آه يا فلسطين السليبة..!!

آه يا فلسطين السليبة..!!
المتابع لما يجري في ساحة الصراع العربي - الفلسطيني يدرك على الفور أن الدور الأمريكي الأوروبي في قضية فلسطين يصبُّ في مصلحة إسرائيل، هذه المنظمة الإرهابية العنصرية. ويمكن تشبيه ذلك الدور بتدخل شخص ليفض نزاعاً بين شخصَيْن فأمسك بأحدهما، وطالبه بالهدوء، بينما الآخر ينهال بالضرب والركل على الممسوك به، وبلا رحمة!
فأمريكا والغرب هما الحاميان والمدافعان عن الكيان الإسرائيلي منذ أكثر من ستين عاماً، وهما من صنع هذا الورم المسمى بإسرائيل، وزرعه في المنطقة العربية.
إن تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي يُدار من طرف واحد، ومدعوم بقوى عظمى، تقدِّم نفسها كأطراف في الحل، بينما هي تمارس دوراً مزدوجاً في الخفاء، ولا يهمها إلا مصلحة إسرائيل وبقاؤها مهيمنة ومذلة لهذا الشعب الأبي. فعلى مدى عقود من الزمن تمارس الولايات المتحدة الأمريكية – وللأسف - دوراً منحازاً للكيان الصهيوني بشكل مفضوح؛ ففي كل جولة محادثات من أجل تسوية عادلة تفاجئنا إسرائيل بغارات واعتقالات وقتل وتجويع وقطع كهرباء.. وكل ذلك يحدث على مرأى ومسمع من العالم أجمع، في الوقت الذي نجد فيه أمريكا وأوروبا تطالبان الشعب الفلسطيني الضحية بالتهدئة وعدم التصعيد. فأي حيف وجور هذا الذي يساوي الضحية بالجلاد؟!
إنه لمن المضحك المبكي أن تتردد عبارة "ما زال الوقت مبكراً للحكم على نتائج مباحثات السلام" على لسان أكثر من وزير خارجية أمريكي وأوروبي، وهي - بلا شك - عبارة مقيتة، لا تعبِّر إلا عن استخفاف بالقضية الفلسطينية ما بعده استخفاف. فالسياسة (الأمري أوروبية) في التعامل مع القضية الفلسطينية تقوم على افتعال أزمة ما كلما لاحت بارقة أمل في حل الصراع. ويُعمل على تمديد هذه الأزمة وتضخيمها من قِبل إسرائيل، لفرض إملاءات أسوأ من سابقتها؛ وبالتالي تتعرض عملية السلام إلى إبطاء، يتبعه تباطؤ من إسرائيل، وتدخل القضية في دوامة النسيان من جديد، وترحل لسنة أخرى. وهنا يتحول الإسرائيلي إلى منتقد للحكومة الفلسطينية، ويتهمها بكل برود بأنها هي من أضاعت الفرصة، وعليها أن تتحمل النتائج! وما هي إلا ساعات ويبدأ تحليق الطيران فوق الأراضي الفلسطينية، وتبدأ عمليات القنص العشوائي، وعملية تدنيس المسجد الأقصى من قِبل قطعان الصهاينة، وتهديد المصلين المسلمين والتنكيل بهم.
وقد استطاعت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية و(الأمري أوروبية) إحداث شرخ في العلاقة بين الفلسطينيين أنفسهم. فها نحن اليوم نشاهد فتح وحماس - وكلتا المنظمتَيْن تشكَّلت من الشعب الفلسطيني، وإخوة المقاومة الأحرار - تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى. وكلما حصل تقارب بين فتح وحماس تهبُّ رياحٌ عكسية، تعصف بالوحدة من جديد، وهكذا دواليك.
