كيف الصحة يا (كورونا)؟

كيف الصحة يا (كورونا)؟
حين تُقابل شخصاً، وتسلِّم عليه وتصافحه، تسأله تلقائياً: كيف الصحة؟ وحين تتطرق لوالديه تسأله عن صحتهما؛ فنلاحظ أننا لم نسأل عن ماله، ولا عن أملاكه، ولا وظيفته، ولا عن درجته العلمية.. بل كانت الحالة الصحية هي محل السؤال؛ لكونها الأهم؛ فحين يمرض الشخص تختل ترتيب أولوياته في الحياة؛ فتصبح الصحة هي الأولوية الأولى، وتتراجع الطموحات والآمال والتطلعات؛ لتحتل آخر سلم الأولويات؛ فيصبح الشفاء هو أسمى الأماني، وكذا حين يمرض شخصٌ في البيت تنصرف اهتمامات أفراد الأسرة إليه حتى يمُنَّ الخالق عليه بالشفاء. حمى الله الجميع من كل سوء أو مكروه.
 
من هنا تُعتبر وزارة الصحة - في نظري - من أهم الوزارات، إن لم تكن أهمها على الإطلاق؛ فشعب مريض لا يمكن أن يُنتج؛ وعليه فإن أي مشكلة أو حدث عابر في وزارة لا يكون سبباً في إبعاد وزيرها بالدرجة نفسها التي يكون عليها ذلك في وزارة الصحة. ولنا في انتشار (كورونا) ووزير الصحة الأسبق الدكتور عبدالله الربيعة خير مثال، رغم أنه يُعد من خيرة الجراحين وأمهرهم على مستوى العالم، ومع ذلك لعل تفشي ذلك المرض حينها كان – كما أُشيع - السبب الرئيس في تكليف المهندس عادل فقيه بوزارة الصحة، الذي اتخذ حينها العديد من الإجراءات التي حدت من انتشار المرض.
 
والآن يعيش المواطنون والمقيمون على هذه الأرض الطاهرة هاجس هذا المرض مرة أخرى، بعد أن عاد ليضرب بقوة في مملكتنا الحبيبة؛ فأصبحنا نسمع بين الحين والآخر عن قفل جزئي لأقسام أو طوارئ بعض المستشفيات، وما تنشره وزارة الصحة عن أعداد المصابين والمتوفين بسببه، وكذا تتداوله وسائل الإعلام وغيرها من تحذيرات منه، وطرق الوقاية؛ ما أشعر المتلقين بأنه أصبح في حُكْم ما يشبه الوباء، مع أنه - بحمد الله - لم ولن يصل - بمشيئة الله - إلى تلك المرحلة، ولكن ذلك - دون شك - ألقى بظلال قاتمة على ما قد تبذله الوزارة المعنية من جهود في مكافحته؛ الأمر الذي يُعد - دون شك - اختباراً قاسياً لوزيرها الجديد؛ لأنه من الصعب التغاضي حيال أي إخفاق في مكافحة هذا الوباء، حتى وإن كانت تبذل جهوداً حثيثة لمقاومته رغم صعوبته؛ لكونه لا يخص وزارة الصحة فقط بل تشترك فيه وزارة الزراعة بدرجة عالية، ولكن قدر وزارة الصحة أن تكون في الواجهة.
 
وإذا كانت الإبل - كما يُذكر بقوة أشبه بالتأكيد - هي المصدر الرئيس لهذا المرض فلا يصح مجاملة ملاكها، بل يجب في حالة ثبوت ذلك بشكل مؤكد أن يكون هناك مكافحة لهذا المصدر من أجهزة الدولة المعنية كافة، وليس فقط من وزارتَيْ الصحة والزراعة، بما يحمي الأمة من مخاطر هذا المرض، وبما يقضي عليه بشكل نهائي؛ فلا يعود يطل على بلادنا بشكل سنوي. وهنا في حالة الحاجة أدعو إلى إتلاف بعض الإبل، وأكرر في حالة ثبوت أنها مصدر الوباء، ولا بد أن يتم تعويض ملاكها التعويض المناسب؛ فقد تكون هي وسيلة عيشهم، ولا ذنب لهم مطلقاً في إصابتها بهذا المرض، أو كونها ناقلة له.
 
وعموماً، فإن إتلاف مصادر الأمراض من الحيوانات الناقلة للفيروسات ليس جديداً؛ فقد أعلنت وزارة الزراعة عام 2007 إتلاف ملايين الطيور في السعودية للاشتباه في إصابتها بفيروس إنفلونزا الطيور، كما أتلفت دول شرق آسيا والصين على وجه الخصوص أيضاً أعداداً هائلة من الطيور لهذا السبب، كما أن جمهورية مصر العربية أعدمت ما يزيد على ثلاثمائة ألف خنزير لإصابتها بإنفلونزا الخنازير، وعوّضت الحكومة المصرية وقتها ملاكها. وفي بريطانيا تم إعدام عدد كبير من الخنازير والأبقار بعد إصابتها بالحمى القلاعية، ثم أعدمت بريطانيا ما يزيد على أربعة ملايين بقرة في التسعينيات من القرن الماضي لإصابتها بما يسمى "جنون البقر"، بل حينها تكدس ما يزيد على خمسة ملايين طن من لحوم البقر التي تم ذبحها سلفاً لعدم وجود سوق تقبلها، بل إن شدة التدابير وقتها أثرت في انتقال الأعلاف والأسمدة في دول الاتحاد الأوروبي.
 
ومن المهم هنا ألا يُفهم أن المقصود هو الدعوة إلى إتلاف بعض الإبل ما لم يكن ذلك هو الحل الوحيد، وإنما الدعوة هنا لاتخاذ التدابير كافة التي تحمي سكان مملكتنا الغالية بشكل حضاري، باتخاذ تدابير صارمة وحازمة كإبعاد حظائر الإبل عن المدن والقرى، وفرض إجراءات صحية من قِبل البلديات ووزارة الزراعة على هذه الحظائر وعمالها والمخالطين لها، وإخضاع لحومها وألبانها للفحص الدقيق، والتوعية بشكل واسع بمخاطرها في الوقت الراهن إلى أن تعلن وزارتا الزراعة والصحة خلو بلادنا من هذا الفيروس.
حمى الله بلادنا من كل سوء أو مكروه.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org