كيف أنهت السعودية في 15 دقيقة ترتيبات دامت 13 سنة للملالي والحوثي

"سبق" تستقصي وتكشف خفايا العلاقة المريبة والصراخ ما زال على قدر الألم
كيف أنهت السعودية في 15 دقيقة ترتيبات دامت  13 سنة للملالي والحوثي
تم النشر في
عبدالله البارقي- سبق- خاص: "الصراخ على قدر الألم".. تلك الكلمات التي كانت يوماً رداً للعميد أحمد عسيري، المتحدث الرسمي لقوات التحالف، حول صراخ "حزب الله" ممثلاً في حسن نصر الله، وملالي إيران وقادة مليشيا الحوثي وهجومهم الإعلامي على عاصفة الحزم، لكن ذلك الصراخ كان مرتبطاً بنهاية مشروع الـ 13 عاماً الذي أنفق فيه الملالي وذراعه "حزب الله" قرابة 12 مليار دولار، والذي سقط في ربع ساعة من خلال الطيران السعودي وطيران التحالف العربي.
 
"سبق" أجرت تحقيقاً استقصائياً حول تفاصيل مشروع الملالي الإيراني وذراعه "حزب الله"، والتي ظهرت فيه بداية تلك التحركات الإجرامية ومخططها الذي لم يغِب عن قوات التحالف، واستطاعت اختراقهم، وكشف مخططاتهم..
 
مصادر "سبق" التي زوّدتها بكامل تلك التفاصيل أشارت إلى أن بداية المخطط كانت منذ عام 2004م بخطط وتدريبات عسكرية، وتزويد أسلحة وبناء منصات صواريخ، والتدريب الإعلامي الذي تبناه "حزب الله" والملالي في اليمن مع الجماعة الحوثية.
 
"حزب الله" واليمن
بدأت علاقة "حزب الله" اللبناني بحركة التمرد الحوثية مبكراً بعد إشعال الحوثيين أول حرب ضد الدولة عام ٢٠٠٤م حيث تولى "حزب الله"، وبتكليف من مخابرات طهران تدريب أول دفعة من عناصر الحركة الحوثية على إدارة العمليات العسكرية وحرب العصابات واستخدام السلاح الخفيف والمتوسط لعدد ٨٠ فرداً تم ترشيح عشرين فرداً منهم للذهاب إلى طهران؛ للتدرب على السلاح الثقيل والدبابات والمدفعية والصواريخ قصيرة المدى.
 
تدريب الحوثي
كانت هذه الدفعة الأولى هي تدريب مدربين للجناح العسكري للحركة الحوثية التي كانت بدأت تشكل ميليشيا مسلحة بشكل منظم من عدد من مناطق اليمن، وكان للمخابرات السورية دور كبير في إرسال العناصر الحوثية إلى طهران بجوازات غير يمنية؛ خشية الملاحقة الأمنية اليمنية حينذاك لتحركات الحوثيين خارج البلد.
 
تزويد بالسلاح
بعد عودة هذه العناصر بعد الحرب الثانية بدأت تأسيس وتدريب فرق عسكرية متخصصة وبإشراف مباشر من ضباط في "حزب الله" اللبناني، وتسليح من قبل الحرس الثوري الإيراني الذي تتولى خلاياه تهريب السلاح للحوثيين عبر السواحل اليمنية.
 
التدريب على تقنيات الإعلام
وبالتوازي مع النشاط العسكري كان "حزب الله" اللبناني أيضاً يدرب عناصر حوثية على تقنيات الإعلام الحديث والتصوير الليلي وتغطية العمليات الحربية عبر إنشاء جهاز الإعلام الحربي للحركة الحوثية التي لم تكن تملك سوى إيميل يستخدمه محمد عبدالسلام؛ لإرسال البيانات للصحفيين الذين كانوا يرفضون غالباً التعامل مع هذه البيانات، باستثناء المتعاطفين مع الحركة وهم قلة حينها.
 
