اقتصاديون لـ"سبق": رفع الدعم الحكومي عن "البنزين والديزل" يتطلب صرف بدلات جديدة

وزير المالية يلمّح لاحتمالية التخفيض ومحافظ "النقد" يشير إلى إعادة النظر في دعم بعض السلع
اقتصاديون لـ"سبق": رفع الدعم الحكومي عن "البنزين والديزل" يتطلب صرف بدلات جديدة
- تقرير "سيتي بنك" يكشف احتمالية أن تصبح السعودية مستوردة للنفط في عام 2030م.
- الهدر ورخص السعر وتزايد تهريب البنزين والديزل السعودي لليمن والأردن يعجّل برفع الدعم عنهما.
- إعادة هيكلة دعم الدولة عن بعض السلع سوف يأتي بوفرة على الاحتياطات النقدية.
- "باتكوك": أي تغيير في سياسة دعم الوقود ستؤثر على السلع والمنتجات الأخرى.
- "البشري": سوف يؤدي إلى ترشيد الاستهلاك ويقلل من عمليات الهدر غير المبررة في الوقود.
- "بو حليقة": علينا أولاً أن نتعامل مع الهدر وسوء الاستخدام؛ للحدّ من تكلفة الدعم على الخزانة العامة للدولة.
- محمد العتيبي: ستزيد من تكلفة البنزين ويتضرر المواطن وسيدفع الفارق من جيبه.
- منصور عبدالله: من سيتحمل فاتورة رفع الدعم إذا تم؟.. وهل سترفع الرواتب أيضاً؟
ريم سليمان- سبق- جدة: اعتبر خبراء اقتصاديون سعوديون، أن رفع الدعم الحكومي عن الوقود "البنزين، والديزل، والغاز.. إلخ، سيكون قراراً إجبارياً في المستقبل القريب؛ مؤكدين أن تصريحات إعلامية لبعض المسؤولين السعوديين لمّحت لضرورة رفع الدعم عن هذه السلع في أكثر من مناسبة اقتصادية.
 
فهل رفع الدعم أو تخفيفه عن الوقود (البنزين، والغاز، والديزل.. إلخ) سيؤثر على أسعار السلع والمنتجات الأخرى المختلفة؟ وهل ستُستثنى فئات معينة من المجتمع؟ أم سيتم الرفع على الجميع؟
 
إعادة هيكلة الدعم
من جانبهم توقع مختصون اقتصاديون أن إعادة هيكلة الدعم الحكومي عن بعض السلع، سوف تأتي بوفرة للاحتياطات النقدية للحكومة؛ حيث بلغت نسبة الدعم لبعض السلع الاستهلاكية 300:350 مليار ريال سعودي؛ منها 170 مليار ريال دعم للطاقة؛ أي أن أكثر من 35% من الميزانية المخصصة للدعم.
 
 تناقش "سبق" خبراء اقتصاديين للتعرف على تأثيرات رفع الدعم عن منتجات الطاقة (البنزين، والديزل، والغاز.. إلخ) وتأثيره على المواطن.
 
ضرر على المواطن
ينزعج المواطن أبو محمد العتيبي -من أهالي جدة- من الحديث عن رفع الدعم الحكومي عن البنزين، قائلاً: "البنزين أساسي في حياة المواطن السعودي لاتساع المسافة وابتعاد المدن وزحمة السيارات؛ موضحاً أنه يقطع يومياً في عمله مئات الكيلو مترات ويسافر بشكل شبه يومي إلى المدينة المنورة للعمل، ورفع الدعم سيزيد من تكلفة البنزين ويعود بالضرر على المواطن الذي سوف يدفع هو الفارق من جيبه".
 
رفع الرواتب
واتفق المواطن منصور عبدالله مع ما قاله محمد العتيبي؛ متسائلاً: "من سيتحمل فاتورة رفع الدعم إذا تم؟ فهل سترفع الحكومة الرواتب حتى تغطي الزيادة التي سوف تحدث على كل المنتجات؟ أم ستترك المواطن ضحية لجشع التجار؟ آمل بالتفكير في ذلك قبل اتخاذ قرار الرفع".
 
إعادة الهيكلة
وتواصلت "سبق" مع الكاتب الاقتصادي غسان باتكوك للتعرف على ماهية الدعم الحكومي للطاقة، وقال: "لا بد من إعادة النظر جدياً في إعادة الهيكلة للدعم من حيث مقدار الدعم ونوع السلع؛ لافتاً إلى وجود ركنين أساسيين لترشيد دعم الطاقة وهما: ترشيد جانب العرض وترشيد جانب الطلب؛ حيث يعتمد الأول على زيادة كفاءة الطاقة من خلال تحسين مواصفات المنتجات، وتوزيع الأحمال الخاصة لتجنب تركيز الاستهلاك في ساعات الذروة، مع البدء في استخدام العدادات الذكية".
 
