسب البطالة. وأضاف أن من أسباب انخفاض الطلب العالمي على النفط التقليدي، هو زيادة انتاج النفط الصخري بشكلٍ كبيرٍ جداً خلال السنوات الخمس الماضية، مما زاد المعروض بشكلٍ حادٍّ في سوق النفط العالمي. وهذه الزيادة في المعروض النفطي، هي السبب الرئيس لانخفاض أسعار النفط، كما أن الإنتاج الأمريكي للنفط زاد خلال ثلاث سنوات أكثر من 50 %، وأمريكا أصبحت أكبر مُنتجٍ للنفط، وخلال سنوات قد تتوقف عن استيراد أيِّ نفطٍ وتبدأ بالتصدير.
 
وتابع "قد لا نتأثر بالانخفاض إذا لم يستمر أكثر من سنة، لكن لو استمر الانخفاض لأكثر من ثلاث سنوات، فالتأثير فينا سيكون كبيراً جداً، لدينا الكثير من الاحتياطيات التي راكمناها خلال سنوات ارتفاع أسعار النفط، ولكن صندوق النقد الدولي أشار إلى أن هذه الفوائض قد تتآكل بشكلٍ كلي خلال خمس سنوات، لو استمر انخفاض أسعار النفط.
 
وأشار إلى أن تباطؤ الاقتصاد العالمي وزيادة الإنتاج النفطي الأمريكي هما من العوامل الرئيسة لانخفاض النفط.
التأثير يختلف من دولة لأخرى
يرى الكاتب والاقتصادي فضل بن سعد البوعينين، أن السعودية تعتمد في تمويل موازنتها على إيرادات النفط وبنسبة تزيد على 90 %؛ في الوقت الذي يصنّف فيه الاقتصاد السعودي بأنه اقتصاد ريعي، ويعتمد في حركته على الإنفاق الحكومي بشكلٍ رئيس؛ ما يعني أن حجم تأثير انخفاض النفط في الاقتصاد السعودي سيكون مؤثراً ولا شك؛ خاصة إذا ما استمرت الأسعار المتدنية لفترات طويلة".
 
وقال في تصريحه لـ "سبق": إنه ينبغي الإشارة إلى أن السعودية نجحت في بناء احتياطيات مالية ضخمة تحسباً لمُتغيرات الدخل المعتمدة على إيرادات النفط؛ وبالتالي ستكون لدى السعودية مصادر تمويل موازية لإيرادات النفط وقت الحاجة؛ وهي الاحتياطيات المالية، وهذا سيخفّف من آثار انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد السعودي. وبشكلٍ عام انخفاض أسعار النفط سيؤدي إلى انخفاضٍ في حجم الناتج الإجمالي؛ وبالتالي تقلُّص النمو المتوقع للاقتصاد السعودي.
 
وأضاف "هناك مجموعة من المؤثرات السلبية التي تسبّبت في انخفاض أسعار النفط عالمياً؛ بدءاً بانخفاض الطلب على النفط؛ وزيادة إنتاج النفط من قِبل الدول التي كانت مستوردةً له كالولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت بالتصدير المحدود أخيراً؛ ما أثّر سلبا في الطلب العالمي؛ إضافة إلى ظهور النفط الصخري بكميات كبيرة. ووجود فائضٍ في سوق النفط مما أدّى إلى تدهور الأسعار؛ إضافة إلى ضعف الاقتصاد العالمي بشكل عام؛ وهو أمر أثّر سلبا في أسعار المعادن الأخرى؛ ما يعني أن الآثار الاقتصادية كان لها دورٌ في انخفاض الأسعار".
 
 أخذ الحيطة والحذر
 ونفى "البو عينين" أن هذا الانخفاض لن يؤثر في المملكة ودول الخليج؛ حيث أشار إلى أنه عندما تنخفض أسعار النفط بنسبة 40 %،  فذلك يعني انخفاضاً حاداً في الإيرادات المالية؛ ومن الطبيعي أن يكون لذلك الانخفاض آثار مؤلمة على دول الخليج، إلا أن حجم التأثير السلبي قد يختلف من دولةٍ إلى أخرى؛ اعتماداً على تنوُّع مصادر الدخل؛ ووجود الاحتياطيات المالية، فالسعودية ستتأثر من حيث الدخل؛ إلا أنها قادرة على التعايش مع الأسعار المنخفضة من خلال تقليص الإنفاق؛ أو الاستمرار في حجم الإنفاق الحالي والسحب من الاحتياطيات؛ وإن كنت أتمنى أن تراجع السعودية حجم إنفاقها؛ وبما يتوافق مع حجم الدخل المتوقع؛ خاصة أن أسعار النفط الحالية قد تنخفض إلى مستويات أكثر خلال الأشهر القادمة؛ ما يستدعي أخذ الحيطة والحذر".
 
