وزير النقل في حوار مع "سبق": لا مكان لــ "فاسد" ونعمل على تلافي مشكلات الجسور

قال: طرقنا بمواصفات عالمية .. والحوادث مسؤولية السائقين
وزير النقل في حوار مع "سبق": لا مكان  لــ "فاسد" ونعمل على تلافي مشكلات الجسور
تم النشر في
- الوزارة تقوِّم المناطق التي تكثر فيها الحوادث وتتعامل معها بما يجعلها آمنةً
- ليس صحيحاً إطلاقاً أن مشروعات الصيانة تُرسى على مقاولين محدّدين
- لدينا إدارة مستقلة للمراجعة الداخلية تتبع لي شخصياً تراقب كل أعمال الوزارة
- الوزارة تلجأ إلى عمل أنفاق تخترق بعض الجبال حفاظاً على الغابات
- تغيير مجاري السيول الطبيعية سبب تجمُّع المياه في الأنفاق
- اعتماد مبالغ كبيرة في ميزانيات أمانات المدن لتصريف المياه
- "دراكيل" نقل الرمال من بطن الوادي سبّبت انهيار جسر الثمامة
- فرق الصيانة تنظِّف حرم الطريق وما خارجه ليس من مسؤوليتها
- تغيير أسطوانات الكيابل المسبقة الإجهاد في كل الجسور والمعابر
- الوزارة سحبت 9 مشروعات العام الماضي لعدم الالتزام بالوقت والجودة
- بناء الإنسان أهم بكثير من بناء الجسور والطرق
- خطة واضحة لإعداد جيل من الشباب بالتدريب والابتعاث
- لدى الوزارة 22 مُبتعثاً في التخصّصات كافة في أمريكا وكندا وأستراليا
- غير صحيح على الإطلاق أن المهندس السعودي لا يرغب في العمل الشاق
 
حوار: عبد الله البرقاوي- تصوير: عبد الملك سرور- سبق- الرياض: حمّل وزير النقل الدكتور جبارة الصريصري، قائدي السيارات مسؤولية حوادث الطرق، قائلاً: إن معظمها "يقع على الطرق السريعة ذات المسارات المتعدّدة والمحمية بحواجز جانبية"، ولفت إلى أن أحدث إحصائية متاحة عن حوادث الطرق تحمّل السائقين المسؤولية بنسبة 85 %، مؤكداً أن "كل الطرق صُمِّمت على مواصفاتٍ عالمية حسب نوع الطريق سواءً كان طريقاً سريعاً أم مزدوجاً أم مفرداً وحدّدت عليها السرعات المناسبة".
 
وفي حوار خاص مع "سبق"، أكّد "الصريصري"، أنه "لا مكان في الوزارة لفاسدٍ، وأن الوزارة تحارب الفساد بأشكاله كافةً ولا تتهاون في ذلك أبداً.. وتتخذ الإجراءات النظامية كافة مع كل مَن يثبت تورُّطه بأيِّ شكلٍ من أشكال الفساد".
 
وشدّد على أن جميع مشروعات الوزارة تُنفذ وفقاً لنظام المنافسات الحكومية "بكل شفافية".
ونفى تماماً أن مشروعات الصيانة تُرسى على مقاولين محدّدين، ولفت إلى وجود "إدارة للمراجعة الداخلية وهي إدارة مستقلة نشطة تتبع لي شخصياً تراقب كل أعمال الوزارة".
 
كما شدّد على التزام الوزارة بمراعاة الجوانب البيئية في تنفيذ المشروعات؛ موضحاً أنها تلجأ إلى عمل أنفاق تخترق بعض الجبال رغم تكلفتها العالية وصيانتها المُكلفة حفاظاً على الغابات التي تعتلي سفوح وقمم تلك الجبال.
 
وأرجع وزير النقل "السبب الرئيس في تجمُّع المياه في الأنفاق إلى تغيير مجاري السيول الطبيعية بسبب نمو المدن واتساعها وعدم اكتمال شبكة تصريف المياه في المدن".
 
 ولفت إلى اعتماد مبالغ كبيرة في ميزانيات أمانات المدن لهذا الغرض (تصريف المياه)، وقال إن "الوزارة لديها مضخات احتياطية تستخدمها لدعم مضخات الأنفاق التي تتعرّض لتجمع المياه".
 
