البنات وقتل "الشرف "

البنات وقتل "الشرف "
تم النشر في
يصرُّ البعض على البقاء والاستمرار في العصر الجاهلي ببعض التصرفات اللاإنسانية والمخالفة للشرائع السماوية، ومنها ما يعرف بـ" قتل الشرف".
 
والأسباب عديدة، بدءاً من إقامة علاقة جنسية، والتحدث مع شاب، أو الفرار من المنزل، أو رفض الانصياع لأوامر الأهل، وبعضهن يُقتلن بسبب تعرضهن لـ"الاغتصاب"، بينما يفلت المجرم من العقاب.
 
وفي الكثير من الدول الإسلامية يجري التكتم على "جرائم الشرف" أو إخفاؤها تحت إطار الانتحار؛ إذ تُجبَر الفتاة على الانتحار من قِبل أفراد أسرتها، وذلك بقتل نفسها بوسائل مختلفة؛ حتى لا تتعرض أسرتها للمساءلة القانونية.
 
الكثير من التقارير الدولية تشير إلى أن هناك أكثر من 5 آلاف امرأة وفتاة يُقتلن كل عام في العالم باسم الشرف، غالبيتهن في الدول الإسلامية.
 
وقد وقعت بعض أحداث الشرف أيضاً في دول غربية، لكن غالبية أطرافها مسلمون.
 
وقد شهدت السعودية أيضاً قلة قليلة من الحالات المشابهة، ومن أشهرها ما وقع في منتصف 2009، حين أقدم شاب سعودي في العشرينيات من العمر على قتل شقيقته رمياً بالرصاص أمام دار رعاية الفتيات بعد تورطها في قضية أخلاقية، وفقاً لما تناقلته وسائل الإعلام حينها.
 
وكذلك قضية الطفلة السعودية ذات الأعوام الخمس "لمى"، التي قُتلت بوحشية على يدَي والدها؛ والسبب أنه كان يشك في سلوكها. والكثير من الحالات التي نسمعها من تعذيب أو قتل تحدث ضد المرأة في المجتمعات المسلمة لأسباب لا يد للمرأة فيها، ومنها "إنجاب البنات"، وهي من القضايا التي ما زالت منتشرة إلى يومنا في مجتمعاتنا الإسلامية.
 
وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم حالهم في سورة النحل {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} صدق الله العظيم.
 
ويخبرنا هنا عن حال العرب في كرههم للبنات، ومن يبشَّر بأنثى يظل عابساً ومهموماً؛ لذلك حرص الرسول الكريم على الاهتمام بذلك، وذكر العديد من الوصايا التي تؤكد أهمية الإناث، بوصفهن عنصراً أساسياً في المجتمع.
 
ورغم تقدم المجتمعات المسلمة في الكثير من الأمور الدنيوية نجد بعض صور الجاهلية تعود لتتكرر؛ وذلك لتغليب العادات والتقاليد والأعراف على تعاليم الدين، وهو أيضاً ما يعد نوعاً آخر من "جرائم الشرف"، لكن دون أداة قتل مباشرة، فبعض الأسر لا يعيرون اهتماماً لرأي البنات في مسائل تخصهن، مثل الزواج، ومن أهم شروطه "القبول أو الرفض"، كما يؤكد علماء الدين، والبعض يرى أنه أحق بالمهر من ابنته بداعي أنه تكفل بالصرف عليها لسنوات طويلة، وبعضهم يفرق في الهدايا والأموال بين البنين والبنات على اعتبار أن الأبناء أحق بالأموال، وكذلك البعض يحرم الإناث من الميراث بداعي العار والعرف.
 
 وهذا من عرف اليهود؛ فلديهم تُحرَم الإناث من الميراث، سواء كانت أماً أو أختاً أو ابنة، أو غير ذلك، إلا عند عدم وجود ذكر، فلا ترث البنت مثلاً إلا في حال انعدام الابن، أما الزوجة فلا ترث من زوجها شيئاً مطلقاً، وكذلك كان العرب في الجاهلية، فالميراث عندهم خاص بالذكور القادرين على حمل السلاح والذود دون النساء والأطفال، بل أكثر من ذلك كانوا يرثون النساء كرهاً.
 
وبعض الأسر أيضاً في المجتمعات المسلمة يحرمون الإناث من إكمال التعليم بدواعٍ مختلفة، في حين ينفقون أموالاً طائلة في تعليم أبنائهم الذكور حتى وإن لم يكونوا متفوقين أو على سلوك جيد.
 
وإن كنا فعلاً جادين في تغيير حال مجتمعاتنا للأفضل فعلينا العودة لنصف المجتمع الآخر (المرأة) حقيقة لا شعاراً، ومن أهمها أن تحفظ مجتمعاتنا الإسلامية للمرأة جميع حقوقها وفقاً لتعاليم الإسلام، ومنها حقها في التعليم حتى تتوقف برغبتها، والعمل الشريف إن كانت بحاجة، والتجارة وإدارة أموالها بنفسها، وحقها في العلاج دون انتظار ولي أمرها، وحمايتها من العنف بأشكاله كافة، وحقها في الميراث والرفض أو القبول في كل ما يخصها، وإعادة الكثير من الحقوق التي ما زالت مسلوبة منها باسم التقاليد والقبيلة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org