في معرض الكتاب.. الورق أغلى من المؤلف!!

في معرض الكتاب.. الورق أغلى من المؤلف!!
ظاهرة إشهار المؤلف (بكسر اللام وفتحها)، والاستعراض بتقليعة (توقيع كتابي والإهداء بقلمي)، انتشرت في معرض الكتب الخليجية خصوصاً؛ وجعلت الورق أغلى من المؤلف أحياناً!!
ذهب العلم بذهاب العلماء، وتورَّع المؤلفون المستحقون، وتوارى المفكرون الأفذاذ، وخلت الساحة للباحثين عن الشهرة من باب العلم وتأليفه!
وظهر شباب التعالم، ممن يريد ترويج اسمه وكتابه عندما جمَّع حروفاً، وركَّب كلمات.. ومصيره حبس الرفوف، وانصراف عين المثقف والقارئ؛ لأنه لن يجد علماً وأدباً وتأصيلاً ونقداً! وإنما حشو ورق بالحبر والألوان!
التأليف لا يكون إلا بعد رسوخ علمي، وتجارب حياتية، تُكتب غالباً في آخر مراحل حياة المؤلف، وقد تكون بإلحاح تلامذته وطلابه.. لكن شباب اليوم يهيمون في الوهج الإعلامي على حساب العلم وتأصيله ودراساته وبحوثه.
ترى تجمُّعاً من المتسوقين في معرض الكتاب على كتاب عبارة عن رواية، أو هواجس، أو خيالات، أو كلام حب وعشق باهت! بلغة معوجة، وتركيب مفكك، وشطحات أخلاقية ولغوية، وقد تكون عقدية..
يجلس هؤلاء للأضواء، ولو سألت بعضهم عن جملة أُشكلت عليك في كتابه لا يجيبك!
هناك تسطيح علمي وفكري في التأليف، يؤدي بل أدى إلى ضحالة التحصيل العلمي والأدبي والثقافي والأخلاقي للقارئ.
الكل يطمح إلى أن يكون الشعب العربي قارئاً كمًّا وكيفاً، لكنه انقلب إلى قارئ كمًّا! أما الكيف والنوع فما شتات وروايات وحب وغرام وتحريض وحقن نفوس وتعصب وشعر فارغ..
صحيح أن نَفَس القارئ قصير اليوم، لكن يجب أن يقدَّم له ما يتوافق مع ذلك، بأن تقع عينه على علم راسخ، وتوجيه مؤسس وصحيح.
اليوم تقرأ حروفاً ولا تجد معاني! وتُعجب بالألوان ولا ترى علماً.. نَفَس المؤلف العلمي تحوَّل إلى تجميل الخلفية بصوره وتعبيراته، هنا يُقتل العلم!!!
نخشى أن نقول يوماً:
"نحن أمة لا نقرأ، وإذا قرأنا جهلنا"!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org