 
كما أرجع انهيار جزءٍ من جسر الثمامة بسبب "الحفر (الدراكيل) العميقة التي سبّبها نقل الرمال من بطن الوادي والتعدّي على عرض الوادي؛ ما تسبّب في إغلاق إحدى عشرة فتحة" من أصل 13 فتحة لتصريف المياه، لافتاً إلى أن "فرق الصيانة تنظف ما يقع ضمن حرم الطريق، أما ما هو خارج الحرم فليس من مسؤولية الوزارة".
 
وقال إن الوزارة ستقوم في كل الجسور والمعابر في مناطق المملكة بتغيير الأسطوانات (Ducts) الخاصّة بالكيابل المسبقة الإجهاد لتكون من نوع البلاستيك بدلاً من الحديد المجلفن، وذلك لضمان مقاومتها ظاهرة الصدأ، وكذلك تغيير حواجز ومصدّات معابر الإبل المعدنية بأخرى غير معدنية لمنع حدوث عملية التآكل، وتفادي سقوط بلاطات مثلما حدث لمعبر الإبل على طريق الدمام السريع.
 
وفرّق "الصريصري" بين المشروع المتعثر والمشروع المتأخّر، وقال "ليس لدينا مشروعات متعثرة". وأرجع تأخُّر بعض المشروعات لوجود عوائق تعترض مسار الطريق، مثل خدمات الكهرباء وخطوط المياه والاتصالات وأنابيب الغاز والبترول والأملاك واعتراض بعض المواطنين على مسارات الطرق.
 
أما بالنسبة للمقاولين، فقال: "هناك عددٌ محدودٌ منهم لا يلتزم بشروط العقد ونظام المنافسات والعقود يعالج هذه المشكلة بدايةً من الإنذار الأول وانتهاءً بالسحب وترسية المشروع على مقاول آخر على حساب المقاول الأول". ولفت إلى أن "الوزارة سحبت في العام الماضي  تسعة مشروعات على مستوى المملكة عندما اتضح عدم قدرة هؤلاء المقاولين على التنفيذ بالوقت المحدّد والجودة المناسبة".
 
وشدّد وزير النقل على أن "بناء الإنسان بالنسبة للوزارة أهم بكثير من بناء الجسور والطرق". وقال: "هناك خطة واضحة تعمل على إعداد جيل من الشباب بالتدريب على رأس العمل والابتعاث إلى الخارج للتدريب على ما تحتاج إليه الوزارة في عملها".
 
ولفت إلى أن: لدى الوزارة الآن ما يزيد على 22 مُبتعثاً في التخصّصات كافة في أمريكا وكندا وأستراليا".
 
ونفى "الصريصري" تماماً ما يُشاع على أن المهندس السعودي لا يرغب في العمل الشاق أو العمل الميداني. وقال: "هذا انطباعٌ غير صحيح على الإطلاق، لن أتحدث عن هذا الموضوع لأني أريدك أن ترى بنفسك من يُباشر الإشراف والمتابعة لمشروعات الوزارة في مناطق المملكة كافة وسترى هؤلاء المهندسين كيف يعملون بكل طاقاتهم في المواقع كلها".
 
وعن مدى رضاه عن أداء وزارة النقل، قال "الصريصري": "لن نصل للكمال ولكننا نسعى إليه".
 
وفيما يلي نص الحوار:
 
تطورات سريعة
 
*تعيش المملكة العربية السعودية نهضةً تنمويةً شاملةً بشكلٍ غير مسبوقٍ في قطاعات التنمية كافةً من ضمنها مشروعات للنقل بأنماطه كافةً.. لعل معاليكم بدايةً يحدثنا عن شبكة الطرق وأهم المشروعات الجديدة؟
 
 شهدت المملكة العربية السعودية في العقود الثلاثة الماضية تطورات سريعة في إنشاء الطرق العامة، إذْ قامت وزارة النقل بإنجاز ما يزيد على (60.414) كلم من شبكات الطرق السريعة والمزدوجة والمفردة والزراعية، وتحت التنفيذ الآن (22.727) كلم مُنفذ وفُتح للمرور في العام الماضي 1434هـ (3.112) كلم، صُممت ونُفذت بموجب المعايير المُتفق عليها عالمياً لتنفيذ الطرق وبالتأكيد فإن مشروعات الطرق في المملكة تعد من المشروعات العملاقة في المنطقة بُذلت لإنشائها جهودٌ جبارة؛ نظراً لاختلاف طبوغرافية الأرض وصعوباتها من منطقة إلى منطقة أخرى، فهناك جبال شُقت على سفوحها وفوق قِممها طرق وجبال أخرى عبرتها الطرق بحفر أنفاق بداخلها، وهناك المناطق التي تمتاز بالكثبان الرملية الهائلة التي لا تقل صعوبة العمل فيها عن العمل في المناطق الجبلية، إن لم تكن أكثر صعوبةً لما تحتاج إليه تلك الرمال من عمليات إزاحة وتثبيت؛ علاوةً على ما تسببّه من تآكلٍ سريعٍ للمعدات العاملة في الموقع، كما هو في طريق حائل - الجوف السريع وكذلك طريق حرض - شيبه منفذ الربع الخالي الذى يخترق الربع الخالي المتوقع إنجازه في نهاية هذا العام 1435هـ، ومن أهم مشروعات الوزارة حالياً مشروع طريق حرض - شيبه منفذ الربع الخالي الذي يربط المملكة بسلطنة عُمان الشقيقة.
 
