التويجري​ لـ"سبق": لم أخاصم إعلاميي السعودية.. و"​الإيسيسكو"​ لا تتدخل في السياسة

قال إن اللغة العربية مهدَّدة بسبب تفشي "العاميات" وتشجيع اللغات الأجنبية
التويجري​ لـ"سبق": لم أخاصم إعلاميي السعودية.. و"​الإيسيسكو"​ لا تتدخل في السياسة
تم النشر في
-  ​واجهت إيران وقاومت الضغوطات.. وانتقدت سياستها مع الدول الإسلامية​​ وفكرة شبكة "النساء العالمات"
-  حاربنا التوجُّه التكفيري وما حدث في جمهورية مالي وهاجمنا فيلم النائب الهولندي
- نضع استراتيجية للتقريب بين المذاهب الإسلامية لإحداث التفاهم والتصالح بين أتباعها لأن هناك من يحرض على الطائفية
-  لدينا الكثير من البرامج والمواقع الإخبارية التي تساعد على نشر الثقافة الإسلامية
-  نتعامل مع من يسيء إلى الإسلام والمسلمين بالحكمة والحقائق
-  الجميع مسؤول عن منظومة العمل داخل الإيسيسكو ولست وحدي
-   ندعم مبادرة تحالف الحضارات بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة
 
حاوره: خالد خليل- سبق- الرياض: يقول الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام لمنظمة "الإيسيسكو"، وهي المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، إن الذنب ليس ذنب المنظمة في عدم التعريف بشكل كافٍ بأنشطتها وإنجازاتها المتعددة، إنما الذنب يقع على بعض وسائل الإعلام التي لا تقوم بنشر وتوعية المجتمع السعودي والعالم الإسلامي بذلك. ويقول في حواره مع "سبق": "ندعم تعليم اللغة العربية على أوسع نطاق؛ لأن هناك خطراً كبيراً يهدد هذه اللغة؛ وذلك بسبب تفشي العاميات وتشجيعها في كثير من المجتمعات العربية، وكذلك مزاحمة اللغات الأجنبية". ويشير إلى أن الأحداث تؤثر في وضع استراتيجية للتقريب بين المذاهب الإسلامية لإحداث التفاهم، والتصالح بين أتباع المذاهب؛ لأن هناك من يحرض ويشجع الطائفية. ويتطرق الحوار لعدد من المحاور المهمة.. فإلى تفاصيله:
 
 
* تعرضت لانتقاد في ملتقى إعلاميي الرياض أخيراً.. فما أسبابه؟
لم يكن هناك انتقاد على الإطلاق. اللقاء كان لقاء جميلاً، وممتازاً جداً، وكريماً من الإخوة الزملاء والأفاضل العاملين في ملتقى إعلاميي الرياض. وكان قد شرفنا بالحضور الأخ والصديق الدكتور عبد الرحمن الهزاع رئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون. وكان الحديث عن رسالة المنظمة في نشر الثقافة وحمايتها في العالم الإسلامي، وكنت قد قدمت لهم عرضاً عن منظمة الإيسيسكو " المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة"، ونشاطها واستراتيجيتها وبرامجها وخطط عملها. والبعض قال إننا لا نرى أثراً لهذه الأنشطة التي تتحدث عنها، فكان ردى على الإعلاميين بأن الذنب ليس ذنب الإيسيسكو، إنما الذنب يقع على بعض وسائل الإعلام التي لا تقوم بنشر وتوعية المجتمع السعودي والعالم الإسلامي بتلك الأنشطة، على الرغم من أن هناك علاقة تربطنا مع وسائل الإعلام والبحث العلمي والتعليم العالي والجامعات ومنظمات أخرى داخل السعودية، وعلى رأسها منظمة التعاون الإسلامي، وهي المنظمة الأم الموجودة في (جدة)، ومع البنك الإسلامي للتنمية، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، ومكتب التربية العربي لدول الخليج، وغيرها من المنظمات التي تحتضنها السعودية. وأنا سعيد لأني أتحدث إلى "سبق" التي فازت بالسبق في تغطية الأخبار بشكل مهني واحترافية واضحة، ومتابعتها لما يجرى في العالم بأكمله، وليس فقط ما يدور داخل السعودية.
 
