مرة أخرى.. التجنيد الإجباري.. بعيداً عن الإرهاب والترهيب

مرة أخرى.. التجنيد الإجباري.. بعيداً عن الإرهاب والترهيب
تم النشر في
تحدثت في مقال سابق عن دعوة فضيلة المفتي سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بالتفكير في التجنيد الإجباري للشباب، وقد ذكرت أنه من الضروري أن نتجنّب الحكم السريع على القضية المعروضة للنقاش، وندعها تأخذ مجالها في النقاش المجتمعي بعيداً عن الإرهاب والترهيب الفكري.
 
وحقيقة فإن هناك جوانب إيجابية كثيرة قد تبرز من ثنايا هذه الدعوة...
 
فالتجنيد الإجباري من شأنه أن يزيد من ولاء الشباب للوطن، فحينما يبذل الشاب سنة أو سنتين من عمره في خدمة وطنه وبلده، فإن هذا يرفع من شعوره بأهمية الوطن وحتمية البذل من أجله، وأن هذا الوطن جزء منه، كما أنه هو جزء من هذا الوطن.
 
كما أن التجنيد الإجباري يرفع من شأن جنودنا وقدرهم في نفوس المواطنين، فهذا الشاب الذي يعايش فترة التجنيد ويعرف كم يبذل المجند والقائد من جهد وتعب في سبيل المحافظة على أمن وسلامة هذه البلاد، فإننا نعتقد أنه سيصبح أكثر تفهماً وتقديراً للدور الذي تؤديه القوات المسلحة وبقية القطاعات العسكرية الأخرى.
 
والتجنيد الإجباري كذلك سيساهم في الحد من الظواهر السلبية التي غزت مجتمع الشباب، ويقضي على ضعف الهمة وتراخي العزيمة، والاتكالية المفرطة، التي بات يعرفها مجتمع الشباب، وفشلت جميع الأطروحات النظرية في إيجاد حلول ناجعة لوقف هذا الغزو المدمر.
 
والتجنيد الإجباري يمكن أن يكون بداية عملية للشباب، فغالب الجامعات تخرج الشباب دون خبرة عملية حقيقية، ويصدم الشباب بحاجة تجمع الأعمال لخبرات حقيقية، ولذا يمكن بالإضافة إلى التدريب العسكري والمهني أن يكون هناك تدريباً عملياً يراعي تخصص الشباب.
 
كما أن هناك جوانب أخرى تظهر فيها سلبيات هذا المقترح.
 
في مقدمة تلك السلبيات الخشية من تسلل الطائفية البغيضة إلى الركن الرئيس في الدولة، بما تحمله من معاول هدم لم تعد خافية على أحد، لا سيما وأن أذرع الطائفيين ما زالت تعبث بأمن المنطقة، وتضع المملكة العربية السعودية على رأس اهتماماتها.
 
وصحيح أن التجنيد الإجباري قد يزيل الفوارق بين أبناء الوطن الواحد، ويجعل المواطنة هي الشعار والدثار، ويصهر الشباب في بوتقة الوطن للجميع، وصحيح أنه أيضاً قد يسبب إشكاليات في مجال الهوية والطائفية، ويثير حساسيات بالغة الدقة.
 
ومن سلبيات هذا المقترح أنه لا يراعي التطور الحادث في الجيوش النظامية التي باتت تعتمد أكثر على المنظومة التكنولوجية، أكثر من اعتمادها على القوة العددية، فالتطور التكنولوجي التسليحي يفوق في أهميته الآن زيادة الكثافة البشرية التي قد تستهلك أكثر مما تنتج، لا سيما وأنها فترات التجنيد الإجباري ستكون مؤقتة، بما يعني زيادة الإنفاق العسكري في غير المجال الحيوي والأهم.
 
إنها مجرد رؤوس أقلام في موضوع شديد الأهمية أردت أن أعرض فيه لوجهتي النظر بعيداً عن مناخ الإرهاب والترهيب والتخوين والخشونة اللفظية، وكلها معوقات لا تمكّننا من النقاش العلمي المثمر والمفيد.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org