سعوديون و"سائقون وشغالات".. علاقات إنسانية "راقية" تصحح الصور السلبية

مواقف وحالات تدحض أكاذيب بعض وسائل الإعلام الأجنبية عن عنصرية المجتمع السعودي
سعوديون و"سائقون وشغالات".. علاقات إنسانية "راقية" تصحح الصور السلبية
 - مواطن يتكفل بزواج سائقه، وآخر يوفر متطلبات زواج الشغالة، وغيره يشتري منزلاً، وآخر يقسط سيارة أجرة للعامل. 
- "أحمد صادق دياب": النماذح الإيجابية تؤكد أن الإنسانية في السعوديين.
- "النجيمي": مثل هذه اللفتات لا تخرج عن خلق الإسلام.
- "نورة الصويان": المجتمع بحاجة لتعديل بعض الاتجاهات في التعامل مع العمالة.
"ريم سليمان"- سبق - جدة: مواطن يتكفل بزواج للسائق، وآخر يوفر كافة متطلبات زواج الشغالة، وغيره يشتري منزلاً للعامل، وآخر يقسط سيارة أجرة ليوفر للسائق موردَ رزقٍ له في بلده.. وغيرها من حالات عناية واهتمام السعوديين بالعمالة المنزلية؛ وهنا لسنا في رواية خيالية، أو مسلسل درامي، وإنما هي حقيقة تجسدت على أرض الواقع في مجتمعنا؛ مما ينم عن الإحساس بالمسؤولية، ويدحض كثيراً من دعاوي العنصرية التي يروجها بعض وسائل الإعلام الأجنبية.
 
لمحات إنسانية:
قام مواطن بتكريم خادمته السريلانكية التي أعلنت إسلامها، وصرحت لكفيلها بحبها لشاب هندي ورغبتها في الزواج منه، والذي استجاب لرغبتها وقام باستقدام الشاب، بعد أن سافر بنفسه إلى سريلانكا، وأخذ موافقة أسرة الخادمة على الزواج. وتكفل بكافة المصاريف، وخصص للزوجين مكاناً مناسباً في منزله.
وأعرب وافد فلبيني عن شكره وامتنانه لأسرة كفيله التي اهتمت بزوجته أثناء وضع مولودتها الأولى؛ حيث حجزت لها الأسرةُ في مستشفى خاص بالرياض، واهتمت بصحتها، وأقامت لها حفلاً في إحدى الاستراحات بعد إتمام شفائها.
 
فيما احتفل أحد السعوديين ببريدة بزواج سائقه ونقل كفالة زوجته، وأعطاها راتب عام هدية زواجها، وأهدى السائقَ سيارةً خاصة له، وتكفل بكافة المصاريف، وأقام مراسم احتفال للزوجين على الطريقة العربية.
ضحد العنصرية:
من جهته رأى الكاتب "أحمد صادق دياب" أن المجتمع السعودي ليس ملائكياً، يوجد فيه الطيب وغير الطيب، بَيْدَ أن المجتمع لا يزال قابلاً لعمل الخير، وعدم إفشاء ذلك؛ فهناك مئات بل آلاف من الحالات تسعى لعمل الخير مع العمالة المنزلية دون علم الإعلام. لافتاً إلى أن طبيعة المسلم جُبِلَتْ على ذلك.
 
وأوضح أن الإعلام بات وسيلة هامة في إيصال الرأي للآخرين، وعادة ما يلقي الضوء على الأمور السلبية، غير أن تسليط الضوء على الإيجابيات أمر في غاية الأهمية لإدراك هذا الجانب التطويري في المجتمع، مؤكداً أن نشر الصور الإيجابية لتعامل المواطن مع العمالة الخاصة به؛ من خادمة وسائق؛ يدحض أي حديث عن العنصرية، ويؤكد التراحم والألفة والترابط بين الناس. 
 
وقال الكاتب: النماذح الإيجابية تعد رسالة تأكيد على أن الإنسانية تتجاوز العنصرية الدينية والعرقية، مشيراً إلى أن هذه الصورة هي التي نبحث عنها وتمثل المجتمع السعودي، وما ينشر من حالات عنف وخلافه فإنما هو من النماذج الشاذة والنادرة في المجتمع.  
 
