وهل في الإسكان غض للنظر؟!

وهل في الإسكان غض للنظر؟!
من المهام الرئيسية للدولة والحكومة أن توفر الحد الذي يكفل لكل مواطن العيش الكريم، فهو من حقوق المواطن على حكومته، لاسيما إذا كانت إمكانيات الدولة المادية والاقتصادية في المستوى الذي يسمح لها بتوفير هذا الحد في كل المجالات المعيشية.
 
فمن مهام الدولة أن توفر لمواطنيها سبل الحصول على معايشهم من خلال توفير فرص العمل المناسبة، التي من خلالها يمكن للمواطن الحصول على العائد المادي، الذي يكفل له الحصول على متطلباته المعيشية من ضروريات، كالتعليم والسكن وغير ذلك.
 
وحق المواطن في هذا الصدد يعود بالنفع على الدولة؛ لأن أساس الانتماء إلى الوطن هو شعور المواطن باهتمام الدولة به، وأن الحكومة تشعر بمشكلاته، ومن ثم تسعى لإيجاد حلول جذرية لها، وهو ما يعزز من فرضية انتمائه وحبه لهذا الوطن.
 
ولعل قضية السكن تأتي في مقدمة المشكلات التي يعاني منها المواطن، وليست المشكلة في توفير السكن فحسب، ولكن توفير السكن الملائم بالقيمة المالية التي تناسب المواطن ودخله، حتى لا نضع رؤوسنا في الرمال، ونذهب بعيداً في علاج تلك المشكلة.
 
والحكومة، وبالأخص وزارة الإسكان، لابد أن تعلن وبصراحة كل ما يحيط بمشكلة السكن من إحداثيات، ولا تغرر بالمواطن بإحصائيات أو بيانات أو معلومات قد تكون صحيحة في جانب، وغير مكتملة في جانب آخر، مما يغبش على الحقيقة ويجعلها ملتبسة في ذهن القارئ والمتابع والمواطن نفسه.
 
ومن قبيل ذلك ما صرح به وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر، من  أن آخر الإحصائيات تفيد بأن 60% من العائلات السعودية تمتلك مساكن خاصة؛ بغض النظر عن ملاءمة تلك المساكن للسكن أم لا، وفق ما نقلت عنه صحيفة اليوم الصادرة بتاريخ الجمعة 02 ربيع الأول 1435 هـ، الموافق 03 يناير 2014.
 
فالنسبة التي صرح بها سعادة الوزير موهمة؛ لأنه لا يمكن أن نغض النظر عن ملاءمة تلك المساكن للسكن، إذ السكن الذي لا تتوافر فيه سبل الراحة ويتعارض مع الأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع لا يمكن أن يدخل ضمن الشريحة التي انتهت مشكلتها السكنية.
 
وهل المطلوب منا كذلك إذا رضينا أو أجبرنا على أن نغض النظر عن ملاءمة السكن الخاص لهذه النسبة للسكن، أن نغض النظر كذلك عن 40% من السكان لا يجدون حتى السكن غير الملائم الذي تحدث عنه سيادة الوزير في تصريحاته تلك.
 
وهل نغض النظر عن الاتجاه السلبي لتملك السعوديين للسكن، وهو ما يعني فشل وزارة الإسكان في هذا الملف، حيث كشف بحث أكاديمي أن نسبة تملك السعوديين المساكن تقل عما كانت عليه قبل ثماني سنوات عندما كانت تتجاوز الـ65%، في حين تراجعت لتصل إلى 58. (صحيفة الاقتصادية: الخميس 19 ذي الحجة 1434هـ - 24 أكتوبر 2013م).
 
إن المواطن السعودي يستحق أن تبذل الحكومة الموقرة كل ما في وسعها لحل قضاياه الملحة، وفي مقدمتها قضية الإسكان، عبر حلول خلاقة ومبدعة، تتلافى الضحك على المواطن بالأرقام الخادعة والأرقام المنقوصة، وتقفز فوق المسكنات والحلول الروتينية التي لا تمس أصل القضية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org