* ما السبب الذي يجعل بعض العرب ينتقدون المنظمات الإسلامية والعربية مع عدم الشعور بإيجابيتها.. في حين أن الأغلبية تثمن دور المنظمات الأوروبية المماثلة، وترى أنها أفضل بكثير من المنظمات العربية والإسلامية؟
سأتحدث عن الإيسيسكو، أما بقية المنظمات فلها رجالها. نحن لدينا قسم إعلامي نشيط جداً، بجانب وجود موقع في شبكة المعلومات الدولية باللغات الثلاث، وهي (العربية، الإنجليزية والفرنسية)، وموقع متحرك يقوم بتغطية نشاط المنظمة وما تقوم به من أعمال في العالم الإسلامي وفي خارجة؛ وذلك لكي يستطيع كل شخص التعرف على هذا النشاط من خلال الدخول إلى هذا الموقع، وكذلك نقوم بإرسال الأخبار الخاصة بأنشطتنا وبرامجنا واستراتيجيتنا والمؤتمرات الوزارية التي نعقدها إلى وسائل الإعلام ووكالات الأنباء في جميع دول العالم الإسلامي. والدول الأعضاء في الإيسيسكو بلغ عددها الآن 52 دولة؛ وهذا بالطبع يلقي على المنظمة مسؤولية كبيرة جداً، والتزامات كثيرة في تنفيذ البرامج والأنشطة في مجالات اختصاصها التربوية والاقتصادية والثقافية. وأتمنى في المستقبل أن يكون التواصل بين الإيسيسكو ووسائل الإعلام أكثر استمرارية؛ لكي تصل المعلومات عن أنشطة المنظمة وما تنفذه في العديد من الدول؛ وذلك لنقيس نتائج التنفيذ، وهل هو مفيد ويترك أثراً في هذه المجتمعات.. فمنذ إنشاء المنظمة عام 1982 حتى اليوم نفَّذت المنظمة في تلك المدة أكثر من عشر خطط عمل ثلاثية، ووضعت ست عشرة استراتيجية قطاعية، وفتحت العديد من المكاتب الإقليمية ومراكز تربوية في العديد من الدول الأعضاء، وارتبطت الإيسيسكو مع أكثر من 190 منظمة دولية وإقليمية وغير حكومية في جميع أنحاء العالم. كما أن الإيسيسكو تعقد مؤتمرات ميزانية كل عام للتربية والتعليم العالي والبحث العلمي والثقافة والبيئة، وتقوم على إشراف وتنفيذ برامج العواصم الثقافية، ويُحتفى بثلاث عواصم في كل عام، عاصمة عربية وإفريقية وآسيوية. وهذا البرنامج يهدف إلى إحياء التراث، ويشجع على الاستثمار في الجوانب الثقافية والحضارية في تلك الدول بإنشاء المتاحف والمؤسسات الثقافية، ودعم النشر، والاعتناء بالمبدعين، وتخصيص جوائز لهم.. فهذا الحراك والنشاط في العواصم الثلاث لتعزيز العمل الثقافي وتقويته. كذلك الإيسيسكو تعمل بشكل كبير مع المسلمين خارج العالم الإسلامي؛ فنحن نعقد كل عام اجتماعاً لمسؤولي المراكز الثقافية في أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا ومسؤولي المراكز الثقافية في أوروبا. وهذه الاجتماعات لو لم تعقدها الإيسيسكو لما اجتمع المسؤولون، وعرف بعضهم. ونحن نوفر لهم ذلك ليتدارسوا مشاكلهم، ويتعاونوا في البرامج المشتركة التي تخدم الجاليات المسلمة في العديد من تلك الدول. وقد أشاد بهذا النشاط مؤتمر القمة الإسلامي ومجلس وزراء الخارجية لمجلس التعاون الإسلامي. وهناك تقارير موجودة في أرشيف منظمة التعاون الإسلامي وأرشيف الإيسيسكو. وهناك جانب مهم تقوم به الإيسيسكو مع منظمة اليونسكو ومبادرة تحالف الحضارات ومركز الملك عبدالله للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، الذي يوجد مقره في النمسا. وهذا يُعد عملاً وتنفيذاً لمبادرة خادم الحرمين الشريفين التي تدعو إلى تعزيز العلاقات الحضارية والثقافية بين الشعوب وأتباع الأديان في مواجهة العنف والتطرف والكراهية والصور النمطية المشوهة للثقافات والأديان.
 