وكذلك إعادة إنشاء تقاطع جسر طريق خريص مع طريق الشيخ جابر في مدينة الرياض بوابة مدينة الرياض الشرقية، وهو مشروع نوعي صُمم ليكون حر الحركة وهذا سيجعل حركة المرور سهلة خاصةً في تلك المنطقة التي تقع عليها منشآت وزارة الحرس الوطني وتوجد بها كثافة سكانية عالية جداً، إضافة إلى تحويل الطرق المزدوجة إلى طرق سريعة، مثل طريق جدة - جازان وطريق تبوك - المدينة المنوّرة وغيرها من الطرق.
 
 
البنية التحتية
*هناك علاقة واضحة وقوية بين النقل والاقتصاد والتنمية فما إستراتيجية الوزارة لمواكبة هذا التطور التنموي الكبير؟
 
العلاقة بين التقدم التنموي والازدهار الاقتصادي وبين توفير البنية التحتية المناسبة علاقة طردية، بل إن قطاع النقل يعد العمود الفقري الذى تقوم عليه البنى التحتية للقطاعات كافة، لذلك أعدت الوزارة إستراتيجية وطنية للنقل تأخذ على عاتقها تطوير هذا القطاع الحيوي والمهم بما يحقق الأهداف المرجوة منه من خلال الإعداد والتخطيط الشامل الذى يكفل تحديد الوسائل والآليات اللازمة لتحديد المتطلبات الأساسية والضرورية لهذا القطاع، والعمل على قيام نظام نقل عام اقتصادي وفعال داخل المدن وبينها يُسهم في توفير وسائل النقل المناسبة لفئات المجتمع كافة ويربط مناطق المملكة والدول المجاورة بطرق حديثة.
 
شبكة من السكك الحديدية
 
*كلنا يعرف ضخامة شبكات الطرق التي تربط أنحاء المملكة بعضها ببعض وتصلها بالدول المجاورة، فهل نرى شبكة من السكك الحديدية تربط أنحاء البلاد بعضها ببعض؟
 
إنشاء الخطوط الحديدية أمرٌ في غاية الأهمية فمهما بلغت أحجام شبكة الطرق فلن تغطى احتياج البلاد للنقل، لذا فإن شبكة الخطوط الحديدية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تعيش عصراً ذهبياً حيث أمر "حفظه الله" بتوسعة ضخمة تشمل مشروعات عدة، من أهمها:
 
*مشروع قطار الحرمين السريع:
  يربط المدينتين المقدّستين "مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة" بطول (450) كلم مروراً بمحافظة جدة ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية برابغ ويشمل إنشاء أربع محطات للركاب في كل من هذه المدن، وجارٍ العمل بها وفق الخطة المرسومة لها وتحوي كل محطة المبنى الرئيس وصالات للقدوم والمغادرة ومسجداً ومركزاً للدفاع المدني ومهبطاً للطائرات المروحية وأرصفة وقوف القطارات وانتظار الركاب ومواقف للسيارات قصيرة وطويلة الأمد ومحال تجارية ومطاعم ومقاهي. وربطت هذه المحطات بنظام النقل العام من خلال توفير أماكن مناسبة لمواقف الحافلات، كما ربطت بممرات المشاة مع محطات القطارات الخفيفة، إضافة إلى محطة خامسة في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة.
 
