تعالوا يا أحفاد خالد وسعد والقعقاع

تعالوا يا أحفاد خالد وسعد والقعقاع
تم النشر في
صدر الأمر الملكي بمعاقبة الجماعات المتطرفة دينياً أو فكرياً، ومَن تم تصنيفهم ضمن المنظمات الإرهابية، لقاء الضرر الذي لحق بسمعة السعودية ومكانتها على الصعيد العربي والإسلامي والدولي. وسوف أكتب اليوم عن الجماعات المتطرفة دينياً، التي تخطت حدود الحرية وضوابطها إلى أعمال تخلّ بالنظام، مستغلين اسم الله في قتل بعضهم بعضاً، كما حصل في أفغانستان، ويحصل اليوم في العراق وسوريا، بين تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة"؛ فشوهوا صورة الإسلام، وأعطوا أعداءه والجاهلين بحقيقته العذر بوصمه بأسوأ الأوصاف.
 
 لقد كان الأمر الملكي هذا حجراً ضخماً ألقمنا به أفواه كلاب ما برحت تنبح ليل نهار، تتهم الحكومة السعودية بأنها وراء تنظيم داعش أو جبهة النصرة، وغيرها من الفصائل المتناحرة بالشام.
 
فبلاد الحرمين التي هي حاضرة في كل محفل ومكان تنادي بالسلام والحق والعدل، وتنبذ العنف، وتساهم في التخفيف عن المنكوبين والمتضررين في شتى أنحاء المعمورة، تتعرض باستمرار إلى النقد الحاد والتهم الجائرة بأنها وراء بعض تلك الجماعات المتطرفة، والسعودية من هذا براء، بل هي من سبق غيرها من الدول في محاربة الإرهاب والتحذير منه، رغم وجود ثلة من أبنائها بمَوَاطن الفتن، تحتضنهم جماعات وتنظيمات، بعضها خارج من تحت عباءة تنظيم القاعدة.
 
 كما أن الأمر الملكي الذي صدر أخيراً بشأن مكافحة الإرهاب قد أوضح بجلاء حاجة المجتمع السعودي إلى حماية أبنائه من عبث العابثين، وتحريض المحرضين، وانفلات المنفلتين، والحكم على الأفعال ينطلق من نتائجها وآثارها، ومن فوائدها أو مضارها، وليس من أسمائها فقط، فكم من كلمة حق استُعملت لقيام باطل، وكم من فعل ظاهره فيه الخير والبر لكن نتائجه كانت محض الإثم والشر، ومن هنا يأتي الشيطان بخيله ورجله ومشاركته للناس ووعوده لهم من خلال كلمة الجهاد، ونصرة المظلومين من المسلمين، فيبعث ذلك في نفوس الشباب الرغبة فيه، وتستنهض هممهم للانبعاثات إليه، دون تبصر بفائدة العمل الذي يقدمون عليه، أو الضرر الذي سيتسببون فيه.
 
ولقد كان لوجود بعض الشباب السعودي في الشام للقتال، وظهورهم في بعض وسائل التواصل الاجتماعي يقودون بعض الفصائل، أثره السيئ على القضية العادلة للشعب السوري؛ فانكفأ العالم عن نصرتهم، وتراجع عن دعم مطالبهم، وأعطى عدوهم حق تجويعهم، وقصفهم بالصواريخ وهدم منازلهم على رؤوس أطفالهم وشيوخهم بالبراميل المتفجرة؛ لأن النظام في سوريا أطلع العالم وأوهمهم بأن الذي يحصل ليس ثورة شعب مظلوم، وإنما هي جماعات غريبة ظالمة، تسللت واندست بين الشعب السوري، فصدق العالم كله مقولة النظام السوري؛ بسبب وجود بعض المقاتلين من أبنائنا ومن بعض البلدان الأخرى، فاضرَّ هؤلاء بقضية الشعب السوري وما نفعوه، بل جعلوه بين حجري رحاة تطحنهم، كلما تحرك هذان الحجران عكس بعضهما؛ والدليل هو ما نشاهده اليوم من تجويع وترويع وإهلاك للأطفال والشيوخ والنساء المحاصرين في مخيم اليرموك وبعض أحياء حمص وحلب وبعض ريف دمشق؛ إذ يتهم المقاتلون بعضهم بعضاً بذلك، وهم فيه سواء.
 
 كما أن وجود جماعات من أبنائنا للقتال في الشام أو العراق أو في أي موطن فيه فتنة لن يغير في موازين القوى، مهما خدعنا أنفسنا، أو غرر بنا الآخرون، ونادوا في داخلنا خالد بن الوليد والقعقاع بن عمرو والمثنى بن حارثة الشيباني وسعد بن أبي وقاص وصلاح الدين، فهؤلاء الأبطال المجاهدون ما خرجوا للجهاد لواذاً وتسللاً، بل خرجوا تحت لواء عقده لهم ولي الأمر، وأوصاهم بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي به أمراء السرايا وقادة الجهاد، بألا يغدروا، ولا يمثّلوا، ولا يقتلوا الولدان ولا النساء، وأصحاب الصوامع، ولا يُقطع شجرٌ، ولا يُحرق زرع، ولا يُخرّب عامر، ولا يُؤذى حيوانٌ، ولا أجير وعامل ما لم يشترك في الحرب.
 
إن ما يحصل في مواطن الفتن من تفجير وتمثيل بالجثث وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير البنيان وحرق المزروعات وإتلاف الحرث والنسل، سواء من النظام السوري أو المقاتلين ضده، لا يخضع لأدنى المعايير الأخلاقية والإنسانية فضلاً عن الأخلاق الإسلامية.
 
  أعود فأقول: إن الأمر الملكي تضمن موادَّ عديدة، تحتاج إلى لائحة تنفيذية تفسر تلك المواد، بما لا يزيد عليها، أو ينتقص منها، ويعالج حال من بادروا فعادوا من مَوَاطن الفتن حال سماعهم بهذا الأمر.
 
وهو بحاجة ماسة إلى دعم إعلامي مكثف ومركّز؛ لتصل رسالته لأطياف المجتمع كافة، مواطنين ووافدين، فكما يقول أهل الأصول "قدموا الرسائل بين يدي المسائل".
ومن لم يرتدع بعد ذلك كله فوالله إنهم عن الصراط لناكبون.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org