 
 * ما دور منظمة الإيسيسكو "المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة" في مواجهة تدني اللغة العربية وقلة استخدامها؟
لا نعمل بمفردنا، ودورنا استرشادي، ونحن ندعم تعليم اللغة العربية، ونشأ هذا التعليم على أوسع نطاق؛ لأن هناك خطراً كبيراً يهدد هذه اللغة؛ وذلك بسبب تفشي العاميات وتشجيعها في كثير من المجتمعات العربية، وكذلك مزاحمة اللغات الأجنبية. وليس معنى هذا أننا ضد تعليم اللغة الأجنبية؛ لأنها تعد ضرورة للانفتاح والمعرفة وتوسيع المدارك وتحسين الخبرات، لكن لا ننسى لغتنا العربية، اللغة الأم، لغة القرآن الكريم والسنة النبوية والتراث الإسلامي والحضاري الذي نعتز به؛ فيجب أن ننميه. والإيسيسكو مهمتها وطريقة عملها دعم ونشر اللغة العربية. ولدينا الكثير من البرامج والأنشطة ودورات تدريبية لتعليم اللغة العربية. وأتمنى من الدول الأعضاء أن تزيد من جهودها وإنفاقها على تحسين جودة التعليم باللغة العربية، وتحسين أوضاع المعلمين، والعناية على نشر قواعد التعليم من خلال وسائل الإعلام؛ لأن اللغة هي وعاء الحضارة والثقافة وهوية الأمة. فلغتنا العربية هي الأقوى والأشرف؛ لأنها لغة القرآن الكريم. وأعتقد أن مجمع اللغة العربية في مصر اتخذ في السنوات الماضية قراراً، يطلب من خلاله من الدول العربية أن تُصدر قوانين، تُلزم كل الدول باستخدام اللغة العربية.
 
* هل يمكن أن تتأثر المنظمات الثقافية والإنسانية والتراثية بالسياسة والخلافات بين الدول وما يدور على الساحة من صراعات؟
يبدو أن هناك خلطاً؛ لأن المنظمات السياسية هي منظمات متخصصة في العلاقات بين الدول، والمشاكل التي تطرأ فيما يربط دولة بأخرى. ونحن لا نتدخل في الجانب السياسي؛ لأن المنظمة متخصصة في التربية والعلوم والثقافة، لكن الأحداث تؤثر بالطبع عندما تقوم الإيسيسكو بوضع استراتيجية للتقريب بين المذاهب الإسلامية لإحداث التفاهم والتصالح بين أتباع المذاهب الإسلامية؛ لأن هناك من يحرض ويشجع على الطائفية وعلى سب الصحابة وأمهات المؤمنين وعلى نشر المذهب في أوساط المسلمين من غير أتباع ذلك المذهب، أو إرسال مقاتلين مدججين بالسلاح ليقاتلوا المسلمين في ذلك البلد، فهذا بالطبع يخرب ولا يقرب؛ ونحن نتأثر بهذا. فمن هذا المنطلق لا بد أن تُخدم ثقافة الشعوب لمعالجة الكثير من الأخطاء.
 