الجانب الخيري:
وبسؤاله عن فائدة نشر الأعمال الإنسانية مع العمالة، ومدى تأثيرها على المجتمع؛ أجاب "صادق": الزمن يتغير، وإذا لم نستطع أن نؤثر على المجتمع، فيكفي تأثيرنا على الجيل القادم. وقال: العلاقة الإنسانية مع الخادمة في المنزل واعتبارها فرداً مهماً؛ يخلقان جيلاً غير متعصب ليس لديه عقدة الخادمة، أما سوء المعاملة فيؤثر على جيل قادم بالسلب.
 
وأكد أن الطفل يتعلم ويكبر على ما رآه في أبويه؛ فكلما كان الأب أكثر طيبة وعطاءً، سينشأ الطفل على حب الخير وحب الآخر واحترامه، وهذا ما ننشده ونتمناه جراء نشر اللمحات الإنسانية للأسرة السعودية؛ حتى نستطيع على تنمية وتطوير الجانب الخيري في الإنسان. 
 
خلق الإسلام:
واعتبر أستاذ الفقه المقارن في جامعة الإمام "الدكتور محمد النجيمي"؛ تلك النماذح الإيجابية واللفتات الإنسانية لا تخرج عن خلق الإسلام، موضحاً تعامل الرسول عليه أفضل السلام مع خادمه "أنس بن مالك" رضي الله عنه، الذي قال: "خدمت النبي عشر سنين، فما قال لي: أُف قطّ، وما قال لشيء صنعتُه: لِمَ صنعتَه؟ ولا لشيء تركتُه: لِمَ تركتَه".
 
ونادى بضرورة التعامل الحسن من الخادمة، واعتبارها بمثابة الأولاد؛ قد تُخْطِئُ وقد تصيب، وعلينا التعامل بحكمة في الحالتين، مسترشداً بمعاملة الرسول مع خادمة اليهودي الذي زاره عندما علم بمرضه ودعاه إلى الإسلام.
 
وطالب بضرورة نشر هذه الأخلاق المستوحاة من السنة النبوية، ونشر أخلاق الإسلام وإظهارها للعالم الخارجي، وتفعيل تلك الصور الإيجابية ومكافأتها، محذراً من التعامل السلبي تجاه العمالة المنزلية، الذي يعود بالضرر على الفرد في المقام الأول، وعلى المجتمع ككل.
 
وختم حديثه بالتأكيد على أن الإسلام حثَّ على التعامل الحسن مع العمالة، مُنْهِياً حديثه لـ"سبق" بالحديث الشريف الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، ويلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم؛ فإن تكلفوهم فأعينوهم.
الشعور بالمسؤولية:
وأما أستاذ الاجتماع "الدكتور نورة الصويان"، فرأتْ أن هؤلاء النماذج هم أصل المجتمع السعودي الطيب المسالم بطبعه، معتبرة أن تلك الصور الإيجابية سوف تساهم في تغيير الصورة النمطية التي صارت في الفترة الأخيرة حول سوء المعاملة بين العمال المنزلية والأسر السعودية.
 
ورأت أن التعامل مع العمالة المنزلية يعتمد على الخلفية الثقافية والمستوى التعليمي وخبرة رب الأسرة. لافتةً إلى أن المجتمع لا يزال بحاجة لتعديل بعض الاتجاهات في التعامل مع العمالة، ما يجعلنا نحتاج إلى حملات منظمة تستهدف تصحيح الصورة الذهنية الموجودة لدى فئة قليلة، من كون العمالة المنزلية ملكية خاصة، ونشر تلك الحالات سوف يساهم في تدعيم الأفكار الإيجابية والشعور بالمسؤولية تجاه هؤلاء العمالة، واعتبارها جزءاً من الأسرة؛ لها حقوق وعليها واجبات.
 
وطالبت في نهاية حديثها بضرورة وجود دراسة علمية متخصصة للجرائم التي صارت في الفترة القادمة وتتعلق بالعمالة المنزلية، ومعرفة الأسباب التي وصلت بنا إلى هذه الحالة؛ حتى نستطيع أن نحل المشكلة من جذورها وتصحيح الصورة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org