*مشروع الجسر البري:
يربط الخليج العربي بالبحر الأحمر بسكة حديد من الدمام إلى جدة مروراً بالرياض وتُعد حالياً التصاميم الهندسية للجزء الرابط بين جدة والرياض ليرتبط بالخط القائم حالياً بين الرياض والدمام وهو مخصّص لنقل الركاب والبضائع وهذا المشروع عند الانتهاء من تنفيذه سيسهل عملية النقل بين موانئ المملكة الرئيسة في كل من جدة وبقية موانئ المملكة على الخليج العربي، ويوفر بديلاً مناسباً للسفر بين الرياض وجدة.
 
*خط الشمال - الجنوب:
 هذا المشروع أحد المشروعات المهمة في البرنامج التنفيذي لتوسعة شبكة الخطوط الحديدية في المملكة، وتقوم شركة "سار" على تنفيذه ويبلغ طول هذا الخط (2400) كلم ويتكون من خطين:
 
- الخط الأول:  يبدأ من الحدود الأردنية شمال المملكة ويتجه لمدينة الرياض ليلتقي الخط القائم بين الرياض والدمام مروراً بالقصيم وحائل والجوف، وهو مخصّص لنقل الركاب والبضائع بواسطة قطارات حديثة تصل سرعاتها إلى (200) كلم/ساعة، ونفذ منه جزءٌ كبيرٌ وجارٍ إنهاء الجزء المتبقي حسب البرنامج الزمني المعتمد.
- الخط الثاني: مخصّصٌ لنقل المعادن من مناطق الإنتاج في حزم الجلاميد بمنطقة الحدود الشمالية إلى ميناء رأس الخير على الخليج العربي وهو ميناء حديث قامت المؤسسة العامة للموانئ بتنفيذه وانتهت شركة "سار" من تنفيذ هذا الخط، وتقوم حالياً بتنفيذ مشروع ربط ميناء رأس الخير بميناء الملك عبد العزيز وموانئ الجبيل.
 
 
ربط دول الخليج العربية
 
*ماذا تم بمشروع ربط دول الخليج العربية بخطوط السكك الحديدية؟
انطلاقاً من حرص واهتمام قادة دول مجلس التعاون الخليجي بأهمية قطاع النقل ودوره المهم والحيوي في تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي بين دول مجلس التعاون الخليجي أُعدت دراسة جدوى اقتصادية لهذا المشروع، وفي ضوء نتائج الدراسة أقرّ قادة دول المجلس تنفيذ هذا المشروع، ويبدأ الخط الحديدي من دولة الكويت ويستمر بمحاذاة ساحل الخليج العربي وصولاً إلى سلطنة عُمان ويبلغ طول الخط داخل المملكة (663) كلم وهو مخصّص لنقل الركاب والبضائع وتقوم الوزارة حالياً بالتحضير للبدء بأعمال التصاميم التفصيلية للمشروع للجزء داخل المملكة.
 
تعاون وثيق مع السياحة
 
*ما مجال التعاون بين الوزارة والهيئة العامة للسياحة؟
 
لا سياحة مريحة دون نقل مميّز، وهناك تعاونٌ وثيقٌ وتنسيقٌ تام بين وزارة النقل والهيئة العامة للسياحة والآثار لكل ما من شأنه تيسير الوصول للمناطق السياحية والأثرية، ولا بد من التنويه بأن الوزارة تأخذ بكل الاهتمام والجدية تجنُّب المساس بالمواقع الأثرية والتاريخية عند إنشاء مشروعاتها بالتنسيق والتعاون الكامل مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، فهذه ثروة وطنية وحمايتها والمحافظة عليها واجبٌ وطني.
 
الموانئ .. الشريان الرئيس
 
*الوزير حدّثتنا عن الطرق والسكك الحديدية فماذا عن الموانئ؟
 
الموانئ الشريان الرئيس للاقتصاد، والموانئ السعودية بموقعها الجغرافي وبتجهيزاتها وإمكاناتها وبقدراتها الاستيعابية لها دورٌ حيوي ورئيس في دعم تنفيذ الدولة جميع مشروعاتها وخططها وبرامجها التنموية، إضافةً إلى دورها في توفير احتياجات المواطنين، ولأهميتها الاقتصادية هذه تخصّص الدولة للموانئ المبالغ اللازمة لتنفيذ مشروعاتها التطويرية والتوسعية، في إطار الخطط الموضوعة من المؤسسة العامة للموانئ في كل عام، وخُصصت مبالغ لبناء أرصفة جديدة وساحات وتطوير قدرة الطاقة الكهربائية وإنشاء مبانٍ إدارية للأجهزة العاملة في الموانئ، ويقوم القطاع الخاص ببناء محطة جديدة في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام تبلغ تكلفتها أكثر من مليارَي ريال ستُضيف إلى قوة الميناء ما مقداره (1.500.000) حاوية نمطية، ويقوم بتمويل وتنفيذ وتشغيل هذه المحطة الشركة السعودية العالمية للموانئ بالاتفاق مع صندوق الاستثمارات العامة وهيئة موانئ سنغافورة.
 
