فقيه وأمانة جدة.. والهفوة بعشرة

فقيه وأمانة جدة.. والهفوة بعشرة
تم النشر في
قرأت التوضيح الذي نشره رجل الأعمال السعودي عبدالرحمن عبدالقادر فقيه، بخصوص المشاريع التي استثمر بها بالاشتراك مع أمانة جدة، الخاصة بأماكن لم تكن مستغلة، وقام هو بضخ استثماراته التي وصلت إلى ما يقارب المليار ريال - كما ذكر التوضيح - الذي أشار فيه إلى أن قيمة ما تم تحصيله من إيرادات لم تتجاوز 40 % من قيمة النفقات، وأن النية المبيتة بعدم تجديد العقود من قِبل أمانة جدة ستؤدي بهم إلى خسارة فادحة مادياً ومعنوياً وتحفيزياً، فضلاً عن إشارة أمانة جدة إلى فكرة الاحتكار واتهامهم العديد من المستثمرين بذلك، بما يشمل استثمارات فقيه السياحية.
 
حقيقة، وتحسباً لأية مضاعفات للأمر، وقبل مشاهدة أية ردود من أمانة جدة الكريمة التي نكنّ لها كل الاحترام، ودخولنا في نفق غير إيجابي، لا يخدم لا الاستثمار والاقتصاد ولا الصورة العامة، فعلينا أن نوضح بعضاً من الأمور الرئيسية، أهمها:
إنه لا مانع من اللجوء للإعلام لتوضيح الآراء. وما قام به "فقيه" لتوضيحه أمرٌ صحي وحيوي، لكنه يسجَّل أيضاً في خانة التحليل. إنها مرحلة وصل إليها بعدما أُقفلت بوجهه كل الأبواب والمحاولات للوصول إلى اتفاق مُرْضٍ ومنطقي مع أمانة جدة. وفي الوقت نفسه هو رد من قِبله على أية اتهامات يعتقد أنها أساءت له بغير وجه. 
 
لنتفق أيضاً على أن وصوله إلى هذه المرحلة وخروج التوضيح بهذه الصورة، وإن كان له أي تأثير سلبي، يتحمله أمانة جدة؛ لأنها المسؤولة المباشرة؛ وكان الأولى والأجدر ألا تصل مثل هذه السلبيات إلى الإعلام بهذا الشكل؛ فدائماً هناك حلول وسط، وحلول مُرضية، وحتى إن وصل الأمر إلى طرق مسدودة في المجال المتنازع عليه نفسه فإن مجال الاستثمار والمشاركة مفتوح في طرق أخرى.
 
أنا لا أروج لأسلوب جبر الخواطر، ولا أرفض أسلوب الحزم في التعاملات، لكني أرفض الأسلوب الذي قد يؤدي إلى خلق مشكلات وسلبيات نحن في غنى عنها، أو كان من الممكن تفاديها.
 
"فقيه" في توضيحه قدّم أرقاماً وبيانات، وتكلم بأسلوب الحسرة والمعاتبة، وإن كانت قضية الاحتكار واردة فلا أعلم هل يتحمل مسؤوليتها المستثمر أم الأمانة نفسها على مر عصورها. 
لست مطالبا بالتجديد له أو عدمه، بل أطالب بأن تكون القنوات مفتوحة على الدوام، والحكمة في دولة حكيم العرب والإنسانية أبي متعب تستوجب أن نتعامل بالأسلوب الذي يحقق أقصى فائدة ممكنة للصالح العام. والشيخ عبدالرحمن فقيه رجل أعمال سعودي، له بصمات كغيره من رجال الأعمال في الاقتصاد السعودي، وهو شخصية تستحق التقدير والاحترام، وله بصمات خيرية كثيرة.
 
نعم، من حق الأمانة الرد على "فقيه"، وتقديم بيانات وتوضيحات، لكن الأمر في حينها يدخل في مهاترات لا داعي لها، ولا إيجابية تتحقق من ورائها. 
 
أعلم أن هناك لجاناً لفض النزاعات، كما أعلم أن هناك سياسة عامة يتبعها كل أمين في إدارته، قد تعتمد على خبراته وشخصيته، لكنها ليست قرآناً منزَّلاً، بل هي اجتهادات تُقبل وتُرفض. 
 
الأمر الآن يحتاج إلى هدوء وفتح باب حوار للوصول إلى نقطة تحقق المصلحة العامة، ومعالجة السلبيات السابقة بشكل حكيم ومتدرج، لضمان أن القادم دائماً أفضل. وإن اعتبرنا أن وصول فقيه لهذه المرحلة هي هفوة من أمانة جدة فهفوة الشاطر بعشرة، فكيف ستكون المعالجة؟ هذا ما ننتظره في قادم الأيام.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org