ترتيب الفوضى اليمنية

ترتيب الفوضى اليمنية
كل المعطيات والمؤشرات والدلائل على الساحة اليمنية تؤكد توجه البلاد إلى أتون الحرب الأهلية من جراء انقلاب التمرد الحوثي على الشرعية المتمثلة في الحكومة والرئاسة، وعلى حليفها الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح الذي يبدو أنه استفاق متأخراً من تخدير الجماعة له بوعودها الخيالية الكاذبة؛ ليصف هو الآخر ما أقدمت عليه تلك الجماعة بالانقلاب على الشرعية. ولعل ما أكد هذا التوجه توالي إغلاق السفارات الأجنبية ومغادرة منسوبيها ورعاياها العاصمة صنعاء، وبوجه أخص السفارتان السعودية والأمريكية. كما سارعت المنظمات الدولية أيضاً إلى إجلاء موظفيها، ولعل أهمها البنك الدولي الذي كان يوفر أكثر من 1.1 مليار دولار لدعم اليمن.
 
 إغلاق السفارات ومغادرة الرعايا والدبلوماسيين جعلا مليشيات الحوثي تدخل نفق الانعزال السياسي، وخصوصاً بعد عزمها حل البرلمان الذي يسيطر على مقاعده حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة حليفها الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح؛ ما أثار حفيظة كل القوى اليمنية، ورفضت المساهمة في هذا الإجراء، ودعت لمقاومته.
 
وبالرغم من الجهود الدبلوماسية التي يبذلها المبعوث الأممي جمال بن عمر في التفاوض مع القوى اليمنية كافة إلا أن التحركات على الأرض تخالف الأقوال والوعود والالتزامات؛ فكل المؤشرات تؤكد اقتراب الدخول في الفوضى العارمة، التي سيدفع ثمنها غالياً المواطن اليمني البسيط الرازح تحت ضغوط الفقر ومطالب زعماء القبائل وفساد كثير من الأنظمة والأحزاب السياسية.
 
الميدان اليمني بات متأهباً لحرب أهلية تديرها قوى دولية مع طهران بواسطة مخلبها الحوثي، من خلال ذراعها العسكري المتمثل فيما يسمى بـ"أنصار الله"، وهو الأمر الذي سيستدعي تدخل كثير من القوى الإقليمية والدولية لحماية المصالح والمواقع الاستراتيجية، كمضيق باب المندب الذي لن تسمح القوى الدولية بوقوعه تحت عبث طهران وحلفائها.
 
إن وضع اليمن المتردي يحتم على دول مجلس التعاون أن لا تكتفي بالنشاط السياسي والدبلوماسي، وأن لا تعول كثيراً على القوى الدولية؛ فالأمر بالنسبة لهذه القوى لا يعدو أن يكون ورقة مقايضات، تستعملها متى ما أرادت لتحقيق أطماعها، فالوضع اليمني يحتم على المجتمع الدولي، وخصوصاً مجلس التعاون، أن يجبر مليشيا جماعة الحوثي على أن تعيد الشرعية إلى اليمن من خلال الإفراج عن الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس حكومته "بحاح"، وإعادة مجلس النواب اليمني لممارسة مهماته، وأن تسارع إلى نزع سلاحها، وإعادة تموضع عناصرها خارج صنعاء وباقي المحافظات اليمنية، والاتفاق حول صيغة تضمن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة بإشراف دولي وإقليمي، بل جمع الفرقاء اليمنيين كافة في (طائف) أخرى شبيهة باتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية.
 
كما على دول الخليج العربي أن تمد جسور التواصل مع كل الأحزاب اليمنية المناهضة للتمرد الحوثي، وتقديم الدعم المعنوي والمادي لها؛ لتوفر الأمن للمواطن اليمني؛ ولتحمي اليمن من خطر التقسيم الطائفي والمذهبي الذي تسعى له إيران وداعموها وعناصرها في الميدان اليمني.. وعلى الدول الخليجية أن توجه التحذير الواضح للتمرد الحوثي بأنه إن لم تذعن لمطالب الشرعية الدولية فإنها ستقود حملة دبلوماسية ضاغطة لانتزاع قرار أممي تحت الفصل السابع، يخولها بالتدخل العسكري ضمن تحالف دولي لتوجيه ضربات عسكرية محددة على مواقع مختارة، لعل أهمها محافظتَيْ صعدة وعمران معقلي الإرهاب الحوثي؛ لتحمي أمنها القومي من خطر تنامي المنظمات الإرهابية، ولقطع الطريق على الخطط التوسعية الإيرانية ومحاولتها استعمار اليمن وضمه إلى جانب العراق وسوريا.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org