رئيس الهيئة والإعلام واستراتيجية التحوُّل!!

رئيس الهيئة والإعلام واستراتيجية التحوُّل!!
قبل ما يربو على عقدين من الزمن التقيتُ أحد المشايخ الفضلاء المسؤولين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودار بيننا حديث ذو شجون حول جوانب القصور في مسيرة الهيئة وعوامل التطوير والنجاح. وأذكر حينها أنني تحدثت معه حول محورين: الأول: يتعلق بأهمية الاستثمار في الإعلام، وخروج الهيئة بأطر أكثر ابتكاراً وتجديداً. والآخر: بشأن التدريب وبناء القدرات لدى العاملين فيها. مؤكداً أن هذين الأمرين لا بد أن يكونا استراتيجية محورية، لا مناص للهيئة من العمل بهما.
 
يمرُّ العقد خلف العقد، وما زالت الهيئة تعمل بأطر إعلامية تقليدية، في تقديم رسالتها السامية نحو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا فيما ندر، تشمل في معظمها تصريحات ومقابلات إعلامية أو محاضرات، عدا المشاركات في المعارض والمهرجانات.
 
ولا شك أن في ذلك خيراً، لكن هل ستكون هذه الأساليب ذات فعالية عالية ومؤثرة في عصر المعرفة الإلكترونية وانتشار وسائط الإعلام الرقمي؟
الهيئة بحاجة ماسة لمزيد من التطوير في أدواتها الإعلامية، والسير وَفْق منظومة عمل مؤسسي للتخطيط لحملات توعوية مبتكرة لإيصال رسالتها للمجتمع، تمزج فيها بين الأطر التقليدية والأطر الحديثة، كاستخدام الإعلام الجديد من خلال حملات إلكترونية شاملة ومتكاملة، عوضاً عن أهمية العمل على "بناء التأييد" للهيئة على مستوى متخذي القرار وقادة الرأي والفكر في المجتمع وذوي المصلحة.
 
ومن الضروري أن يصاحب ذلك استخدام الأساليب العلمية في التخطيط للحملات، التي لعل من أهمها منهاج "التسويق الاجتماعي" (SM)، الذي يعد أحد أهم الأساليب المستخدَمَة عالمياً في تطوير أو تعديل المفاهيم والمعارف والمهارات والسلوكيات في المجتمعات. ويستند ذلك المنهاج إلى النظريات العلمية في تعديل السلوك أو تحسينه. وهو ما تبرز الحاجة إليه في الهيئة.
 
وفي ظل الهجمة الإعلامية الشرسة على الهيئة، التي لم تعد تخفى على القاصي قبل الداني، وتديرها بعض القنوات الفضائية وعدد من الإعلاميين، والتي خرجت عن النقد الإعلامي المهني والهادف إلى ما هو أقرب للتشفي والافتراء وتتبع السقطات وتشويه السمعة.. تتأكد الحاجة لدى الهيئة لضرورة التصدي لذلك بأساليب علمية مدروسة، كنظريات ومنهجيات "إدارة السمعة في المنظمات" (CRM)، التي تُستخدم في تحسين الصورة الذهنية في المجتمعات عن المؤسسات والقطاعات؛ وذلك لتغيير الصور النمطية عن الهيئة لدى بعض فئام المجتمع.
 
وتشير الأدبيات العلمية إلى أهمية استخدام مفهوم "إدارة السمعة" في المؤسسات التي تستند في تقديم خدماتها إلى "المعرفة"، كالتي تعمل في مجال التوعية والقيم والمبادئ والمعتقدات؛ وبالتالي فالهيئة بأمسّ الحاجة للاستثمار في ذلك.
 
ولعل ما يثلج الصدر مؤخراً قيام الرئيس العام للهيئة بإنشاء لجنة عليا للإعلام والتواصل، وهو مؤشر على استراتيجية تحوُّل واضحة للهيئة بالاستثمار الأمثل في الإعلام، وهي خطوة نوعية إذا ما تحقق لها منهجية عمل علمية واضحة مبنية على تحليل الواقع، وتوفير موارد كافية، واستخدام أُطر مبتكرة، عوضاً عن أهمية بناء شراكات مع بيوت خبرة عالمية متخصصة في تطوير الحملات المجتمعية، وتحسين السمعة في المؤسسات والمنظمات.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org