النزاهة أولاً

النزاهة أولاً
"النزاهة" قيمة دينية أخلاقية سلوكية في المقام الأول، وهي - بلا شك - مرتبطة بالأمانة التي أبت السموات والأرض والجبال حملها، وأشفقن منها لثقلها، وهي ثقافة تسود اليوم المجتمعات الغربية باهتمام كبير، ولكن من منطلقات أخلاقية واقتصادية واجتماعية وغيرها، أما نحن المسلمين فمعنيون بها من منطلق ديني قبل كل شيء، وقوامها الشفافية، ومحاربة الفساد بكل أنواعه وأشكاله، وطهارة اليد، وعدم التعرض للمال العام، أو الممتلكات العامة.
 
من هذا المنطلق، وبهذا المفهوم؛ ومن أجل تكريس هذه القيم الفاضلة أنشئ نادي (نزاهة) بجامعة الملك سعود؛ ليؤسس جيلاً نزيهاً يحارب الفساد، ويعفّ عن المال العام، ويعتمد طهارة اليد، ورفعة النفس، والحفاظ على ممتلكات الدولة التي هي ملك للجميع، بموجب ثقافة ورقابة ذاتية، وليس فقط تحت ضغط القوانين والعقوبات والرقابة الرسمية.
 
وبدهي أن يعمل "النادي" في هذه المرحلة؛ من أجل تأسيس ثقافة عامة للنزاهة، والمساهمة في تفعيل دور الجامعة المحوري، في نشر الوعي المجتمعي بأهمية مكافحة الفساد، وترسيخ مبدأ الشفافية، انطلاقاً من محاضن العلم، وصروح المعرفة.
 
ويهدف "النادي" إلى تكريس ثقافة "النزاهة"، والاستقامة، والشفافية، والرقابة الذاتية، ونشرها في أوسع نطاق وسط الطلاب، والقيام بمبادرات نوعية تشكل رسائل لتوعية وتثقيف الطلاب بهذه القيم، وتنمية الإحساس بالمسؤولية، والالتزام بالأخلاق العامة.
 
ويسعى "النادي" إلى تنفيذ البرامج الهادفة إلى تعزيز مفهوم "النزاهة"، والتعريف به، وربطه بالأخلاق، والمسؤولية، والتعبد، والأمانة، باعتبارها ضمن المبادئ الأخلاقية للعمل، وهي من قواعد السلوك والتعامل، وكذلك العمل على جعل هذه القيم ثقافة طلابية تسود الجامعات.
 
ومن خطط النادي المستقبلية: إعداد الدراسات المتعلقة بالنزاهة، والشفافية، وبرامج التدريب، وتنظيم الحملات التوعوية في هذا الجانب، وإقامة الفعاليات المختلفة المتنوعة، والأنشطة المتعدد؛ الرامية إلى تكريس هذه القيم في أوساط الطلاب، وتنمية الوازع الديني لديهم، وتعزيز الشعور الوطني، وغرس المبادئ الرامية إلى حماية المال العام.
 
وللعمل على تحقيق الأهداف والنتائج المأمولة، يسعى "النادي" إلى طرح هذه الثقافة عبر وسائل الإعلام المختلفة والمتعددة، من صحف، وإذاعات، وفضائيات، وصحافة إلكترونية، وغيرها؛ ومن ثم تفعيل مبدأ "النزاهة" داخل الجامعات حتى تصبح ثقافة مجتمع، تصطحب الطلاب بعد التخرج لتعزز مؤهلاتهم، وتضيف بعداً مهماً للمخرجات التعليمية، التي تتجه إلى سوق العمل، بواحدة من أهم القيم الإنسانية، والإسلامية، والأخلاقية.
 
"النزاهة" سلوك أخلاقي رفيع لا تستقيم الحياة إلا به، وهي خلق متمم لصفات المسلم، وسلوكياته الإيجابية، كما أن "النزاهة" تعني الزهد في المال العام، بل الحفاظ عليه، والحرص على حمايته، وما أحوجنا إلى سيادة مثل هذه المفاهيم، التي تعني الرقابة على الذات، وهي أفضل من رقابة الجهات الرسمية، أو رقابة الأنظمة واللوائح.
 
وفي ترسيخ مثل هذه القيم، والالتزام بها، إسهام فعلي في التنمية والبناء والاستقرار، وكذلك الأمن الاقتصادي، وقبل كل شيء سلامة للمجتمع، وتجسيد لمبادئه الإسلامية، وتكريس للثقة بين أفراده، وحفظ لحقوق الأجيال القادمة.
 
إن مبدأ ترسيخ مفهوم "النزاهة" في الجيل القادم، سيحمي البلاد من آفة الفساد، التي أنشئت من أجلها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، التي تعنى بنشر ثقافة "النزاهة"، ولكن بسبب كثرة شكاوى الفساد، التي تتلقاها "الهيئة" من الفساد القائم، جعلها تهتم بهذا الموضوع أكثر من غيره؛ لذلك فنادي "نزاهة" قد يسهم بشكل أو بآخر في ترسيخ هذا المفهوم، وتحصينه ضد الفساد، الذي أصبح مثل سرطان مستشر في جسد الوطن.
 
"جامعة الملك سعود" لا تزال تفكر إلى الأمام، وتبحث عن هموم المجتمع؛ لكي تسهم في إبراء الجرح، وشعار الجميع: ((النزاهة أولاً.. قبل مكافحة الفساد))، وفي حال انتهجنا "النزاهة"، فلن نحتاج إلى مكافحة الفساد.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org