 * كيف تتصدى الإيسيسكو للتداخلات السياسية في نشاطاتها؟
هذا يحدث مع الكثير من المنظمات الدولية، مثل اليونسكو التي تعنى بالتراث والثقافة والحوار، كما نعنى نحن، فهي تتأثر كما نحن نتأثر. لكن ما نتبعه نحن الإيسيسكو تجاه الأمور السياسية هو أننا ندعو دائماً إلى تغليب الحكمة والعقل والمصالح العليا للأمة العربية والإسلامية على المصالح الضيقة. وكذلك ندعو إلى أن تتكاتف الجهود في إطار منظمة التعاون الإسلامي لمواجهة من يحاول إثارة الفتن وإثارة الطائفية وتخريب العلاقات بين المسلمين بقرارات حاسمة؛ وذلك لأن ميثاق منظمة التعاون الإسلامي وميثاق الإيسيسكو يؤكدان ضرورة حماية استقلال الفكر الإسلامي، ودعم جهود الشعوب الإسلامية في تحقيق السلم والأمن وتعزيز العلاقات بين الشعوب. فمن يحاول إفساد هذه العلاقات يجب أن يقف عند حده بقرارات حاسمة، تصدر عن مجلس وزراء الخارجية الإسلامية وعن القمة الإسلامية أيضاً.
 
* تصدر العديد من المنظمات العربية والإسلامية القرارات ولا يُفعل منها إلا قرار واثنان فقط.. فهل هذا يحدث في منظمة الإيسيسكو أيضاً؟
بالطبع، هناك العديد من القرارات التي لا تُفعل في الإيسيسكو، لكن أكثر القرارات التي تتخذ في المؤتمرات الوزارية المتخصصة أو في المؤتمر العام يتم تفعيلها. ونحن في الإيسيسكو نوظف كل هذه التوجهات والتوصيات والقرارات التي تصدر عن المؤتمرات الوزارية وعن المؤتمر العام، ويتم توظيفها في خطة عمل ثلاثية؛ فيتحول ذلك إلى برامج ميزانية وإلى أنشطة تنفَّذ في الدول الأعضاء. فإذا أردنا أن نعطي لهذا التنفيذ تقويماً معيناً فإننا نستطيع أن نقول إننا حققنا نجاحاً بنسبة 80 % من عملنا، وهذه بشهادة المؤسسات المشرفة على عمل الإيسيسكو، وهي المؤتمر العام الذي يضم الوزراء والمجلس التنفيذي، ويشرف على تنفيذ الأنشطة داخل الإيسيسكو.
 
* لماذا قامت الدول الأخرى قبل منظمة "الإيسيسكو" باتخاذ مواقف للدفاع عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو الثقافة الإسلامية أو قضايا بورما ومالي وغيرها؟
نحن في طليعة من ندَّد بأي عمل يسيء إلى العالم الإسلامي، أو أي تصرف من بعض المسلمين المتطرفين ممن يقومون بأعمال إرهابية وتخريبية، ويسيئون إلى الإسلام، وذلك مثل الأعمال التي تقوم بها القاعدة؛ فقد كنا نحن أول من انتقد وحارب هذا التوجه التكفيري، وأيضاً ما حدث في مالي كنا أول المنددين به، وقدمنا دعماً إلى مالي. وإننا نرصد كل ما يحدث في العالم الإسلامي وما يضر بالإسلام والمسلمين. كذلك كنا أول المنددين والمهاجمين للفيلم الذي أنتجه النائب الهولندي عن شخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم. فلدينا برامج لتصحيح الصور المشوهة والخاطئة عن الإسلام والمسلمين، وأنتجنا العديد من الكتب والدراسات باللغات الثلاث. فنحن حريصون على أن نكون في خدمة العالم الإسلامي والدفاع عن الإسلام والمسلمين، والرد على الأكاذيب بالحجج والحقائق، ودن تشنج.
 
* هل هناك استراتيجية جديدة تضعها لوسائل الإعلام، يمكن من خلالها الدفع بكل ما تقوم به الإيسيسكو من أعمال؟
نعم، نحن وضعنا استراتيجية جديدة، وبدأنا بالفعل في تنفيذها؛ وذلك بهدف التوسع في قسم الإعلام بالمنظمة. فأنا أعتقد أن هناك مشكلة في توصيل المعلومة من وكالات الأنباء في الدول الأعضاء إلى وسائل الإعلام في تلك الدول؛ لأننا نرسل البيانات والقرارات والأعمال كافة إلى تلك الوكالات، وكنا نعتقد أن المعلومات تصل إلى وسائل الإعلام.
 