الدور السوري
وكان عناصر "حزب الله" يأتون إلى اليمن لتنفيذ مهام تدريبية لعناصر الحركة الحوثية، وقد تم القبض على عدد منهم مرات كثيرة من قبل جهاز المخابرات في اليمن، إلا أنه يتم الإفراج عنهم بتدخل من قبل الجانب السوري، على اعتبار أنهم يأتون للسياحة الدينية لمزارات زيدية شيعية وشيوخ دين في صعدة وصنعاء وذمار وحجة.
 
التجنيد والمدارس الدينية
وقد عمل "حزب الله" على نقل تجربته في الجانب العسكري والبناء الهيكلي للحركة الحوثية التي عمل بعد ذلك زعيمها الحالي على تعديلات في عملية بنائها، عبر ربط التجنيد في الحركة بالمدارس الدينية التي انتشرت في صعدة بشكل واسع، وأصبحت هي الرافد الأساسي للجناح العسكري للحركة الحوثية.. أي تعليم المقاتلين منذ الصغر التعاليم الدينية الطائفية الخاصة بالحركة، على ضوء مناهج من تأليف زعيم الحركة الصريع حسين بدر الدين الحوثي شقيق زعيم العصابة الحالي عبدالملك الحوثي، الذي كان هو وكل قادة الحركة الميدانيين حالياً تلاميذ عند الزعيم الصريع حسين الحوثي.
مسارات الحركة
كانت المخابرات الإيرانية تشتغل لدعم الحركة الحوثية عبر ٣ مسارات، وتم تكليف جهة دولية لكل مسار، حيث تم تكليف نشطاء عراقيين وآخرين من دول الخليج بجمع التبرعات من الجالية العراقية والشيعية في أوروبا وأمريكا ودول الخليج، وكان محمد البخيتي القيادي الحوثي الهارب في أوروبا، وبعد ذلك يحيى الحوثي شقيق زعيم الجماعة هما المسؤولان عن الجانب المالي.
 
المسار الثاني: وهو مسار الإعلام والتدريب العسكري، وتكفل بذلك "حزب الله" اللبناني وقيادات في حركة أمل التي يتزعمها نبيه بري.
 
المسار الثالث: هو مسار عمليات تهريب السلاح للحركة الحوثية المتمردة، وتقوم به خلية تابعة للحرس الثوري الإيراني، يعمل معها عدد كبير من عناصر المافيا وعصابات التهريب في القرن الإفريقي واليمن، وشبكة من شركات النقل البحري وجمعيات صيد تقوم بنقل السلاح من المياه الدولية إلى سواحل اليمن.
 
وساطات الحروب الـ 6
كان دور "حزب الله" وحركة "أمل" ينشط في عملية الوساطة بين نظام المخلوع "صالح" وحركة التمرد الحوثية؛ لوقف دورات القتال بين الطرفين، والتي تجددت ٦ مرات خلال العام ٢٠٠٠ حتى ٢٠٠٨م وكان نبيه بري وسيطاً بين المخلوع "صالح" وحسن نصر الله أمين عام "حزب الله" لتمرير أية تفاهمات خلال دورات الحرب، وكان "نصر الله" هو من يطلب من زعيم المتمردين الحوثيين وقف العمليات ضد الجيش مقابل إصدار المخلوع "صالح" أمر وقف إطلاق النار.
 
وتشير المصادر إلى أن قادة الصف الأول للحركة الحوثية بمن فيهم القائد العسكري أبو علي الحاكم كانوا جميعاً في سجن المخابرات اليمنية، وتم الإفراج عنهم بوساطة حسن نصر الله.
 
