الحربش: بعض جامعاتنا تُمارس النفاق والتزلف للدولة ببحوث مزيّفة

الحربش: بعض جامعاتنا تُمارس النفاق والتزلف للدولة ببحوث مزيّفة

تساءل: ماذا ينقصنا لكي ننتقل من التعليم إلى التعلم؟
تم النشر في
عبدالحكيم شار- سبق- الرياض: انتقد الكاتب الصحفي الدكتور جاسر بن عبدالله الحربش كثافة الجرعات الدينية التي تقدَّم للطلاب في مختلف المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، والتي لا يتبقى له منها بعد تخرجه إلا الأساسيات التي يمارسها في المسجد، ويسمعها يومياً في المجالس.
 
وتساءل: لماذا لا يُركّز في هذا المقرر على الأساسيات فقط، بحيث لا يطلب أن يكون عند الطالب عمق في أحكام الزكاة وتوزيع التركات؟ مشيراً إلى أن تعليمنا يركز على التلقين والحفظ وإهمال قضايا التفكير والنقد والتحليل والاستقراء والاستنباط "فإذا كنت تريد أن تكون طالباً متميزاً تحصل على ١٠٠٪ من النتيجة يجب أن تستفرغ ما سمعت من معلومات دراسية".
 
وقال: "الحكم على استيعاب الطالب للدرس مرهون بقدرته على إنتاج النص من جديد"، و"إن تعليمنا من الابتدائي إلى الثانوي يُرسّخ الملكية المطلقة للحقيقة لاجترار ما سبق أن لُقّن للأستاذ من أستاذه إلى أستاذه القديم، فهو اجترار للتاريخ والمقررات الدينية بدون تمييز".
 
  وتوقع الكاتب الحربش خلال حديثه اليوم لبرنامج "لقاء الجمعة" مع الإعلامي عبدالله المديفر على قناة روتانا خليجية أن يكون اختصار الكتب والمناهج والمقررات التي تحتوي على عشرات الصفحات المكررة في مختلف المراحل إحدى أولويات وزير التعليم الجديد الدكتور عزام بن محمد الدخيّل.
 
وقال: يجب أن يكون هناك غربلة للمناهج والتقاط المعلومة المفيدة والإبقاء على الشيء الأساسي.
 
ورفض الحربش الإجابة عن تساؤل أن طلابنا ليس لديهم قدوات إلا الكفار، واصفاً السؤال بأنه غريب وملغوم ولا يستند إلى افتراضات صحيحة، كما انتقد غياب ثقافة الحوار في الصفوف الدراسية، وأشار إلى أن هذه الثقافة ليست سائدة.
 
وأكد أهمية مبدأ الحوار أو ما يسمي في الغرب بـ"السيمينار"، من خلال تحديد ساعة أو ساعتين أسبوعياً، يكلف فيها طالبان أو ثلاثة من المتميزين بتقديم موضوع؛  ويتشاركون في دراسته، ثم يجلسون.
 
وأشار الحربش، الذي درس الطب في ألمانيا، إلى أن الصفوف الدراسية في ألمانيا ليست صفوفاً متوازية، وإنما على شكل دائرة؛ ليستطيع الطالب رؤية جميع زملائه والمعلم يقف في الوسط ويتحكم في إدارة الحوار؛ حتى لا يتحول إلى لجاج وفوضى وصخب، ثم يقوم بعد ذلك بمعالجة نقاط الضعف.
 
  وشدد على ضرورة انتقالنا من التعليم إلى التعلّم متسائلاً: ماذا ينقصنا لكي ننتقل؟ موضحاً أن المعلم المتميز يحتاج إلى مناخ جيد، ويعطَى رؤوس أقلام، ويترك له الحرية في التدريس، لا أن يحدد بمنهج دراسي شكلاً ومضموناً وتوقيتاً.
 