* كيف يتم تعامل المنظمة مع المتطوعين من الشباب والأهالي والمنظمات غير الحكومية ومع المنظمات الحكومية؟ وهل تسمح المنظمة بالأفراد والدول والجمعيات؟ وما آليات التواصل؟
 هناك آليات كثيرة. نقوم بالتوقيع مع هذه المنظمات، إما بمذكرات تفاهم، أو بروتوكول تعاون، أو اتفاقيات تعاون في إطار الأسس القانونية والتنظيمية، ويتم التعاون وتنفيذ العديد من الأنشطة. ونحن متفتحون على منظمات المجتمع المدني والهيئات والمنظمات الخيرية والداعمة. وعلى سبيل المثال: لنا علاقات واسعة مع مؤسسة الشيخ زايد للأعمال الإنسانية، ومع مؤسسة قطر الخيرية، ومع جمعية الدعوة الإسلامية في ليبيا، وغيرها من المؤسسات. ولنا علاقات مع منظمات المجتمع المدني فيما يخص احترام حقوق الإنسان والديمقراطية؛ وذلك بهدف تحصين الشباب وتفهيمهم بأن هذه المبادئ هي لبناء الأوطان، وليس خدمات شخصية وفئوية وحزبية.
 
 
* ما أفضل إنجازات منظمة الإيسيسكو؟
هناك إنجازات كثيرة أفتخر بها. ومن أهم هذه الإنجازات الإشراف على وضع استراتيجية تطوير التعليم الجامعي _ استراتيجية الثقافة للعالم الإسلامية _ استراتيجية التقريب بين المذاهب، وغيرها من الاستراتيجيات التي بلغت ست عشرة استراتيجية. ومن الأشياء التي أعتز بها التمكُّن من إنشاء المقر الرئيسي للإيسيسكو في الرباط، كما أنني ساهمت في تقديم الصور الصحيحة عن الإسلام والمسلمين في كثير من الدول، من خلال المحاضرات والإصدارات التي ألَّفتها، ومن خلال الحوارات التي شاركت فيها في منتديات عدة.
 
* بصراحة.. يرى البعض أنك تتمسك بالمنصب في أربع دورات متواصلة في الإيسيسكو.. فما السبب؟
 أولاً، أنا أحمد الله سبحانه وتعالى، وأثني عليه بالشكر على أن وفقني في خدمة الدول الأعضاء في هذه المنظمة التي تُعد من كبريات المنظمات العاملة في ميادين العمل الإسلامي المشتركة، ودعم الدول الأعضاء التي في مقدمتها السعودية، التي أنتمي إليها وأعتز بهذا الانتماء، الذي مكنني مع زملائى فى الادارة العامه   من أن أحقق الكثير من الخطط والبرامج التي أشرفت على وضعها خلال السنوات التي أمضيتها حتى الآن في إدارة هذه المنظمة. والتجديد لي من قِبل المؤتمر العام لمنصب المدير العام للإيسيسكو بالإجماع ثقة أعتز بها من الدول الأعضاء، وأعتقد أنهم لو لم يجدوا أثراً لنتائج عمل المنظمة وسياستها العامة لما اتخذوا مثل هذا القرار. إضافة إلى أنه لم يكن هناك أحد ينافسني في مراحل التجديد على منصبي. فهذا شرف أعتز به، وأقدره حق التقدير. وأنا أشعر بثقل هذه المسؤولية؛ فلا بد أن أوفي بتلك المسؤولية على أحسن وجه. والحمد لله أن وفقني في أن أعمل مع زملائي بالإدارة العامة في تنفيذ ما يقرره المؤتمر العام، وأن نكون أمناء على ما ائتُمنا عليه من مسؤوليات. وأنا أمضيت في منظمة الإيسيسكو أكثر من عقدين، ولم يكن لها من قبل مقرٌّ تملكه، أو مكاتب إقليمية، أو مراكز تربوية تحظى بها. وكان عدد الدول الأعضاء لا يتجاوز 36 دولة، واليوم -ولله الحمد- المنظمة أنشأت مقرها الدائم  في الرباط، ومكتبين إقليميين، الأول في الشارقة، والثاني في طهران، ولها خمسة مراكز تربوية: أربعة في إفريقيا، والخامس في ماليزيا. وارتبطت بعلاقات قوية مع العديد من المنظمات الدولية والإقليمية، ونفذت أكثر من عشر خطط عمل ثلاثية، ووضعت 16 استراتيجية قطاعية، وارتفع عدد الدول الأعضاء إلى 52 دولة. فهذا التوسع وهذا النمو وهذه الإنجازات جعلت الدول الأعضاء تتمسك بالمدير العام وتصر على أن يبقى على رأس هذه المنظمة. وإذا كان هذا هو قرار الدول الأعضاء بالإجماع، فماذا تريدني أن أفعل؟
  