خبراء "حزب الله"
وبعد تحرك الميليشيات لإسقاط عمران والعاصمة صنعاء كانت الحركة الحوثية المتمردة بحاجة لخبراء في مجالات عديدة، وتم الاستعانة بخبراء "حزب الله" الذين تولوا عملية هيكلة جهاز المخابرات.. الأمن السياسي.. وإدارة أنظمة الاتصالات العسكرية والمدنية ولو بصورة غير مباشرة، ولكن عبر مكاتب خارج المؤسسات الحكومية، وتعيين مندوبين حوثيين في هذه المؤسسات، لكن عملية الإدارة الحقيقية لعناصر "حزب الله".
 
المخابرات الحوثية
وحسب المعلومات التي حصلت عليها "سبق" فقد قام الفريق الأمني اللبناني الذي يدير المخابرات في صنعاء بدمج أكثر من ألف عنصر من عناصر الحركة الحوثية الانقلابية في الجهاز المركزي لمخابرات الأمن السياسي، وفي كل الشعب، وتم تعيين مندوب حوثي كنائب في كل إدارة وشعبة وقسم في الجهاز، وبذلك يكون النائب هو من يدير الإدارة، ويتم منح المدير إجازة عن العمل أو أن يعمل تحت سلطة نائبه.
 
كما تم تعيين مندوب من زعيم الحركة يدعى "كاظم" كمسؤول عن إدارة مخابرات الأمن السياسي، وله السلطة المطلقة رغم وجود عدد كبير من ضباط الجهاز وقادته الموالين للمليشيا الحوثية، بينهم الوكيل عبدالقادر الشامي المكلف برئاسة المخابرات بالإنابة عن رئيس الجهاز الذي غادر اليمن دون أن يعود.. ويعد "كاظم" المعين مسؤولاً عن المخابرات في صنعاء أحد القيادات التي عملت مع المخابرات الإيرانية في سوريا ولبنان والسودان، ويتلقى الأوامر من طهران عبر الفريق الأمني التابع لـ"حزب الله" الذي يشرف على الجانب الأمني للحركة الحوثية الانقلابية
 
ويقوم عناصر "حزب الله" أيضاً بالإشراف على عمليات التنصت على المكالمات ومهام تجسسية عبر شركات الاتصالات اليمنية جميعها، إضافة إلى الإشراف على أنظمة الاتصالات العسكرية لتحركات المليشيات العسكرية في الحرب التي تدور بين المليشيات وقوات التحالف والجيش الوطني وفصائل المقاومة.
 
قوتهم الصاروخية
وحسب المعلومات التي تحصلت عليها "سبق" فإن "حزب الله" وعبر خبرائه يعدّ لمشروع القوة الصاروخية للحركة الحوثية، والذي سيكون عبر تطوير صواريخ قصيرة المدى سيتم شحنها من معسكرات الجيش وألوية الصواريخ إلى محافظة صعدة، لتكون هذه القوة خاصة بالمليشيا الحوثية، وليس لها علاقة بمؤسسة الجيش التي يحارب غالبية أفرادها مع المليشيا بأوامر من المخلوع "صالح".
 
الدعم المالي
علاقة "حزب الله" في لبنان بما يدور في اليمن ليس مجرد خبراء ودعم إعلامي، بل هناك دعم آخر للمليشيا عبر تبنّي أسر وعائلات قتلى الحركة الحوثية، والتكفل بدعمهم مادياً وتعليم أبنائهم في العراق وإيران ولبنان، عبر تنسيق مع عدة جمعيات طائفية شيعية تحت اسم "جمعيات الشهيد" التي تمولها طهران، وأذرعها الطائفية في كل دول العالم، حيث تتواجد الجاليات الشيعية.
 
عاصفة الحزم
كان يوم السادس والعشرين من شهر مارس المنصرم بعد منتصف الليل نهاية لكل مخططات الملالي الإيراني وذراعه "حزب الله" في ربع ساعة، تبعها فرض الرقابة على المواني والمنافذ البحرية، ورغم المحاولات الإيرانية إلا أن الصراخ صار يعلو مع زيادة ألمهم لتدمير مشروع الـ 13 عاماً في دقائق معدودة من الطيران الملكي السعودي، وبمشاركة من قوات التحالف العربي.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org