وأرجع الدكتور الحربش فشل الكثير من الطموحات التطويرية للدولة في المرحلة السابقة إلى وجود البيروقراطية العميقة الموجودة فيها منذ القدم، مشيراً إلى أن الدولة أدركت ذلك؛ فهي تريد الآن إزاحة الغبار ما أمكن من العقليات القديمة بالاستعانة بعقليات جديدة، وقال: الحكومة المشكّلة حديثاً استعانت بعقليات متوثبة، أثبتت نجاحها.
 
ووصف الحربش جريمة داعش بإحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة بأنها مأساة شرعية وإنسانية قبل أن تكون عاراً حضارياً على جميع الدول الإسلامية أمام العالم الآخر.
 
  وأضاف: العقلية التبريرية للذبح والسلخ والسبي واستباحة الآخر المسالم ليست موجودة في النص الإسلامي الأصلي، وإنما هي مستنبطة وتستند إلى فقه شخصاني لا علاقة له بالدين على الإطلاق.
 
وفسّر رسالة داعش الإعلامية من خلال إنتاجها فيلم حرق الطيار بتقنيات عالية بأنه مرحلة ما قبل الهزيمة، مشيراً إلى أن هذا التنظيم الإرهابي هو ضد الحياة وضد التعايش في الداخل والخارج.
 
وقال: أعتقد أن تلك الجريمة هي القشّة التي ستقصم ظهر داعش، فالأب لا يلجأ إلى ضرب أبنائه ضرباً مبرحاً إلا إذا وصل إلى مرحلة أنه لم يعد مُقنعاً لهم.
 
ورفع الدكتور جاسر الحربش الستار عن مسرحية التزلّف والنفاق للدولة والمجتمع التي تمارسها بعض الجامعات السعودية على مستوى البحوث، مشيراً إلى أن مبدأ التقريب والتبعيد للأستاذ الباحث ومبدأ إعطاء الاعتبار الأول للأكاديمية أو للجامعة الفلانية، على حسب التصنيفات العالمية، قد أوجد سوقاً فاسداً للبحث عن البروز والظهور الإعلامي، ومن ذلك الوصول إلى المكافآت.
 
  وأشار إلى بعض الفضائح التي حصلت؛ إذ يضاف إلى الطواقم البحثية في بعض الجامعات السعودية أساتذة بعضهم حاصل على جائزة نوبل، وهو لا يحضر إلى السعودية، فقط لكي يكون اسمه موجوداً، أو أن يُدخل من ضمن بحث الأسس فيه هي غربية أو صينية أو يابانية ثلاثة أو أربعة باحثين سعوديين، لم يشاركوا في البحث على الإطلاق، وإنما كي تظهر أسماؤهم في هذا البحث فيضافون لمصلحة الجامعة في التصنيف النهائي.. فهي مسألة تزلف ونفاق للدولة.
 
وأرجع ضعف العوائد التطبيقية للبحوث مقارنة بالحائزين بحوثاً علمية إلى أن من يمسكون بمفاصل ما يسمى بالتصنيع في السعودية هم تجار، وليسوا صناعيين! وعارض الحربش دمج وزارة التعليم مطالباً بإيجاد ثلاث وزارات، يكون بينها منافذ تنسيقية، هي: وزارة للتربية والتعليم الأولى من الروضة إلى الثانوية، تكون الشخصية المعلوماتية للطالب، ثم وزارة للتعليم الجامعي، تعلم الطالب الاعتماد على التفكير الذاتي والاستنباط والمشاركة الجزئية في البحث، ثم وزارة خاصة بالأكاديميات ومعاهد البحث العلمي، التي يجب أن تكون مستقلة، ولا يتدخل فيها أحد.
 
وأشار إلى أنه لا يصح أن تقوم على إدارة وتمويل هذه الوزارات العقلية البيروقراطية نفسها، مشدداً على وجوب أن يدير تلك الأكاديميات البحثية فيلسوف علمي منهجي، وليس مجرد إداري بيروقراطي ناجح. 
 
 
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org