إننا أمام صراع من نوع خاص، صراع تتحكم فيه قوى دولية. فإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967م، وتمثلها الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاصمتها القدس الشرقية، حلم كل فلسطيني لاستعادة أرضه التاريخية السليبة. ولكن هذا الحلم – وللأسف - تحوَّل إلى ورقة انتخابية لكل رئيس أمريكي يدخل في سباق انتخابي؛ فإما أن يلوح بها لكسب أصوات العرب المهاجرين في أمريكا، أو يلوح ضدها ليكسب تأييد اللوبي الصهيوني. والحقيقة أنها تُستخدم ليكسب المرشح أصوات العرب، ومن ثم يدير لهم ظهر المجن.
إن العالم اليوم يشهد أكبر عملية إبادة ممنهجة ضد شعب أعزل. ولمن لا يعلم، فإن قطاع غزة يعيش في حالة بؤس لم يشهد لها التاريخ مثيلاً. ليعلم العالم الحر ولتعلم هيئات حقوق الإنسان، التي تطالب العالم الإسلامي بالرفق بالحيوانات وعدم نحرها أو تذكيتها كما أمر الله لما فيه من الشعور بالألم، أنها عجزت عن قول كلمة الحق تجاه ممارسات الكيان الصهيوني التي تعدت أفعال النازية، في ظل صمت الهيئات الحقوقية العربية الفاضح. فامتهان الشخصية العربية والتعدي على النساء وكبار السن وتعمد إهانتهم أمام أبنائهم وأحفادهم بقصد الإذلال أكبر جريمة يمكن أن تمارَس ضد كرامة الإنسان وآدميته، ناهيك عن الظلام الدامس الذي تعيشه غزة، وتصحو وتنام عليه. فكم من نفس فارقت الحياة بسبب انقطاع الكهرباء، وتعطل الأجهزة المساندة.. فأين حقوق الإنسان؟! أقول: بئس الفعل فعلكم، فأنتم حماة للعنصرية ضد المسلمين والعرب.
لقد حوَّلت إسرائيل قطاع غزة إلى حقل تجارب بشرية، معتمدة على غياب الضمير العالمي في أي أمر يتعلق بأمن إسرائيل؛ فيحق لإسرائيل ما لا يحق لغيرها. هذه هي حقيقة هذه الدول العظمى. فإسرائيل تقتل بالعشرات، وبواسل غزة يردون بصواريخ بدائية لمجرد حفظ ماء الوجه، وأمريكا والنيتو يطالبون إسرائيل بضبط النفس، ويؤكدون أن من حقها أن تحمي نفسها! هذه هي الشرعية في مفهومهم، البقاء للأقوى. فهل تعلم عزيزي القارئ العربي المسلم أن إسرائيل استخدمت أسلحة الإبادة الكيماوية والجينية في غزة ضد الشعب الفلسطيني، وتحديداً الأطفال، وذلك من خلال استخدامها للقنبلة المعروفة بـ " DIMI " ، وهي سلاح مصنف على أنه سري، وتُحدث انفجاراً قوياً في مساحة محصورة، وتنطلق منها شظايا معدنية سامة، دقيقة وعالية الحرارة، وتعمل على تدمير نظام المناعة في الجسم، وإذا لم يمت المصاب فوراً يُصاب بالسرطان حتى يقضي عليه؛ كونها تهاجم الحمض النووي.
ولو استمررنا في سرد جرائم إسرائيل لاحتجنا لطاقات تخزينية بالتيرا بايت، لكن حسبنا أنَّا قدمنا ما يبرهن ويدعو إلى ضرورة تحرُّك عربي حقيقي تجاه قضية المسلمين جميعاً، قضية فلسطين، بقيادة المملكة العربية السعودية، رائدة التضامن الإسلامي والعمل العربي الجماعي، ومن خلال جامعة الدول العربية. فبإمكان السعودية بما أوتيت من حكمة واحترام عالمي أن تعيد بوصلة الجامعة العربية إلى الاتجاه الصحيح، وتجنيب القرار العربي أية محاولة لمصادرته والتفرد به؛ إذ إن التجارب أثبتت أن ذلك لا يقود إلى نتائج دقيقة، بل ربما أدى إلى اتساع الشقة بين الدول العربية، وتزايد نفوذ الطامعين. 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org