 
الطرق وإيذاء البيئة
 
*كثيراً ما يتردّد بأن إنشاء الطرق يؤذي البيئة ويدمّر بعضاً من طبيعتها، فما الإجراءات التي تُتخذ لحماية البيئة؟
 
سؤالك في غاية الأهمية، الشبكة الطويلة من الطرق البرية والسكك الحديدية وانتشارها الواسع على خريطة المملكة تضعنا أمام تحدٍ كبيرٍ يتمثل في كيفية تحقيق التوازن المطلوب بين إيجاد هذه البنية التحتية اللازمة للتنمية المستدامة وبين السلامة البيئية، لذلك نراعي في تصميم الطرق حماية المناطق ذات الميلان الحرج من تعدي البنية التحتية للطرق عليها عند إنشائها، ونراعي أيضاً مجاري السيول والأمطار؛ لأن المساس بمجاريها الطبيعية يؤدي إلى تجمع المياه بما تحمله من رواسب في غير مكانها الطبيعي مما يؤثر في طبيعة البيئة في ذلك الموقع، ويتفادى التصميم المناطق البيئية الحسّاسة التي تتأثر بالقطع أو التكسير أو التفجير أو جرف الأتربة، ولذا لجأت الوزارة إلى عمل أنفاق تخترق بعض الجبال رغم تكلفتها العالية وصيانتها المُكلفة حفاظاً على الغابات التي تعتلي سفوح وقمم تلك الجبال وبذل الجهود كافة لحماية المدرجات والأراضي الزراعية التي يصعب تعويضها في حال لو شُقَ الطريق وسطها، إضافةً إلى الدمار الذي سيلحق بتلك الغابات البكر من جرّاء وصول الإنسان لها بطريقةٍ سهلة ويتمثل ذلك بوضوح في المنطقة الجنوبية الغربية من المملكة عند مرور الطرق بغابات وأحراش، إذْ يلاحظ مستخدمو الطرق الجبلية كثرة الانحناءات في الطرق وما ذلك إلاّ تفادياً لتدمير البيئة وتشويه طبوغرافية المنطقة هذا مع الحرص بالطبع على سلامة مستخدمي الطريق بتحديد السرعات ووضع اللوحات الإرشادية وتزويد الطرق بمستلزمات السلامة المناسبة كافة، وتضع الوزارة شروطاً صارمة على مقاولي التنفيذ للمحافظة على البيئة في المناطق التي يعملون فيها، وتؤكد على عدم إحداث أي حفرٍ أو تجريفٍ للتربة الطبيعية، وإذا لزم الأمر لغرض الإنشاء تُعاد الحفر التي تُؤخذ منها المواد والمتعارف على تسميتها بحفر الاستعارة إلى وضعها الطبيعي.
 
المحميات الطبيعية
 
*هناك محمياتٌ طبيعية وأماكن للرعي .. كيف تتعامل معها الوزارة؟
 
 تحرص الوزارة الحرص كله على بذل كل الوسائل المتاحة للحفاظ على المحميات، ولذلك يتجنّب التصميم عبور المحميات الطبيعية وأماكن الرعي، وإن كان ولا بد من عبور الطريق تلك المحميات، فإن ذلك يكون بالتنسيق مع الهيئة السعودية للحياة الفطرية بما يضمن التوازن في طبيعة المنطقة ويكفل الحماية التامة لهذه المحمية.
 
تلوُّث الكسّارات
 
*الكسّارات عاملٌ من عوامل تلوّث البيئة، فما الإجراءات التي تتخذها الوزارة في هذا المجال؟
 تواصل الوزارة بذل جهودها للحد من تلوّث الكسّارات التي تُقام من أجل توفير المواد التي تخلط مع الأسفلت ووضع تلك الكسّارات في أماكن بعيدة جداً عن المواقع السكنية تُحدَّد بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة مع اشتراط تركيب الفلاتر المخصّصة لهذا الغرض.
 
