الديوان الملكي و"الصحة" و"بنك القيادات"

الديوان الملكي و"الصحة" و"بنك القيادات"
مما لا شك فيه أننا نحن المواطنين نلمس حراكاً إيجابياً لدى القيادة الرشيدة في استقطاب كفاءات عالية للمناصب القيادية الحكومية، مع الاهتمام بشريحة الشباب وإعطائهم الفرصة للإسهام في تنمية السعودية.
 
إلا أننا، ومن خلال مرحلة الحزم والصرامة التي تشهدها السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، والتي أثلجت صدورنا، بحاجة ماسة لمزيد من التطوير والتحسين لآليات اختيار تلك الكفاءات.
 
وقد أشرت في مقال سابق بعنوان "ناقوس الخطر يدق القيادات الحكومية" إلى ضرورة العمل وفق خطط استراتيجية وطنية متكاملة لاكتشاف القيادات الوطنية المؤهلة، وتمكينهم في القطاع الحكومي. وقلتُ إن الطريق في ذلك ميسرة وممهدة، وتحتاج فقط إلى مزيد من الاهتمام والإرادة والعمل المؤسسي.
 
وقلتُ إن من أهم المؤشرات التي تستدعي سرعة التعامل وفقاً لذلك ما أشارت إليه "الخدمة المدنية" من أن 25 % من شاغلي الوظائف القيادية الحكومية مؤهلاتهم دون الجامعية!!؛ ما يعني أن ربع القيادات في الدوائر الحكومية قد لا يمتلكون التأهيل الكافي ولا المهارات القيادية لإدارة قطاعاتهم.
 
وأشرت إلى أن جزءاً كبيراً مما نعايشه ونشاهده من خلل في الخطط الاستراتيجية والسياسات، وتعثر المشاريع، وفشل بعض البرامج، واستشراء الفساد الإداري في بعض القطاعات، وضعف الأداء والرقابة، هو نابع من ضعف في القيادات الحكومية بمستوياتها المتعددة.
 
ودعوني أقف معكم ملياً حول التغيير المستمر لوزراء الصحة؛ إذ تعاقب عليها خلال ما يربو على السنة خمس قيادات، منها اثنتان في أقل من شهرين!! ومن وجهة نظري، فذلك مؤشر إيجابي بالغ الدلالة على أن قيادة الحزم لن ترضى إلا بالأفضل في المرحلة الحالية. وفي الوقت نفسه هو مؤشر يسترعي الانتباه، ويستدعي مزيداً من العمل لاختيار القيادات الوطنية من خلال منهجية علمية ميسرة كما ذكرت.
 
وهنا أقترح على الديوان الملكي الموقر إنشاء ما يمكن تسميته "بنك القيادات"، تكون مهمته الأساسية اكتشاف تلك القيادات على المستوى الوطني، والتسهيل على صاحب القرار اتخاذ قرارات تعيين المناصب القيادية وفق منهجية علمية، تضمن اختيار الأكفأ والأجدر، ووفقاً لمنهجنا الإسلامي "القوي الأمين". 
على أن يشمل هذا البنك بناء قاعدة معلومات متكاملة حول أفضل الكفاءات الوطنية، مفصلة بناء على مهاراتهم الإدارية، ووفقاً لكل تخصص، وذلك من خلال آلية شاملة ومتكاملة، شفافة وغير متحيزة.
 
هذه الخطوة النوعية لن تكلف الكثير من الوقت ولا المال، لكن أثرها الإيجابي سيحقق مكاسب هائلة في دفع عجلة التنمية في السعودية، وتحقيق الاستثمار الأفضل للموارد المالية، في ظل الميزانيات الضخمة للكثير من الوزارات، التي يعادل بعضها ميزانيات دول بأكملها. 
ولعل أنسب قطاع يمكن أن يؤدي مهمة إنشاء "بنك القيادات" هو مجلس الشورى.
تحدثني قناعتي الشخصية بأن وزارة الصحة تمتلك من الكفاءات الوطنية القيادية، على المستوى المركزي أو الطرفي، ما يجعلها في سُدة الوزارات الخدمية المتميزة في السعودية، إلا أنها مغمورة، ولم تُعطَ الفرصة بعد؛ وتحتاج لمن يبحث عنها ويكتشفها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org