إدارة بالكوارث.. ومسؤولون من الفضاء!

إدارة بالكوارث.. ومسؤولون من الفضاء!
تم النشر في
في علم الإدارة هناك عدة صور للتعامل الحكومي مع المواطنين وإدارة الدولة، يسمى "الإدارة المحلية"، وهو علم مبذول في كل الجامعات، ويوفر الصورة المناسبة لإدارة الأحوال والأمور المعيشية شديدة الصلة بالمواطن، وبعيدة تماماً عن أي توجهات سياسية.
 
الإدارة المحلية معناها أن يعيش المسؤول مع المواطن، ويشعر بكل مشاكله، صغيرها وكبيرها، ولا ينشغل بغير تلك المشاكل، ومن ثم يبدع في إيجاد الحلول الملائمة لها، بل يقع ضمن نطاق هذه الإدارة التنبؤ بالأحداث قبل وقوعها ومحاولة تلافيها على وجه السرعة.
 
والإدارة المحلية من المفترض أن تغسل يديها من كل الأمور السياسية، فهي لا تتدخل في شؤون الحكم، ولا في الخلافات السياسية التي تقع ضمن إطار الإدارة السياسية، من حيث التخطيط لإدارة شؤون الدولة في مستوياتها السياسية العليا.
 
والإدارة المحلية لأهميتها البالغة يختار لها الأمناء على حياة الناس ومعايشهم، الأكفاء في أداء مهامهم، الذين لا يتوانون عن خدمة الناس، دون أن يكون لهم لون سياسي محدد، أو توجه فكري وأيديولوجي يؤثر في تعاملهم مع المواطنين، ومن ثم على أداء مهامهم.
 
المشكل عندنا أننا اخترعنا نظاماً إدارياً جديداً، صحيح أننا لم نضع له اسماً يعرف به، ولكن يبدو لي أن ألصق اسم به هو "الإدارة بالكوارث"، أي أن المسؤول الموقر ربما لا يتحرك من مكتبه ولا يعلم بمشكلة يعانيها المواطنون حتى تقع الكارثة، فيظهر على الشاشات متحدثاً عن مبادرات وحلول خلاقة لعلاج المشكلة!
 
ويا ليت المسؤول عند كل كارثة تقع أو مشكلة يواجهها المواطن يضع حلاً جذرياً لمنع تكرار الكارثة، وعلاج المشكلة، ولكنه يكتفي بحلول مؤقتة، ريثما تهدأ الضجة الإعلامية، وتسكن الأصوات المرتفعة، ويتم طمر الضحية، ثم يذهب مجدداً ليتكئ على مكتبه، في انتظار كارثة أخرى.
 
لقد وقعت كارثة السيول في جدة، منذ سنوات، ومازالت السيول تداهمنا كل عام في بعض المدن، ولا حلول عند السادة المسؤولين، ورغم ذلك، مازالوا في أماكنهم، وعلى مكاتبهم، يحتسون مشروباتهم المفضلة، ويجدون عند كل كارثة فرصة لظهور إعلامي بـ"نيولوك جديد"، أما الكارثة ونتائجها فهي من نصيب المواطنين.
 
وقعت "لمى" في بئر عميقة، وفشلنا في استخراجها، حينما نعجز عن استخراج طفلة من بئر، برغم الإمكانيات الضخمة، متعللين بعلل واهية، بل نشنف آذننا كل يوم بجديد عن ردم الآبار، وملاحقة الفوهات المفتوحة، وكأن السادة المسؤولين أتوا من كوكب آخر، ولم يروا من قبل بئراً مفتوحة تهدد المواطنين.
 
يحسب لحكومتنا أنها مبدعة وخلاقة في الإدارة بالكوارث.. وليس قبل الكوارث!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org