السؤال المستفز؟

السؤال المستفز؟
تم النشر في
لست من المؤيدين ولا المروّجين؛ بل أنا من المعارضين لكل حركات العنف المسلح التي تتحرك باسم الإسلام في ديارنا وفي غيرها، وترتكب من التفجيرات ما يعود بالضرر البالغ على قضايانا العادلة وعلى صورة الإسلام الحنيف؛ خاصة في ديار الغرب التي هي أحوج ما تكون إلى أن ترى الصورة الكاملة للإسلام لا الصورة المبتورة الشوهاء.  
 
كانت هذه المقدمة ضرورية لطرح سؤال طالما جال بخاطري واستفز عقلي لأشهر مضت, وحان الوقت لطرحه بصورة علنية واضحة وشفافة, في مسعى للوصول إلى إجابة يطيب بها خاطري وتسكن هواجس العقل المُستفز بشدة؛ جراء التناقض الفاضح الذي يُظهره السؤال.
 
السؤال هنا: لماذا التدخل الأمريكي في اليمن لاعتقال واغتيال أعضاء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب؛ على الرغم من محدودية تأثيرهم محلياً وإقليمياً, وترك قادة وأعضاء "تنظيم الشباب المؤمن" المعروف باسم الحوثيين يفعل ما يشاء بأرض اليمن، ويغير من خارطتها السياسية وتوجهاتها بصورة عبثية؟!
 
هناك عدة خيوط ناظمة تجمع ما بين التنظيمين..
 
لعل أهم هذه الخيوط وأولها: هو الحراك في إطار خارج عن الشرعية, ومحاولة  تغيير صورة الحكم وتوجهاته بصورة قسرية عنيفة, تتخطى المؤسسات التشريعية؛ بل تُلغي المؤسسات التشريعية المنتخبة من قِبَل الشعب وتقفز إلى كرسي الحكم مباشرة.
 
والخيط الثاني الناظم لتنظيم القاعدة والشباب المؤمن: أن كلاهما يحمل أجندة أيدولوجية, تسعى لتغيير نمط الحياة والتوجهات في اليمن, وهو أمر شديد الوضوح, ولا يحتاج إلى دلائل وشواهد عليه؛ فبيانات الفريقين وتصريحاتهما فيها الكفاية للتدليل على صحة ما نعتقده.  
 
والخيط الثالث الناظم للتنظيمين: هو محاولة إلغاء الدولة القطرية، والعبث بمكونات الإقليم, ومحاولة إعادة تشكيله مرة أخرى وفق سياقات متغيرة؛ فالقاعدة ترى الدولة القطرية بدعية سياسية, ومنكراً يجب إزالته بالقوة, والحوثية يسعون إلى ضم لَبِنَة اليمن إلى الإمبراطورية الفارسية التي تتعدى حدود دولة إيران.
 
إذا كانت هذه هي الخطوط الناظمة؛ فما الخطوط الفاصلة؟
 
الخطوط الفاصلة تكمن في الاحتضان الأمريكي للحوثيين, وفي ذات الوقت ملاحقتها للقاعديين؛ فقد أجرى وفد حوثي ترأّسه رئيس المكتب السياسي للجماعة صالح الصماد، وعضوية المتحدث الرسمي باسم الحوثيين محمد عبد السلام وآخرين، محادثات معمّقة مع وفد أميركي برئاسة "آن باترسون" مساعدة وزير الخارجية في مسقط الأسبوع الماضي.
 
وهذه هي المرة الأولى -فيما يبدو- التي يجري فيها قياديون حوثيون محادثات مع مسؤولين أميركيين بشكل علني، وبتنسيق مع إيران وسلطنة عمان؛ حيث جاء اللقاء بناء على طلب أميركي, ووفّرت واشنطن طائرة خاصة لنقل المسؤولين الحوثيين من صنعاء إلى مسقط!
 
وعلى الجانب الآخر, أفادت مصادر صحفية مُقَرّبة من تنظيم القاعدة في اليمن، بمقتل قائد تنظيم القاعدة في اليمن في غارة لطائرة أمريكية من دون طيار في مدينة المكلا شرق اليمن، وقالت: إن ناصر الوحيشي قُتِلَ إلى جانب اثنين آخرين من عناصر التنظيم في غارة لطائرة أمريكية دون طيار.
 
تُرى ما السبب الذي يدعو الولايات المتحدة إلى التعامل مع التنظيمين بمثل هذه الازدواجية والتناقض المدهش؟
 
وهل ترى الولايات المتحدة في الأنموذج القاعدي خطراً داهماً لا تراه في الحوثية؟
 
وهل هناك تقاطع مصالح "أمريكية- حوثية" يُملي عليها هذا الموقف؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org