"ألفا ستيم".. ورأس جبل الجليد!!

"ألفا ستيم".. ورأس جبل الجليد!!
هل يكفي إعلان هيئة الغذاء والدواء حول إيقاف تسويق أجهزة "ألفا ستيم"، ومنع الحملات الدعائية لحين استخراج التراخيص؟!! هذه خطوة مهمة من الهيئة، لكن من المهم أيضاً أن يكون لها موقف صارم تجاه الأجهزة التي تم بيعها للمرضى المُغرر بهم، ومَن خُدعوا من قِبل المنشآت الطبية الخاصة.
 
نعلم نحن المتخصصين في مجال الطب، وتعلم الهيئة تماماً، أن الهيئات المماثلة في الدول الغربية، وفي مثل هذه الحالات، تعلن لمن غُرر بهم واشتروا هذا المنتج أن لهم الحق في إعادة الجهاز للجهة التي قامت ببيعه، واسترجاع كامل المبلغ، وهذا أقل ما يمكن عمله كحق من حقوق المستهلك لدينا.
 
وفي المقابل، فعلى الهيئة أن لا تمرر هذا الاستهتار بصحة المستهلك من قِبل الشركة الموزعة للجهاز بهذه السهولة والبساطة، وأن يحال كل من تسبب في ذلك للقضاء؛ فنحن نتحدث عن قضية تجاوز للأنظمة، وعبث بصحة المرضى.
 
أما تصريح الجمعية السعودية للطب النفسي فهو موقف مشرف، ويدل على مهنية الجمعية في تسجيلها موقفاً علمياً واضحاً وصريحاً دون أية مجاملة. وهذا ما كنت دوماً أطالب به الجمعيات العلمية بأن يكون لها مشاركة فعلية في قضايا المجتمع الصحية، ولا تكتفي بمجرد الأبحاث والمؤتمرات العلمية.
 
وقد أوضحت الجمعية أن الجهاز غير مصنف ضمن التوصيات العلاجية المبنية على البراهين لدى أي من التوجيهات العالمية المعتبرة، أو أي جمعية علمية للطب النفسي. كما أن فعالية الجهاز غير مدعومة ببراهين علمية تكفي لإدراجه ضمن الأساليب العلاجية المعترف بها، والموصى بها لعلاج بعض الاضطرابات النفسية.
 
 وهنا أيضاً نوع آخر من العبث بصحة المرضى: فكيف يحق لبعض أطباء العلاج النفسي استخدام هذا النوع من العلاج والجهاز؟ بل التسويق والترويج له، دون وجود براهين علمية واضحة، ودون توافر فسح للجهاز وتسويقه من الهيئة؟!! ألا يدخل هذا في العبث بحقوق المرضى والاستهتار بهم؟!!
 
وهنا أيضاً نعلم نحن المتخصصين في المجال الطبي، ويعلم أولئك الأطباء النفسيون، أنه في بعض الحالات التي يتم فيها استخدام أساليب علاج مبتكرة، أو أجهزة طبية جديدة، ما زالت تحت التجربة والبحث، بالإمكان السماح باستخدامها مع المرضى وفق أطر ومعايير محددة ودقيقة، وبعد أخذ الموافقات من الجهات الرسمية المعنية، وبما يضمن سلامة المرضى ومراعاة حقوقهم.
 
فعلى سبيل المثال، في الدول الغربية عند استخدام أجهزة طبية لأغراض بحثية، أو لمعرفة كفاءة الجهاز في علاج مرض ما، لا بد أن يكون المركز معترفاً به من قِبل الجهات الصحية الحكومية للقيام بذلك، ويُشترط إشعار المريض بذلك، وتزويده بالمعلومات والمحاذير والمضاعفات كافة المتعلقة باستخدام الجهاز، كما تؤخذ موافقته خطياً على استخدامه، وبعلمه بذلك.. فكيف تقوم بعض تلك المراكز الطبية بتقديم تلك الخدمة العلاجية، وبيع ذلك الجهاز للمرضى دون أدنى اعتبار لتلك الأخلاقيات الطبية؟!! 
وهنا فالمجتمع ينتظر موقفاً صارماً من وزارة الصحة تجاه ذلك، موقفاً مماثلاً لما فعلته هيئة الغذاء والدواء.
 
وفي السياق ذاته، لا بد من تسجيل كل الشكر والتقدير للدكتور متعب حامد العنزي، الذي كان له السبق في إشعار الرأي العام بتلك التجاوزات، ودعوته لاتخاذ الإجراءات النظامية تجاه ذلك.
 
على كلٍّ، فهذه الحادثة تُشعرنا بأهمية تشديد الرقابة على ما يُباع من أجهزة أو يقدَّم من خدمات علاجية جديدة في المنشآت الصحية؛ فهناك العديد من الأجهزة الطبية التي بدأت تظهر وتُستخدم بشكل كبير في مجال علاج البشرة، وإزالة الشعر، وعمليات التجميل، والأسنان، وغيرها من المجالات.. فهل تلك الأجهزة مفسوحة من قِبل الهيئة، وهل تستند للبراهين العلمية المعتبرة؟!!
 
ثم ما هي قصة الصيدليات التي أصبحت أقرب لأن تكون معارض لبيع الكماليات؛ فتجد العطور بأنواعها، وأدوات التجميل، والكريمات المحتوية على بودرة الذهب!! والمكملات الغذائية، وغيرها من الأجهزة والمواد التي تحمل ادعاءات طبية دون براهين علمية؟!!
يبدو لي أن قضية "ألفا ستيم" ليست سوى رأس جبل الجليد!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org