المفتي يُحذّر من فئة نمَت بين المسلمين وعُرفت بانحرافها وطيش عقولها

خلال خطبة الجمعة بجامع الإمام تركي بالرياض
المفتي يُحذّر من فئة نمَت بين المسلمين وعُرفت بانحرافها وطيش عقولها
واس- الرياض: حذّر مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، المسلمين من فئة نبتت ونمَت سوءًا بين أظهر المسلمين؛ مبينًا أن هذه الفئة شذّت عن الأمة، وعُرفت بانحراف أخلاقها وطيش عقولها، وشذّت عن جماعة المسلمين، وخرجت عن الولاة الشرعيين وكفّرت إخوانها المؤمنين واستباحت الظلم والإجرام، وقتل الأنفس البريئة الآمنة ظلمًا وعدوانًا، من خلال عمليات انتحارية مجرمة آثمة خطط لها أعداء الإسلام من قريب أو بعيد، ومَن لا دين له ولا أمانة عنده.
 
جاء ذلك في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في جامع الإمام تركي بن عبدالله؛ مبينًا فيها أن هذه الفئة كفّرت المسلمين واستباحت دماءهم وأعراضهم ظلمًا وعدوانًا، وهي فئة ظالمة مجرمة لا تبحث عن الخير؛ وإنما هم فئة مجرمة مع ما يقومون به من تمهيد الطريق لأعداء الإسلام للاستيلاء على بلاد الإسلام والعبث فيها والإخلال بأمنها واستقرارها وتهديد الدول المجاورة لها؛ لا سيما الحرمان الشريفان؛ ولكن الله لهم بالمرصاد.
 
وأكد سماحته أن هذه الفئة من المفسدين الظالمين يرتكبون إجرامًا عظيمًا بقتل الأبرياء، وفي مساجد الله التي لم تَسلم من شرهم، قال الله تعالى: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم}؛ منوهًا بوجوب احترام دور العبادة؛ سواءً كانت للمسلمين أو لغيرهم.
 
وأفاد أن هذه الفتن والمحن ستزيد المواطنين ثباتًا واستقامة على الحق، والتفافًا مع القيادة والقائمين على أمر المسلمين؛ قائلاَ: "نحن جميعًا مع القيادة، نؤيدهم على الحق، ونقف بجانب الحق وضد الباطل، ونعلم أن هذه المؤامرات امتحان واختبار لقوّتنا وتماسكنا.. فالله المنة".
 
وأشار سماحته إلى أن هذه الفئة الباغية الضالة حذّر رسول الله أصحابه وسائر المسلمين منها؛ لذا فليحذر الناس من شرها وليعلموا أنها فئة ضالة، جاءت لتخدم أعداء الإسلام ولتكون جسرًا لأعداء الأمة ينفذون عليها يدمرون أخلاقها وقِيَمها؛ فيا معشر المسلمين هذه الحوادث المؤذية تدل على أن هؤلاء أعداء صريحون بعداواتهم؛ بل أعلنوا في إعلامهم أنهم وراء هذه المؤامرة؛ افتخارًا بها، يستغلون ثقة الأبرياء في حرم الله، مُصَلّون يصلون ما جرمهم وما ذنبهم؟! ولكن هؤلاء المجرمين لا يفرّقون بين حق وباطل، غُسِلت عقولهم وغُيّرت فِطَرهم وانتماؤهم؛ فالعياذ بالله من سوء هؤلاء ومن ضلالهم العظيم.
 
وبيّن أن الدماء حرّم الله سفكها مؤمنة كانت أو معاهدة؛ مستدلًا بقوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وعذبه عذابًا عظيمًا"، ولا تُسفك الدماء إلا بالحق؛ فقتل المسلم وقتل المعصوم؛ كل ذلك محرم في كتاب الله؛ فهذه الفئة المجرمة لا تبالي بذلك؛ بل أسهمها موجهة على الإسلام؛ لأن فكر هؤلاء الخوارج تدمير المسلمين وسفك دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
 
وأكد أن العالم الإسلامي عانى من هذه الفئات الباغية منذ عصوره الماضية، وتعرّض للشدائد والبلايا على أيدي المارقين الخوارج الضالين المضلين، الذين لا خير فيهم، والذين هدفهم سفك الدماء وتدمير الممتلكات وإخافة الآمنين، قال صلى الله عليه وسلم: (يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَأَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ، يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ وَلاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ أينما لقيتموهم فاقتلوهم).
 
وشدد على ضرورة كشف مخططات هذه الفئة المجرمة، وفضحههم ومَن يتعاون معهم، والمؤمن لا يصلي ولا يصوم ولا يتعامل مع هذه الفئة الباغية، إن دينه سيمنعه -بجانب صلواته وإيمانه- من أن يتعامل مع هذه الفئة المجرمة الضالة، هذه الفئة الضالة الخبيثة المخبثة لا خير فيها ولا في مبادئها؛ ولكنها الشر المحض والبلاء العظيم، عافاني الله وإياكم من شرهم إنه على كل شيء قدير.
 
وأوصى سماحة مفتي عام المملكة في خطبته، بالحرص على ما ينفع المسلمين، والاستعانة بالله سبحانه وتعالى والتوكل عليه جل وعلا في كل الأحوال؛ موضحًا أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال "المؤمن القوي خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير"؛ مبينًا أن المؤمن القوي كلما قَوِيَ الايمان في قلبه ازداد حبًّا لله عز وجل، ولرسوله عليه الصلاة والسلام.
 
وشدّد على أن المؤمن القوي حِصن حصين أمام كل تحديات الأعداء لا يُقِرّهم على باطلهم، ولا يرضى بشرهم؛ بل يأتي ويوضح مخططاتهم، ويتعاون مع كل جهة مسؤولة في سبيل القضاء على هؤلاء المجرمين، وفضحهم وكشف خفاياهم لأنهم دعاة ضلال؛ مؤكدًا أن المؤمن القوي موقفه من أولاده موقف الحق والعدل، ويرفض الباطل، ويكشف عن مخططات أعداء الإسلام، ويوضح للملأ ما انطوت عليه نياتهم الخبيثة.
 
وأوضح سماحته أن المؤمن القوي يجب أن يكون قويًّا بأخلاقه، عند الوقوف مع المظلوم، حتى يؤدى له حقه، قال صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، قالوا يا رسول الله ننصره مظلومًا؛ فكيف ننصره ظالمًا.. قال: تردعه عن الظلم فذلك نصرك إياه).

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org