أما عن التداعيات المحتملة، فيقول:" أعتقد أن ما يحدث لأسعار النفط يُفترض أن يدفع الحكومة إلى وضع إستراتيجيةٍ تهدف من خلالها إلى إعادة هيكلة الاقتصاد؛ وتنويع قاعدة الإنتاج؛ وبالتالي تنويع مصادر الدخل، فالاعتماد على إيرادات النفط بنسبة تفوق 90 في المائة يجعل السعودية مرتهنةً لمتغيراته؛ وهذا أمرٌ غاية في الخطورة. وما يحدث اليوم في سوق النفط يجب أن يدق ناقوس الخطر لجميع دول الخليج، ويدفعها للعمل الجاد في تنويع اقتصاداتها؛ ومصادر دخلها لمواجهة المتغيرات المستقبلية".
 
سلبيات وإيجابيات
أكّد الرئيس التنفيذي لمجموعة إيكونسلت عضو لجنة الموارد البشرية بغرفة الشرقية، خالد بن محمد الشنيبر، لـ "سبق"، أن لهذا الانخفاض تأثيراً في الاقتصاد الوطني في الوقت الحالي، ولكن لا يعني ذلك أن الاقتصاد سينهار بسبب هبوط أسعار النفط، وكما سيكون هناك سلبياتٌ على الاقتصاد الوطني، ستكون هناك إيجابياتٌ أكثر".
 
 وتابع "تراجع أسعار النفط سيكون له تأثير كبير في استخراج النفط الصخري في الولايات المتحدة، والذي يحتاج إلى استثمارات عالية للحفاظ على الإنتاج، والاستثمار في النفط الصخري لن يكون مجدياً أبداً اذا استمرت أسعار النفط في هذه المستويات".
 
وأكّد الشنيبر "أن الانخفاض الحاصل سيكون له تأثيرٌ كبيرٌ في المملكة ودول الخليج،  وسيحدُّ من النمو الاقتصادي؛ بسبب الاعتماد الكلي على النفط خلال الفترة السابقة، وأتمنى أن تكون هذه الفترة كمرحلة إيقاظ لدول الخليج للبدء بتنويع اقتصاداتها، وعدم الاعتماد على النفط فقط في المستقبل، ومن وجهة نظر شخصية أرى أن انخفاض أسعار النفط في الوقت الحالي إيجابياته ستطغى على سلبياته، خصوصاً في المملكة، وعلى يقين تام بأن الحكومة مستعدة له".
 
انخفاض مؤقت
وبيّن الشنيبر "أن هناك أسباباً عدة لهذا الانخفاض؛ حيث هناك تطورات عديدة شهدتها دول الخليج بعد هبوط أسعار النفط، فالأوضاع الاقتصادية في المنطقة لعبت دوراً أساسياً في هذا الهبوط، والنفط يعتبر سلعة إستراتيجية تتأثر أسعاره بمتغيراتٍ عديدة؛ منها ما يمكن السيطرة عليه، مثل مستويات الإنتاج، ومنها متغيرات خارج السيطرة، مثل التطورات السياسية والاقتصادية، وما هو حاصلٌ في الوقت الحالي ترجع أسبابه إلى الأحداث السياسية التي تشهدها المنطقة، التي أدّت إلى استغلال المضاربين تلك الأحداث لخفض أسعار النفط عالمياً. وأيضاً لو رجعنا للأشهر الماضية فسنجد أن ارتفاع مؤشر سعر صرف الدولار الأمريكي بالنسبة للعملات الرئيسة ارتفع تدريجياً مما أدّى إلى انخفاض الطلب على النفط، وهذا له تأثير كبير في هبوط أسعار النفط".
 
وأوضح الشنيبر، أن "الانخفاض الحالي من المؤكد أنه مؤقتٌ والهدف منه سياسي بحت، وليس من مصلحة الاقتصاد العالمي أن ينخفض سعر النفط أكثر من تلك المستويات، وأرى أن الأوضاع السياسية في المنطقة ستلعب دوراً كبيراً في استقرار أسعار النفط على تلك المستويات لمدة لا تقل عن 8 أشهر".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org