وعن ترشيد الطلب، أوضح أنه يعتمد على تشجيع خفض الاستهلاك من خلال تخفيض الدعم الحكومي (الترشيد من خلال التسعير)، ويظل أمام الجهات المعنية الأخذ بالخياريين معاً أو أحدهما، وبالرغم من أن الحديث عن الدعم يُعَدّ من الأمور غير المفضل الحديث عنها دائماً من قِبَل الحكومة؛ فإنه قد ظهرت إشارتان صَدَرَتا من جهات مسؤولة تشير إلى اقتراب موعد رفع الدعم عن الطاقة؛ أولاهما حديث وزير المالية السعودي في القمة الاقتصادية للدول العشرين في أستراليا؛ حيث لمّح إلى احتمالية تخفيض الدعم، والثاني حديث محافظ مؤسسة النقد الذي أشار فيه إلى أهمية إعادة النظر في الدعم المقدم لبعض "السلع"؛ حيث تُعَدّ من الإشارات النادرة التي يقوم بها مسؤولون سعوديون بشكل علني.
 
وكشف عن استهلاك السعودية للمشتقات النفطية، الذي وصل إلى 1/ 3 الإنتاج اليومي، وفي ظل تراجع أسعار البترول من منتصف العام الماضي، بات رفع الدعم ضرورة ملحّة؛ محذراً من التقرير الصادرة عن مؤسسة الـ"CITY BANK"، والذي كشفت فيه عن احتمالية أن تصبح دولة مستوردة للنفط في عام 2030، وهذا يعد أمراً خطيراً جداً.
 
تدعيم محدودي الدخل
وبسؤاله عن مقدار الدعم ومدى تأثيره على الميزانية السعودية وعلى المواطن، أجاب "باتكوك" قائلاً: "أقرب التقديرات لمقدار الدعم السنوي تشير إلى 300:350 مليار ريال سنوياً؛ منها 170 ملياراً لدعم الطاقة، وقد جاء ذلك وفق تقرير دعم الطاقة الصادر من الأمم المتحدة؛ مما يؤكد أن إجمالي الدعم يشكّل نسبة كبيرة في الميزانية، وهو ما يقترب من 35% من الميزانية، 10% من إجمالي الناتج المحلي السعودي؛ لافتاً إلى أن حصة الوافدين المقيمين من هذا الدعم، تقدر بـ100 مليار؛ أي ما يقرب من 1/ 3 الدعم يذهب للعمالة.
 
وحول تأثير تخفيف الدعم عن الديزل والبنزين على المواطن، أوضح أنه يؤدي بالضرورة إلى زيادة أسعار الكهرباء والماء؛ لارتباطهما المباشر بالديزل؛ ناصحاً بأن يتم قصر الدعم على الشرائح الاجتماعية الأقل دخلاً، ثم قال: تخفيف الدعم سوف يكون له انعكاسات؛ حيث تُعَدّ الطاقة مكوناً أساسياً لكل السلع والخدمات، وأي تغيير في سياسة الدعم يؤثر على السلع بالصعود؛ ناصحاً بأن يكون التخفيض تدريجياً ويرافقه خلق لبعض البرامج الاجتماعية التي تدعم محدودي الدخل، مثل إنشاء شبكة من الجمعيات التعاونية لتوفير السلع بأسعار أقل.
 
وأنهي الخبير الاقتصادي حديثه لـ"سبق"، بالإشارة إلى ضرورة مرافقة مبادرات عملية لتنويع الدخل الحكومي عند التوجه لتخفيض الدعم، مثل الصناعات المتقدمة والتركيز على الاقتصاد القائم على المعرفة والسياحة والخدمات؛ حتى تساعد على استيعاب سياسات الدعم.
 
ولفت إلى أن الدعم الحكومي لكثير من السلع والخدمات يجب إعادة النظر فيه؛ لإيقاف الهدر الحاصل والاستهلاك الكبير لكثير من السلع والخدمات.
 
الديزل أولاً
وتَوَقّع الكاتب والخبير الاقتصادي محمد البشري، أن يتم الرفع التدريجي للدعم الحكومي على الوقود، ومن المتوقع أن يتم البدء بالديزل كخطوة أولى، ويتبعها البنزين؛ بَيْدَ أنه استبعد نهائياً رفع الدعم عن الغاز؛ نظراً لمنطقية الاستهلاك المحلي وارتباطه بالحياة اليومية للمواطنين.
 
ورأى أن ارتفاع سعر البنزين سوف يؤثرعلى المواطن (رفع نسبة التضخم)؛ ولذا يقترح أن يتم صرف بدل للموظفين لضمان عدم تأثر دخل المواطنيين بشكل مباشر؛ لافتاً إلى أن قرار رفع الدعم سوف يؤدي إلى ترشيد الاستهلاك، ويقلل من عمليات الهدر غير المبررة في استهلاك الوقود.
 