* تُنتقد بأنك رجل واحد في المنظمة.. فهل لا يزال أسلوب الرجل الواحد داخل المنظمات قائماً؟
لا أقول إنني الرجل الواحد القائم بكل الأعمال. ومن يعتقد ذلك فهذا غير صحيح على الإطلاق؛ فالجميع داخل الإيسيسكو مسؤولون عن إدارتها على أكمل وجه، وأنا دائماً حال تغيبي على اتصال بهم في الاستشارات أو القرارات التي يحتاج إليها العمل؛ فهذه المنظمة منظمة مؤسسات وسياسات واستراتيجيات؛ ولا تحتاج إلى سلطة الرجل الواحد. والآن أحب أن أقول إن المنظمة في الرباط أصبح بها أكثر من 165 موظفاً وموظفة، وبها  مديريات تحتضن الأمانة العامة لاتحاد جامعات العام الإسلامي، ومركز الإيسيسكو لتعزيز البحث العلمي وغيرها من الأجهزة التابعة لها، وكلها مؤسسات تعمل وتتحرك سواء أكان المدير العام موجوداً أم  في مهمة أو إجازة أو غير ذلك..
 
* هل تفضِّل الولاء على الكفاءة في العمل؟
أنا أفضِّل الكفاءة في العمل، وأحاسب على التقصير، ولا أريد من ينافقني أو يمدحني لتحقيق أغراض خاصة به؛ فأنا لا أقبل ذلك على الإطلاق؛ لأني تربيت على احترام العمل والمسؤولية.
 
* وهل ندمت على قرار اتخذته؟
لم أندم على أي قرار اتخذته؛ وذلك لأنني أستشير، وأمعن النظر، وأتحرى الدقة قبل أن أتخذ القرار، ولا أعتقد أنني اتخذت قراراً أضر بمصالح المنظمة على الإطلاق؛ إذ كانت القرارات محل ثقة وتقدير من قِبل الدول الأعضاء.
 
* في أحد الاجتماعات كانت هناك ضغوط من إيران لتسوية إحدى الأزمات المالية التي تعرضت لها المنظمة، وعرضت عليكم إيران مساعدة أو دعم، لكن رفضت المنظمة بشكل لبق، هل لنا أن نعرف القصة بالضبط؟
في الحقيقة لم تعرض علينا أي دولة مبلغاً مالياً أو أي دعم في أي اتجاه كان، لكن كان هناك في الحقيقة خلاف في وجهات النظر بشأن إنشاء الشبكة الإسلامية للنساء العالمات حيث كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تريد أن يكون مقر الشبكة في طهران، واعتمدوا على توصية من المؤتمر الإسلامي لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي الذي كلف المنظمة بدراسة هذا الأمر، وبالفعل تم اتخاذ الإجراءات، وأجلنا هذا الموضوع لكي يدرس من قبل الوزراء المعنيين بالتعليم العالي والبحث العلمي في مؤتمرهم الذي يعقد كل سنتين، وأصرت الجهات المسؤولة في إيران على أن يكون هذا المركز في طهران، وأنا قلت إن الأمر ليس بيدي، الأمر بيد الوزراء المعنيين، إذا قرروا أن يكون ذلك كما تريد إيران، فأنا سأنفذ، ولكن لا أستطيع أن أتخذ قرارا من عند نفسي لمثل هذا الأمر دون موافقة المؤتمر الإسلامي لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي. ربما كان هناك سوء فهم أو ما يشبه ذلك.
 
