وأصبحت حنان عوداً!!

وأصبحت حنان عوداً!!
لم يكن سهلاً أن تصل لأمنية ظنتها مستحيلة، عاشت سنوات عمرها تحلم بتلك اللحظة!
 
لحظة أعجزتها كثيراً...
 
وقد أنفقت وقتها ومالها ومحاولاتها لتصبح كما تأمل وتتمنى! كم كان يحزنها، ويؤلمها، ويفقدها لذة لقيمات تقيم أودها أن تكون أضعاف ما كانت عليه، وتسمع شهقات صديقات الماضي، وإصبع الواحدة منهن تشير لكتلة جسمها المتورم كقذيفة، كصاروخ، وشفتها السفلى تكاد تسقط على صدرها اندهاشاً، لكنها لم تكن لتستطيع أن تخفي سمنتها، كانت أمراً واقعاً تراه ليل نهار وتعانيه في كل أحوالها؛ لذلك ما أكثر ما تردد "حنان" لصديقاتها الرشيقات، وتعلن أمنياتها في أن تكون مثلهن! ولا ترى نفسها تبالغ كثيراً وهي ترفع سبابتها وتقول جملتها الشهيرة:
أريد أن أصبح عوداً!
 
قرأت "حنان" وبحثت طويلاً كي تخسر وزنها (نصفه على الأقل!!) وقد أعيتها الحميات الطويلة بلا نتائج ملموسة مشجعة؛ لتجد عدة طرق وصفت بالسريعة المدهشة، وقد استعرضت النتائج والأعواد بشغف!
 
فمنذ سمعت زميلات العمل يلقين المدائح في عمليات "تكميم المعدة" و"قصها"، و"تحويل المسار"؛ ضج عقلها بالتفكير وعصفت بها الأماني، وخاصة أن طبيبها ربط تأخر الإنجاب لديها بزيادة وزنها، فتعالت الأمنيات لديها أكثر وازداد بريقها!.
 
استقر رأيها على عملية "ربط المعدة" وما يسمى بـ"الحلقة"؛ لتجد نفسها سريعاً على السرير تعاني التبعات الأولى للعملية، وهي تتقبلها برحابة صدر بالغة! وتستطعم الصبر اللذيذ، وتكاد ترى نفسها بين عالم الرشيقات، وترسم أحلامها الجميلة حول ذلك، وتختار أزياء جديدة تناسب قوامها الرشيق كأجمل ما تكون، لكنها منذ غادرت سريرها ودرجت على أرض الواقع لم تختف آلام معدتها الغريبة، ولم تنفع المسكنات ولا تطمينات طبيبها، وأنها مسألة وقت فحسب، ابتسمت برغم الألم وهي تصف لطبيبها ذلك العود الذي يرتكز في معدتها! شيء كالطعنة تشعر به ويفقدها ذلك الألم لذة النوم والطعام والحياة الطبيعية، لتمض الأيام بكل تبعاتها وقد ازداد نحولها وذبولها وأصبحت فاقدة لبريق الحياة الحقيقية: ذابلة، ومتمنية أن تعود لحياتها الطبيعية.
 
وقد فقدت الرغبة في أن تكون عوداً! لتنطرح على سرير المرض وقد ازدادت آلامها وتكاثرت الالتهابات لديها، وثُقبت أمعاؤها بشكل غريب لا يلتئم؛ واكتشف الطبيب أخيراً سر معاناتها في التهابٍ حادٍّ لتلك الحلقة التي ربطت معدتها وجعلتها أصغر وأسوأ، خسرت "حنان" ما يقارب ثلاثة أرباع وزنها تقريباً، وبدأت رحلة العلاج الطويلة والعمليات المتنوعة، بين رتق وشق، وتنظيف وتعقيم، ومفاجآت طبية ليست في الحسبان، أصبحت "حنان" ذابلة على السرير وعوداً كما تمنَّت، ولا تزال تتساءل عن سبب تدهورها؛ هل هو خطأ طبي، أم سوء تقدير بحيث كان يجب ألا تخاطر بهذا النوع من العمليات؟ استسلمت لقضاء الله تعالى، لكنها تتمنى أن تعود كما كانت!! وتنسى قوام (العود) الذي كلفها كثيراً.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org