 
تدمير الشُّعب المرجانية
 
*ما نصيب البحر من حماية البيئة؟
- تراعي المؤسسة العامة للموانئ بكل دقة عند حفر وبناء الموانئ التوازن البيئي وذلك بتجنُّب تدمير الشُّعب المرجانية وتؤكّد بشدة على شركات نقل البترول، التخلص من مياه التوازن في ناقلات النفط بطريقةٍ لا تلوّث مياه البحر، ويجرى التنسيق في هذا الموضوع مع شركة أرامكو التي أنشأت عديداً من مرافق استقبال مياه التوازن في موانئ شحن النفط، كما أن المؤسسة تُلزم جميع شركات الشحن سواءً شحن المواد البترولية أو أي مواد أخرى قابلة للتسرُّب بضرورة ملاحظة أي تسرُّب والإبلاغ فوراً عن أي حوادث قد تحصل، وذلك لمعالجة الأمر حسبما يقتضيه الموقف.
 
حوادث الطرق
 
* نريد ردَّكم على ما يتردّد بمسؤولية وزارة النقل عن الحوادث التي تقع على الطرق التي أنشأتها ويعزون ذلك إلى رداءة الطرق؟
 
دائماً نتحدث عن الطرق ولا نتحدث عن مستخدمي الطرق، كل الطرق صُمِّمت على مواصفاتٍ عالمية حسب نوع الطريق سواءً كان طريقاً سريعاً أم مزدوجاً أم مفرداً وحدّدت عليها السرعات المناسبة التي في حال التقيُّد بها لن تكون هناك حوادث بهذا الحجم، وحتى إن حصلت الحوادث، فإنها لن تكون حوادث قاتلة، كما هو حاصل الآن، ولك أن تتصوّر أن معظم الحوادث المميتة تقع على الطرق السريعة ذات المسارات المتعدّدة والمحمية بحواجز جانبية وجزيرة وسطية أو داخل المدن. ومن الدراسات المتوافرة لعام 1432هـ، حسب التقرير الإحصائي السنوي الصادر عن الإدارة العامة للمرور بخصوص حوادث الطرق، كانت كما يلي "المسؤولية في الحوادث (85 %) على السائقين، (10 %) المركبات، (5 %) الطريق، وبالنسبة للإحصائيات الأخيرة، فإن حوادث الطرق تقع بنسبة (84 %) داخل المدن و(16 %) تقريباً خارجها".  وللعلم فإن الوزارة تقوم باستمرار بتقويم المناطق التي تكثر فيها الحوادث وتتعامل معها بما يجعلها آمنةً في حال اتباع مستخدمي الطرق إرشادات السلامة وتعليماتها.
 
 الفساد المالي والإداري
 
*سنتحدث عن الفساد حيث تتردّد بين الحين والآخر معلوماتٌ عن وجود فسادٍ مالي وإداري في الوزارة، منها قصر بعض مشاريع الصيانة على مقاولين محدّدين .. ما رأي معاليكم؟
 
أولاً: أود التأكيد على أنه لا مكان في الوزارة لفاسدٍ، وأن الوزارة تحارب الفساد بأشكاله كافةً ولا تتهاون في ذلك أبداً، وتتعاون بشكلٍ وثيقٍ مع الأجهزة الرقابية كافة ومع "نزاهة" بشكلٍ مستمرٍ، وتتحقق وتُحقق في كل معلومة ترد إليها سواءً من الأجهزة الرقابية أو من غيرها تتعلق بالفساد مهما كانت صغيرةً أو بسيطةً، وتتخذ الإجراءات النظامية كافةً مع كل مَن يثبت تورُّطه بأيِّ شكلٍ من أشكال الفساد. -- ثانياً: جميع مشروعات الوزارة بما في ذلك مشروعات الصيانة تُنفذ وفقاً لنظام المنافسات الحكومية حيث يُعلَن عن مشروعات الوزارة في الصحف المحلية بعد صدور الميزانية؛ يُوضح في الإعلان تفاصيل كل مشروع بكل شفافيةٍ وتُفتح عروض الشركات للتنفيذ من قِبل لجنة مكوّنة حسب نظام المنافسات أمام مندوبي هذه الشركات بحيث تعرف كل شركة ترتيب عرضها بين العروض الأخرى سواءً كانت الأقل أم الأعلى، وتُرسى المشروعات أيضاً حسب نظام المنافسات من قِبل لجنة أخرى يشارك فيها المراقب المالي من وزارة المالية، بعد ذلك يرسل مشروع العقد لوزارة المالية لمراجعته، وعندما يعود من وزارة المالية يوقع العقد مع الشركة الفائزة بالمشروع، وعندما يبدأ العمل بالمشروع يكون الصرف للشركة حسب نسب التنفيذ، فإذا أنجز (10 %) مثلاً يُصرف له ما يعادل هذه النسبة من المبلغ وهكذا، وبعد ذلك تبدأ الرقابة على المشروع "رقابة بعد الصرف" من قِبل ديوان المراقبة العامة، وإذا وُجدت ملحوظات تُصحّح وفقاً لذلك.
 