* دائما ما تعد إيران والدائرة التي حولها من طرف المراقبين، الدائرة المعيقة لعملكم، وكانت تضع مشاكل وعراقيل، كيف تعالجون هذه الأمور؟
بالحكمة وحسن التصرف، أنا أعتقد أن إيران دولة عضو لها الحق أن تعبر عن مواقفها ورايها كما تشاء في الاجتماعات والمؤتمرات، لأن الجو جو ديمقراطي يعطي لكل دولة عضو الحق في طرح رؤاها وتصوراتها. لكن المعول عليه في الأخير هو القرار الذي يصدر عن المؤتمر، والمؤتمر دائما قراراته بالأغلبية، لم نلجأ إلى التصويت أبدا لأننا كنا نريد الخروج بالتوافق. وبالفعل المؤتمرات التي عقدناها سواء في ما يتعلق بالمؤتمر العام أو بمؤتمر وزراء التعليم العالي والبحث العلمي، أو وزراء البيئة أو الطفولة أو وزراء الثقافة لم يكن هناك أي تصويت على أي قضية، كانت الأمور تحل بالتوافق وبالحكمة وحسن التصرف. أنا أعتقد أن المشكلة هي مع بعض القياديين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الذين تصدر منهم تصريحات أو مواقف تضر بالعلاقات بين إيران وبين العديد من الدول الأعضاء، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي وهذا بالطبع يضر إيران ومكانتها في العالم الإسلامي، كذلك موقف إيران من الشعب السوري، والدعم الذي تقدمه لنظام يقتل شعبه ويدمر مدنه وقراه بالأسلحة الكيماوية وبالبراميل المتفجرة وإرسالها للمليشيات التي تدربت لديها أو تحت تصرفها، كما هو الشأن بالنسبة لحزب الله اللبناني ولواء أبي الفضل العباس، وعصائب أهل الحق العراقية وغيرهم من القوات التي تقاتل في سوريا وتدمر وتقتل الشعب السوري، وهو أمر نرفضه جملة وتفصيلا، لأنه يتعارض مع ميثاق منظمة التعاون الإسلامي ومع ميثاق الإيسيسكو ويسيء إلى مصالح الدول الأعضاء. ولعل الأمور تسير نحو ما هو أفضل للجميع، بإذن الله.
 
* لكنك كنت تخرج منزعجا جداً في كثير من الأحيان من الاجتماعات!
لا ليس بهذه الصورة. أنا دائما أتحدث بصراحة وحريص على أن يكون العالم الإسلامي عالما تسوده المحبة والسكينة والتسامح والاحترام المتبادل واحترام خصوصيات الشعوب الإسلامية. ولم يسبق لي أن خرجت من أي اجتماع قبل اكتمال أعماله. أحيانا بعد بعض الاجتماعات أشعر بمرارة وأسى مما يجري. انظر إلى هذا الاحتقان الطائفي المقيت من يحركه ويشجعه؟ ما فائدة بعض الدوائر في إيران ومن يتبعها في أن تنشر المذهب الإثني عشري في مجتمعات سنية استقرت فيها مذاهب معينة، كالمذهب المالكي، أو الشافعي أو الحنفي أو الحنبلي، ما الفائدة من ذلك، وهل هذا سيزيد في قوة إيران أو في قوة المذهب، هذا نوع من التخريب، لأن إحداث مثل هذه البؤر في دول استقرت فيها المذاهب الإسلامية هو عمل يقصد به التخريب وضرب مكونات هذه المجتمعات بعضها ببعض، هذا ليس من الحكمة في شيء، ولا من الإسلام في شيء. إذا كانت تلك الدوائر في إيران تريد أن تنشر المذهب الإثني عشري، فلتذهب إلى مجتمعات لا تدين بدين، أو تدين بالوثنية وأمامها العالم كله تستطيع أن تقدم مذهبها فيه، لكن لماذا تستهدف المجتمعات السنية، ولماذا تذهب لتأخذ الطلاب من أفريقيا وآسيا ومن الجاليات المسلمة في الغرب لتدرسهم في الحوزات وتحولهم إلى مذهبها، لماذا تمول بعض التابعين لها في مجتمعات سنية لنشر المذهب، لماذا تنفق إنفاقات كبيرة لنشر الفكر الطائفي من خلال قنوات فضائية عديدة وتقول إنها تحمي اتباع مذهبها في الدول الأخرى وفي الوقت نفسه هي لا تعطي المسلمين السنة في إيران أي حق شرعي كغيرهم من مواطني تلك الدول. لا يوجد في طهران مسجد واحد لأهل السنة، المسلمون السنة في طهران معظمهم يصلون في المسجد التابع للسفارة السعودية، وقد اخبرني بهذا العديد من السفراء في طهران الذين التقيت بهم، أو عندما تركوا العمل في مناصبهم. فهم يصلون في مكان وفرته لهم سفارة خادم الحرمين الشريفين، وأنا لدي تقارير من المرجعيات السنية في إيران تحكي الواقع المرير الذي يعيشونه، مثلا ليس هناك وزير سني في إيران، ولا وجود لسفير سني في الدولة، أو لموظف في منصب قيادي أو في الاستخبارات أو الأمن أو في مكتب المرشد الأعلى السيد آية الله علي خامنئي. وفي طهران لوحدها هناك أزيد من مليوني سني، وعدد السنة في إيران يبلغ أكثر من 15 في المائة من سكان إيران، فهم لا يحصلون على حقوقهم ولا يتمتعون بالمزايا والفرص التي للآخرين، فكيف تأتي وتطالب بحقوق هي محفوظة للمواطنين الشيعة الذين يعيشون في دول الخليج العربي. هذه قضية تخريبية تتعارض مع مبادئ حسن الجوار وقبل هذا تتعارض مع روح الأخوة الإسلامية.
 