وأشار إلى أن رفع الدعم عن الديزل سوف يؤثر بشكل أكبر على ارتفاع بعض المنتجات الأخرى؛ موضحاً أن عمليات النقل البري وكثيراً من الصناعات، يعتمد الكثير منها على الديزل؛ مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار بعض السلع، ومن أمثلة السلع المحتمل ارتفاع أسعارها: بعض المواد الغذائية، وخصوصاً الأسماك، ومن الأمثلة للمنتجات غير الغذائية: مواد البناء والتشيد والتي سوف تتأثر جزئياً.
 
تهريب الوقود
كما أكد "البشري" أن رفع الدعم عن الطاقة أمر ليس اختيارياً؛ بل لازم حدوثه، والحديث فقط عن التوقيت ونسبة الرفع، وهل سيرفع تدريجياً أم بالكامل؟ وهل سيكون على الديزل أم البنزين أم الاثنين معاً؟ وقال: "مصادر الطاقة تُعَدّ مصدراً قابلاً للنضوب، وليس متجدداً، ومن الضروري التعامل مع هذا الملف من الآن وبشكل حازم"؛ محذراً من النتيجة التي سوف تحدث في حالة استمرار نسبة الزيادة في كمية الاستهلاك المحلي والتي من المتوقع أن تؤدي في النهاية إلى عدم تصدير النفط والاكتفاء بتغطية الاستهلاك المحلي، كما أنه سوف تتحول السعودية بعد ذلك من دولة مصدّرة إلى دولة مستوردة للنفط.
 
ولفت إلى ارتفاع نسبة الاستهلاك للديزل والبنزين؛ حيث تعتبر المملكة إحدى أعلى الدول استهلاكاً في العالم للفرد؛ نظراً لأن سعر الديزل والبنزين يُعَدّ منخفضاً جداً مقارنة بالأسعار العالمية؛ مشيراً إلى بعض عمليات التهريب التي تتم عبر الحدود مع اليمن والأردن بسبب رخص سعر الوقود، وقال: دول الخليج تتجه الآن إلى توحيد سعر الوقود أو حتى تقليل الفجوة السعرية للبنزين والديزل بين الدول الخليجية.  
 
واقترح "البشري" في نهاية حديثه رفع الدعم بشكل تدريجي وليس كاملاً؛ حتى تستطيع الصناعات التي تعتمد على الديزل أن تستوعب هذا الرفع، وتحاول أن تقلل من تكاليفها لاستيعاب الزيادة، وعدم تمريرها بشكل كامل على المواطن؛ مؤكداً أن التنافس بين الشركات سيكون لصالح المواطن في النهاية لاختيار السلعة المناسبة بالسعر المناسب.
رفع الكفاءة
من جهته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان بو حليقة، أن هناك مؤشرات تؤكد أن ثمة هدراً في استخدام البنزين السعودي؛ بل وحتى حالات تهريبه إلى خارج الحدود للدول المجاورة؛ بغية الاستفادة من فارق السعر، وهو المدعوم من الدولة من أجل المواطنين.
 
وقال: "علينا أولاً أن نتعامل مع الهدر وسوء الاستخدام؛ ففي المحصلة سيؤدي ذلك إلى رمي عصفورين بحجر؛ بحيث تقلل الكميات المستهلكة؛ بما يؤدي إلى تحسين الكفاءة من جهة، ومن جهة أخرى الحد من تكلفة الدعم على الخزانة العامة للدولة".
 
 ورأى أن السعي لرفع الكفاءة له أولوية أعلى أثراً من رفع سعر البنزين مباشرة؛ موضحاً أن رفع الكفاءة أمر مطلوب لن يجادل فيه أحد، أما رفع السعر فسيكون محل جدل واسع لاعتبارات أهمها أن الجزء الأهم من البنزين المستخدم هو للنقل، ولا يفوت التذكير أن معدل نمو السكان في المملكة مرتفع نتيجة للنمو الطبيعي الناتج عن التكاثر، وكذلك نتيجة لنمو استقدام العمالة الوافدة؛ كل هذا يجعل السعي نحو رفع الكفاءة في استخدام الوقود -وتحديداً وقود السيارات- أمراً جوهرياً ومتطلباً مسبقاً للحديث عن رفع أسعار البنزين.
 
ورأى أن فكرة الترشيد باتت غير كافية؛ فالمتطلب الضروري للحد من استهلاك الوقود هو توفير نظام متكامل للنقل العام داخل المدن وبينها؛ بما يجعله يحلّ محل السيارة الخاصة، أو أن ينافسها منافسة جادة، ثم قال: في ظل عدم توافر نظام لداخل مدننا، سيكون من الصعب التفكير عملياً في رفع سعر البنزين؛ باعتبار أن تخفيض السعر كان في الأساس للتخفيف من تكاليف التنقل ذهاباً للعمل أو لنقل التلاميذ للمدارس، أو ذهاب الشاب للجامعة أو لأغراض التواصل الاجتماعي والعمل على تنوعها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org