وليس صحيحاً إطلاقاً أن مشروعات الصيانة تُرسى على مقاولين محدّدين، بل إن جميع المشروعات بما في ذلك مشروعات الصيانة تعرض على جميع الشركات المؤهلة وتُرسى حسب نظام المنافسات، كما ذُكر في الإجابة عن السؤال السابق، إضافةً إلى ذلك لدينا إدارة للمراجعة الداخلية، وهي إدارة مستقلة نشطة تتبع لي شخصياً تراقب كل أعمال الوزارة.
 
 
 
غرق الأنفاق وانهيارات الجسور
 
*غرق الأنفاق وانهيارات الجسور، ما أسبابها "غرق نفق البحرية بالرياض، وسقط جسر على طريق الثمامة، وآخر على طريق الدمام" هل للفساد علاقة بما يحدث؟
 
سؤالك فيه تعميمٌ ومبالغة ويُوحي بوجود أعدادٍ كبيرة من الأنفاق والجسور تتعرّض للغرق والانهيار، وهذا غير صحيح، يوجد على شبكة الطرق التابعة للوزارة أكثر من (5700) جسر ومئات الأنفاق وجميعها تعمل ولله الحمد بشكلٍ جيدٍ وتُصان من قِبل شركات بعقود عددها ثمانون عقداً، صحيح أن بعض الأنفاق سواءً التابعة للوزارة أو لأمانات المدن تتجمّع فيها المياه عند هطول الأمطار بشكلٍ غير معتاد، لكنها سرعان ما تُفتح للسير خلال ساعاتٍ، وهذه الأنفاق جميعها مُجهزة بمضخات لضخ المياه خارج الأنفاق. والسبب الرئيس في تجمُّع المياه في الأنفاق هو تغيير مجاري السيول الطبيعية بسبب نمو المدن واتساعها وعدم اكتمال شبكة تصريف المياه في المدن، وهذه في طريقها للحل، إن شاء الله، حيث اُعتمدت مبالغ كبيرة في ميزانيات أمانات المدن لهذا الغرض، والوزارة لديها مضخات احتياطية تستخدمها لدعم مضخات الأنفاق التي تتعرّض لتجمُّع المياه.
 
أما بالنسبة لانهيار جزءٍ من جسر الثمامة، فهذا الجسر الذى أُنشئ منذ أكثر من ثلاثين عاماً مقام على عرض الوادي بثلاث عشرة فتحة، وكل فتحة عرضها ثلاثة عشر متراً، وتقوم فرق الصيانة بتنظيف ما يقع ضمن حرم الطريق، أما ما هو خارج الحرم، فليس من مسؤولية الوزارة، وهذا الجسر سقط جزءٌ منه بسبب الحفر "الدراكيل" العميقة التي سبّبها نقل الرمال من بطن الوادي والتعدّي على عرض الوادي؛ ما تسبّب في إغلاق إحدى عشرة فتحة وبقيت فتحتان اثنتان، وأترك لك أن تتخيّل قوة اندفاع مياه سيلٍ من المُفترض أن تتوزّع على ثلاث عشرة فتحة لتعبر من خلال فتحتين اثنتين فقط.
 
أما بالنسبة لمعبر الإبل على طريق الدمام السريع الذى سقطت بلاطات منه، فإن  فريق الخبراء الذي شُكِّل بتوجيهٍ تضمن مهندسين من الوزارة وفريقاً من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أوضح أن سبب الانهيار المفاجئ يعود إلى حدوث تشققات في الخرسانة ما وفّر فرصةً لحدوث تسرُّب مياه أدّت إلى توافر الأكسجين والمياه والأملاح، ما أدّى إلى حدوث ظاهرة الصدأ التي بدأت مهاجمة الخرسانة، وبالتالي أدّى ذلك إلى الوصول إلى الكيابل الرئيسة التي تقوم بمقاومة الأحمال، ما أدّى إلى تأثرها بتلك الظاهرة وحدوث الانهيار المفاجئ لهذا الجزء من المعبر.
وأوصى الفريق بتغيير الأسطوانات (Ducts) الخاصّة بالكيابل المسبقة الإجهاد لتكون من نوع البلاستيك بدلاً من الحديد المجلفن، وذلك لضمان مقاومتها لظاهرة الصدأ، وكذلك تغيير حواجز ومصدّات معابر الإبل المعدنية بأخرى غير معدنية؛ لمنع حدوث عملية التآكل، وهذا ما ستقوم الوزارة على تنفيذه وتعميمه على كل الجسور والمعابر في مناطق المملكة ذات البيئة المشابهة.
 
