عبد الله البارقي– سبق– الرياض: لا يزال الحزم يشع في سياسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، فقد كان خطابه المدوي هو الحدث السياسي الأهم اليوم؛ ليس لأنه عبّر عمّا يجيش في نفوس وقلوب المواطنين السعوديين من ألم وحزن لما تعرض له إخوانهم في "القديح بالقطيف" من جريمة نكراء، وإنما لقرب الملك من جميع المواطنين وأنهم جميعاً أهله فقد أظهر خطابه أن أبناء الوطن مثل الجسد الواحد، وما يمس الوطن من اعتداءات متوالية من الجماعات الإرهابية يتأثر به الجميع من حاكم ورعية.
وقد حمل خطابه الموجه لولي العهد الأمير محمد بن نايف ألماً للحادث الإرهابي الذي طال أهله في قرية القديح في القطيف بالمنطقة الشرقية في يوم الجمعة أثناء صلاة الجمعة، والجريمة النكراء التي أقدم عليها الإرهابيون حيث عبر قائلاً: قد فجعنا جميعاً بالجريمة النكراء التي استهدفت مسجداً بقرية القديح مخلفة ضحايا أبرياء، ولقد آلمنا فداحة جرم هذا الاعتداء الإرهابي الآثم الذي يتنافى مع القيم الإسلامية والإنسانية.
للخطاب مضامين تعكس الدبلوماسية السعودية الداخلية وتأثرها بما يمس جسدها، حيث إن جميع المواطنين يمثلون ذلك الجسد وكذلك القوة الحازمة وصرامتها في مواجهة الأحداث الإرهابية التي تحاول المساس بذلك الكيان الواحد.
الخطاب وضع النقاط على الحروف، حينما قال خادم الحرمين الشريفين: إن كل مشارك أو مخطط أو داعم أو متعاون أو متعاطف مع هذه الجريمة البشعة سيكون عرضة للمحاسبة والمحاكمة، وسينال عقابه الذي يستحقه، ولن تتوقف جهودنا يوماً عن محاربة الفكر الضال ومواجهة الإرهابيين والقضاء على بؤرهم.
إذ يبدو أن الملك سلمان أراد أن يوجه رسالة مفادها أن تلك الجماعات وأعوانهم ومن يشاركهم سينالهم العقاب، وأن الحرب لن تتوقف على الإرهاب وأن معركته ضد الإرهاب بدأت لاجتثاثهم من بؤرهم.
ويأتي التأكيد في خطابه على المساواة بين المواطنين وعدم التفريق بين مواطن ومواطن، ومنطقة وأخرى، وأنهم جميعاً أهله حيث أوصل تعازيه لهم عن طريق ساعده الأيمن ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف.
بذلك يثبت الملك سلمان أنه في زمن الحزم وفي زمن القوة؛ وليست العسكرية فحسب بل القوة المعرفية والمعلوماتية، وهي متوفرة لدى المملكة، وهي قادرة على التعامل مع أي تحد إرهابي مهما كان شكله يريد المساس بهذا الوطن وأطيافه.
ولعل البعد في هذا الخطاب هو التوجيه بتعاون المواطنين مع رجال الأمن والإبلاغ عن أي مشتبه به له علاقة بتلك الجماعات التي تحاول أن تتمدد خفية لتضر بالوطن والمواطن، وذلك بما يتلقاه الإرهاب من دعم من الداخل والخارج.
فمن الخطاب يظهر الحزم، فالملك سلمان وأمام مسؤوليته التاريخية يضع العالم أمام حقيقة مهمة، وهي الحرب على الإرهاب ومن يساهم فيه أو يتعاون ويشارك لأنه لا مجال للفوضى وانتظار المزيد من التطرف والانشقاق داخل المملكة، فتلك الجماعات الإرهابية لا تستثني أبشع الوسائل والأساليب في القتل والتدمير، كما أنها لن تتوقف عن تضليل فئات الشباب، التي تستغلها الجماعات الإرهابية لتجنيدهم وتوظيف قدراتهم وطاقاتهم لخدمة المصالح السياسية الدولية والإقليمية في تفشي الإرهاب.