- البلادي: راتبي 3000 ريال وأعمل من السادسة والنصف صباحاً والمعاناة مستمرة.
- الحربي: أتعامل مع الطلبة والطالبات بأبوية ولم أقصّر في واجبي قط.
- عيضة: دور الحارس ليس فتح الباب وغلقه كما يرى البعض.
- مديرة مدرسة: الحارس أهم فرد لدينا لأنه يحافظ على الأطفال ويقوم بالكثير من الخدمات للجميع.
- حماد السالمي: لا بد من إشعارهم بقيمتهم في المجتمع وأن دورهم مهم أكثر من فتح باب المدرسة.
- مشعل القرشي: لا بد من إيقاف بدل المراسل الذي أضاف مزيداً من الأّعباء على حرّاس المدارس.
ريم سليمان- سبق- جدة: سلّط الاهتمام الرسمي والشعبي الذي حظي به حارس المدرسة "عبدالله آل مهنا"، الذي بات أشهر حارس مدرسة في السعودية، خلال الأيام القليلة الماضية، لأبوته الحانية وإخلاصه في العمل، وحفاظه على سلامة الطالبات، وتنظيم حركة المرور أمام المدرسة التي يحرسها بالرياض.. سلط الضوء على واقع حرّاس المدارس في السعودية وأوضاعهم.
"سبق" بدورها التقت عدداً من "حرّاس المدارس" لنقل صورة واضحة عن معاناتهم، وأوضاعهم الوظيفية، ودورهم داخل المدارس وخارجها.
ولعل توجيه وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل، الأخير، بدراسة أوضاع حرّاس المدارس، ورفع التوصيات بشأنها، أتى كبارقة أمل للكثير من الحرّاس الذين ظنوا أنهم من الفئات المنسية التي لا ينظر لها أحدٌ بعين الاعتبار، معبّرين عن آمالهم بأن يكون تكريم الوزير للحارس "عبدالله آل مهنا"، بداية اهتمام بهم، والبحث في آمالهم، وطموحاتهم، وتقديراً لدور الحارس وحرصه على سلامة الطالبات والطلاب.
لمحات إنسانية
"العم محمد هزازي؛ عُرف عنه حرصه على مدرسته، وعلى طالبات المدرسة"، هذا ما قالته ولية أمر الطالبة "نغم"، التي أضافت قائلة لـ "سبق": أشعر بالاطمئنان على بناتي، عندما أجد عم محمد بحنيته، وتعامله الحسن يشعر ابنتي بالأمان".. معربة عن شكرها لحارس المدرسة، واعتبرت ما قام به وزير التعليم من تكريم لمحة إنسانية، وعلى الجميع أن يحذو مثله.
أما والدة الطفلة "شذا" فاعتبرت الحارس، والمربية هما حصن الأمان للأطفال صغار السن، وقالت: حارس مدرسة ابنتي كان سبباً بعد المولى - عزّ وجلّ - في الحفاظ عليها، وعدم خروجها نهائياً من المدرسة لانتظار والدها، ودائماً يصر أن يسلمها لأبيها باليد ولا يتركها أبداً، وأرسلت من خلال "سبق" كلمة شكر إلى كل حارس يحرص على أبناء مدرسته ويعاملهم كأبنائه.
عنصر الأمان
تواصلت "سبق" مع حارس مدرسة براعم الوطن بجدة، فهد البلادي، وقال: راتبي 3000 ريال وأعمل من السادسة والنصف صباحاً الى الثالثة عصراً، ولديّ أسرة كبيرة ولم يكف الراتب قضاء احتياجات الأسرة، حتى التأمين المدرسي ليس للحارس حق فيه، فقط الراتب، معتبراً أن مهنة حرّاس المدارس لم ينظر اليها أحدٌ ويعتبرونها ليست بالأهمية للحديث عنها، وعن معاناة الحارس، على الرغم من كونه عنصر الأمان في المدرسة.
وتابع: ينتهي دوام الجميع ويرجع إلى منزله، أما الحارس فلا ينتهي دوامه إلا بخروج آخر طالب، وفي بعض الأوقات يحدث تأخيرٌ من قِبل أولياء الأمور، وأضطر إلى البقاء مع الطلبة حتى يأتي ولي الأمر.
وتحدث لـ "سبق" حامد عيضة؛ حارس المدرسة النموذجية السادسة عشرة بجدة، الذي بادر بشكر وزير التعليم الأب، واعتبرها لمحة إنسانية لفئة لم ينظر إليها المجتمع أبداً.. معرباً عن أمانيه في النظر بعين الرحمة لهم، وتوفير حياة كريمة ينهون بها مشوار حياتهم، منوّها بأن دور الحارس ليس فتح الباب وغلقه، كما يرى البعض، بل لديه مسؤولية الحفاظ على الطلبة عند خروجهم وتسليمهم إلى ذويهم.