 
 * من المعروف أن هناك دعماً سعودياً لمنظمة الإيسيسكو.. فهل هو كافٍ؟
أولاً: السعودية تقدم الدعم لجميع مؤسسات العمل العربي المشترك ومؤسسات العمل الإسلامي المشترك، وليس صحيحاً على الإطلاق أن السبب هو أنه على رأس هذا العمل سعودي؛ فهي تذهب في دعم هذا العمل كمبدأ منذ أن تأسست هذه المنظمات. ثانياً: السعودية أكبر داعم للعمل العربي والإسلامي المشترك؛ فهي تقدم أعلى نسبة في المساهمات؛ فالسعودية تدفع ما يقارب 10 % من موازنة الإيسيسكو، وكذلك منظمة التعاون الإسلامي، كما أنها تدفع النسبة الأكثر للجامعات العربية (يختلف في تركيبة الحصص). وإن وجودي أو وجود شخص آخر لا يزيد من دعم السعودية للمنظمة؛ فالسعودية تدعم لأنها مؤمنة بهذا العمل. وقد أكدت مراراً أن السعودية لا تتدخل في عمل المنظمة أو توجِّه طريقها على الإطلاق؛ فهي تحترم استقلالية هذه المنظمة، وتقدم لها الدعم.
 
* رسالتك إلى الشباب السعودي والإسلامي..
رسالتي إلى الشباب: العلم والتحلي بالأخلاق الكريمة، والحفاظ على الأوطان وعلى مكتسباتها، والبعد عن التعصب والطائفية وعن ضيق الأفق وعن ازدراء الآخرين. وأقول لهم: الله سبحانه وتعالى خلق الناس مختلفين، وخلق الكون باختلافه وتنوعه، فمن تعاليم الإسلام أن نحترم هذا الكون الذي أوجده الله بمن فيه وما فيه، وأن يكون ما نقوم به من عمل هو لصالح البشرية جمعاء؛ لأن المسلمين رسل خير وهداية وعمل صالح، لا يقتصر على فئة دون أخرى؛ لأن النبي بُعث للناس كافة، وبُعث رحمة للعاملين؛ فيجب أن نتأسى به، وأن نفهم معنى الرحمة التي جعلها الله عنوان الرسالة لهذا الرسول الكريم. فأدعياء الدين أفسدوا الكثير من قيم الدين ومن رونقه وسماحته؛ فيجب الابتعاد عنهم. فالوسطية والاعتدال والتمسك برفق بهذا الدين كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم. وكل ما أوصى به شبابنا هو "العلم، العمل والاستقامة".
 
 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org