 
مشاريع تتأخر أو تتعثر
 
*هناك مشاريع تتأخر أو تتعثر، ما أهم الأسباب التي تؤدى إلى ذلك؟ وما نصيب المقاول من هذا التعثر أو التأخير؟
 لا بد من التفريق بين المشروع المتعثر والمشروع المتأخر، المشروع المتعثر هو المشروع المتوقف العمل به قبل انتهائه، أما المتأخر فيعنى أن العمل يسير فيه ولكن ببطء، وليس لدينا مشروعات متعثرة بهذا المفهوم، أما المشروعات المتأخرة فهناك أسبابٌ عدة من أهمها وجود عوائق تعترض مسار الطريق، مثل خدمات الكهرباء وخطوط المياه والاتصالات وأنابيب الغاز والبترول والأملاك التي لا نستطيع إزالتها إلاّ بعد اعتماد المشروع في الميزانية، أضف إلى ذلك ما يحصل من اعتراض لبعض المواطنين على مسارات الطرق، أما بالنسبة للمقاولين، فإن هناك عدداً محدوداً منهم لا يلتزم بشروط العقد ونظام المنافسات والعقود يعالج هذه المشكلة بدايةً من الإنذار الأول وانتهاءً بالسحب وترسية المشروع على مقاول آخر على حساب المقاول الأول. وسحبت الوزارة في العام الماضي (9) مشروعات على مستوى المملكة عندما اتضح عدم قدرة هؤلاء المقاولين على التنفيذ في الوقت المحدّد والجودة المناسبة.
 
 جيلٌ من المهندسين
 
*ما دور الوزارة في إعداد وتهيئة جيلٍ من المهندسين والإداريين لإدارة هذه المشاريع الضخمة والإشراف عليها؟
 
سؤالك في منتهى الأهمية، إن بناء الإنسان بالنسبة للوزارة أهم بكثير من بناء الجسور والطرق، ولهذا فإن هناك خطة واضحة تعمل على إعداد جيلٍ من الشباب بالتدريب على رأس العمل والابتعاث إلى الخارج للتدريب على ما تحتاج إليه الوزارة في عملها، وعاد أخيراً مجموعة من المُبتعثين منهم مَن يحمل الماجستير في طبيعة العمل، ولدى الوزارة الآن ما يزيد على (22) مُبتعثاً في التخصّصات كافة في أمريكا وكندا وأستراليا، وفي الخطة مجموعة أخرى للابتعاث، وتسعى الوزارة بكل جهدها إلى توفير بيئة العمل المناسبة لجميع منسوبيها، إذْ تُعتبر وزارة النقل مدرسة يتدرّب فيها المهندس السعودي ميدانياً ويكتسب خبرة عملية من الواقع، ولهذا ترى أن أكثر المهندسين الذين يعملون في وزارة النقل يتعرّضون لإغراءاتٍ ماليةٍ كبيرة للعمل في القطاع الخاص المتخصّص في هذا المجال.
 
 
العمل الميداني
 
*لكن المُشاع أن المهندس السعودي لا يرغب العمل الشاق أو العمل الميداني؟
 
هذا انطباعٌ غير صحيحٍ على الإطلاق، لن أتحدث عن هذا الموضوع لأني أريدك أن ترى بنفسك مَن يُباشر الإشراف والمتابعة لمشروعات الوزارة في مناطق المملكة كافة، وسترى هؤلاء المهندسين كيف يعملون بكل طاقاتهم في المواقع كلها.
 
 
*وأخيراً معالي الوزير ما مدى رضاكم عن أداء وزارة النقل؟
 
لن نصل للكمال ولكننا نسعى إليه.
 
نشكر لكم معالي الوزير حُسن الاستقبال رغم كثرة مشاغلكم وضيق وقتكم، وندعو الله لكم بالتوفيق والسداد.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org