أحييت الأمل فينا.. يا معالي الوزير

أحييت الأمل فينا.. يا معالي الوزير
شرفتُ بحضوري المؤتمر الذي نظمه معهد الإدارة العامة، برعاية خاصة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود، في الفترة من 10-12 بمركز الأمير سلمان بمقر المعهد الرئيس بالرياض، بعنوان "القيادات الإدارية الحكومية في المملكة العربية السعودية.. الواقع والتطلعات ".
 
وقبل أن أدلف إلى موضوعي الأساس، لا بد أن أعترف لكم بأنني أحرص كل الحرص على حضور أي فعالية يتبناها معهد الإدارة العامة؛ وذلك يعود إلى أنني أعتبرها فرصة مناسبة لكي أستمتع بقضاء بعض الوقت في أحضان هذا الصرح العملاق، والاستمتاع بالتنظيم الدقيق الذي يعكس عملاً احترافياً مؤسسياً لإدارة العلاقات العامة بالمعهد، إضافة إلى أنها بالنسبة لي فرصة لا تتكرر لمن هم مثلي ممن يبحثون عن آخر ما توصلت إليه تكنولوجيا الإعلام والاتصال، من تقنيات عرض واتصال وتصوير وربط مباشر باستخدام تقنيات الاتصال عن بُعد، وهو ما لا تجده متوافراً بشكل احترافي إلا في معهد الإدارة العامة، وهي شهادة أُدين الله بها.
 
فكما يستثمر المعهد في العقول فهو كذلك يستثمر في التسابق إلى مواكبة كل جديد في مجال الاتصال والإعلام. فكل شيء في هذه المعهد له وظيفة يؤديها، وهي درجة من النجاح تمثل قمة التناغم والتحكم في الظروف الزمانية والمكانية، وحرفية تسخير العنصر البشري لكي يبدع بحق.
 
ولم يخيّب ظني المعهد؛ فقد وجدته برجاله وتقنياته في الموعد.
 
وفي الحقيقة، كان المؤتمر فرصة للإثراء المعرفي، بما قدمه من فعاليات ومناقشات علمية مهمة في مجال القيادة الإدارية.
 
وقد كنا في الموعد مع اللقاء المنتظر لمعالي الدكتور عبد الرحمن بن عبدالله البراك، وزير الخدمة المدنية؛ فقد استطاع معاليه خلال ثلاثين دقيقة أن يعيد لنا الثقة التي كدنا نفقدها في أنظمة الخدمة المدنية التي عانت عبر عقود من الزمن العقمَ المستدامَ، ولم تفلح جميع المحاولات اليائسة في إصلاحها.
 
لقد قدَّم لنا معالي الوزير ما نريد سماعه، وليس ما يريد هو أن يسمعنا إياه؛ ولذلك أنصت الجميع، وأعجب الكثير بما قدمه معاليه. وبصراحة، يمكن القول إنه أحيا فينا الأمل الذي كدنا نفقده فيما يتعلق بإصلاح أنظمة الخدمة المدنية؛ لتؤدي دورها في المجتمع، وتدعم حركة التنمية المستدامة؛ لتؤتي أكلها بحول الله.
 
لقد قدَّم معاليه معالم مشروع شبه متكامل لإعادة هيكلة نظام الخدمة المدنية؛ ليلبي متطلبات المرحلة التنموية التي تمر بها الأجهزة الحكومية في المملكة العربية السعودية؛ وتتناسب المخرجات مع ما يُبذل في القطاع الحكومي من ضخ أموال في التدريب والتأهيل، ودفع الحوافز.
 
ومن أبرز ما سمعناه من معاليه هو تحويل نظام الترقي على المراتب العليا في الأجهزة الحكومية من اللائحية إلى التعاقدية. بمعنى ربط الترقية على المراتب العليا القيادية ببرنامج عمل يقدمه المترشح أو المترشحون من الجنسين على هذه الوظيفة؛ وبالتالي من سيتم اختياره للتعاقد معه على ذلك يعرف مسبقاً أن أمامه مدة لا تزيد على أربع سنوات، أو حسبما يحدده النظام، لينجز برنامجه، وإلا خسر منصبه، وتمت محاسبته.
 
وإن كُتب لهذا الأمر المرور فإنه – لعمري - سيكون المحك الحقيقي لكثير ممن يكثر كلامهم ولكن جعجعة بدون طحين. وأتمنى على وزير الخدمة المدنية أن يدرج كل الوظائف الحكومية تحت طائلة المساءلة، وأن يحولها لعقود تُجدَّد سنوياً؛ حتى نستطيع أن نقضي على الطبقة العالة على الوظيفة الحكومية.
 
فالوظيفة عند البعض هي ضمان اجتماعي، ولكن عندما يعرف هذا البعض أنه من السهل أن يخسر وظيفته إن تقاعس عن الالتزام بأداء المهام المناطة به فعندها فقط سيعيد هذا المتكاسل ومن هم على شاكلته حساباته لآلاف المرات، وينضبط في أداء عمله، أو يترك المجال لمن هو أهلٌ للوظيفة.
 
إن حقيقة ما صرَّح به معالي وزير الخدمة المدنية ليس لها من تفسير إلا أن الوزارة قررت المضي في طريق الاستثمار في تدريب وتطوير المنظومة الإدارية بشكل عام، وتأهيل القادة بالشكل الصحيح بشكل خاص، وهذا يتطلب منها تحديد دقيق للمستويات القيادية؛ فعدم الوضوح من شأنه أن يؤدي إلى هشاشة النظام الإداري في الجهة أو المنشأة العاملة.
 
وعليها كذلك إقرار نظام أو قانون صارم للمحاسبة، إضافة إلى تحديد الصلاحيات لكل مسؤول؛ حتى لا تتداخل القرارات، ويحدث اللبس، وتمكين القادة الجدد الذين يعملون بنظام العقود من ممارسة سلطتهم بكل حرية، وعدم التدخل من القيادات العليا، طالما أن هناك محاسبة في نهاية المدة التي أُنيط بها العقد لهؤلاء القادة. وهذه الطموحات التي يحملها معالي الوزير بقدر ما أثلجت صدورنا إلا أنها جعلتنا نحترق شوقاً إلى رؤيتها قريباً واقعاً معاشاً.. ونعدك بأن نكون أوفياء معك، بحول الله وقوته. 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org