خطوة فريدة
يبدأ عملي من السادسة والنصف صباحاً إلى الساعة الثالثة والنصف عصراً، هذا ما قاله حارس مدرسة جيل الحضارة الابتدائية والمتوسطة بجدة، عبدالله الحربي، وقال: أعمل في المدرسة منذ 15 عاماً، ومن وقتها الى الآن لم أطلب أيّ إجازة من عملي، وأشعر بالسعادة عند أداء عملي على أكمل وجه، وبسؤاله عن المدرسة وتعامل الإدارة معه، أجاب: لم أرَ أيَّ تقصير من أحد وأشعر بالسعادة عند أداء واجبي، وقال: أنا جد ولديّ أحفادي، وأتعامل مع الطلبة والطالبات بحرص الوالد وحنيته عليهم.
وتحدّثت مديرة المدرسة زينة محمد الشهري، عن حرص الحارس عبدالله الحربي، على الطلبة والطالبات، معتبرة أنه أهم فرد في المدرسة؛ حيث يحافظ على الأطفال، ويقوم بالكثير من الخدمات للجميع، كما أنه أيضاً يتعامل بأبوية مع المدرسات ويهتم بهن ويحافظ عليهن، وقد كرّمته المدرسة في الطابور المدرسي من قبل، وتمّ تكريمه من قِبل ولي أمر بسبب شدة عنايته وحرصه الدائم.
وطالبت الشهري؛ وزارة التعليم بدعم الحرّاس في الموارد البشرية، وتوفير تأمين طبي يليق بهم، معتبرة تكريم وزير التربية التعليم لحارس مدرسة خطوة فريدة، وعلى الإدارات أن تلتفت الى تلك الفئة، وتسعى في تحقيق طلباتها.
مهنة متدنية
من جانبه، قال لـ "سبق" الإخصائي النفسي والتربوي، مشعل القرشي: حارس المدرسة يُكلف بعديد من المهام التي لا تقع ضمن نطاق وظيفته، ومع ذلك ورغم الجهد والوقت، والمعاناة مازالت رواتبهم متدنية.. لافتاً إلى أن حارس المدرسة هو رب لأسرة ترهقه الديون وتضغطه المسؤوليات، وتؤرقه هموم المعيشة.
ونادى بضرورة النظر بشكل جدي في مسألة الرواتب، إضافة إلى إيقاف بدل المراسل الذي أضاف مزيداً من الأّعباء على عاتق الحارس، حيث يقوم ببعض المهام على حسابه الخاص، وربما بسيارته الخاصّة أيضاً، كما أن بعضهم في حاجة إلى الترسيم.
ولفت الى أن الحارس المدرسي يعد الموظف الوحيد الذي لا تنتهي ساعات دوامه، فهو مطالب بمتابعة المدرسة ومقتنياتها، وقال: إنهم بحاجة حقاً إلى التكريم وتسليط بعض الفلاش عليهم.
وعن سؤاله عن مهنة الحارس، أجاب القرشي: لا ننكر أنهم فئة مهمّشة، بدليل تدني رواتبهم، وعدم وضوح دورهم الحقيقي في المجتمع، معرباً عن آسفه للنظرة الدونية لبعض الوظائف؛ ما يلزم تحسين الرؤية وإيضاح أهمية بعض المهن.
ورأى القرشي؛ أن ما قامت به وزارة التعليم من تكريم الحارس يعد من اللمسات الإنسانية والجميلة، وكم نتمنى أن تشمل أكثر من حارس في مختلف المناطق التي لم يسلط عليها الضوء، مؤكداً أنها خطوة أولى وستتبعها خطوات متتالية في أماكن مختلفة ومهن مختلفة.
منزلة الوالد
من جهته، اعتبر الكاتب حماد السالمي، الحارس في المدرسة جزءاً من المنظومة التربوية في المدرسة، لافتاً أن الصورة الذهنية عند المعلمين والتلاميذ أنه في منزلة الوالد، وقال: اعتاد الجميع ألا ينادي الحارس باسمه مجرداً، وإنما يقال العم فلان، وهذا أمرٌ عشناه وتربينا عليه، ويعد من أخلاقيات مجتمعنا وينطبق أيضاً على عمال المدارس.
وطالب بأهمية تأهيل حرّاس وعمال المدارس سلوكياً وجعلهم في العملية التربوية، من خلال دورات، وورش عمل تحسّسهم بقيمتهم وتوفر لهم الشعور بدورهم المهم الذي يتعدّى فتح الباب وقفله.
وعن تكريم وزير التربية والتعليم للحارس، قال: لفتة ممتازة لم تحدث من قبل، وأتمنى أن نراها كثيراً في الفترة القادمة، مع تحسين رواتبهم وتفقد أحوالهم.