"صندوق الوفاء" للرياضيين القدامى.. البحث عن "ضمير مسؤول"!

"صندوق الوفاء" للرياضيين القدامى.. البحث عن "ضمير مسؤول"!
بروفايل "سبق"- خاص: لاعب شهير يبيع هوية شقيقه المتوفى لوافد انتحل شخصيته مقابل مبلغ 20 ألف ريال. وآخر ضحية لتعاطي المخدرات. وآخرون من أبرز النجوم يمارسون الكدادة على باصات. ورابع يهدد ناديه بالدعاء عليه أمام أستار الكعبة. الصور كثيرة لكن الأكيد أن عدداً لا بأس به من نجوم الكرة السعودية يعيشون حالات صعبة، ولا يملكون مقومات الحياة الكريمة.
 
لا تكاد التقارير الصحفية ما بين فترة وأخرى تستعرض أحوال الكثير من اللاعبين السعوديين القدامى الذين قدموا الكثير لوطنهم في المحافل الرياضية، وحققوا الكثير من الإنجازات. الحراك للتعاطف مع هؤلاء مؤسف بالرغم من كثرة المطالبات من فئات مختلفة من المجتمع منهم لاعبون كبار ونقاد رياضيون. واقترح آخرون على أعضاء شرف الأندية توظيف من يعانون البطالة منهم في مؤسساتهم التجارية؛ لتوفير فرص وظيفية ومصدر دخل كريم لأولئك اللاعبين يكفيهم الشعور بحاجتهم للآخرين.
 
المطالبات بطبيعة الحال وُجِّهت للرئاسة العامة لرعاية الشباب. ومن ذلك المطالبة بالاستفادة منهم وتوظيفهم كخبراء في مكاتبها نظير الخبرات التي سيضيفونها للكرة السعودية، وطالب آخرون بإنشاء صندوق مالي مختص بنجوم الكرة السابقين لتكريمهم ولرعايتهم. كما شملت المطالبات إنشاء جمعيات تهتم بأساطير الكرة السعودية القدامى ورعايتهم صحياً ومالياً.
 
-     "نواف": "لسنا ملزمين به":
أما الجهة الرئيسة المعنية فأبرز إيجابياتها هنا إعلان الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب، عن تخصيص صندوق الوفاء لمساندة اللاعبين المحتاجين، إلا أن الإعلان وُصف بالاستهلاك المحلي. حيث لا يوجد حضور فعلي للصندوق، وهناك ضبابية كبيرة حول آلياته وضوابطه ولجانه.
 
 غير أن الأمير يبدو أنه ضاق ذرعاً بكثرة السؤال عن صندوق الوفاء، فقال في تصريح لصحيفة "الوطن": صندوق الوفاء، أنا لا أدري لماذا يطرح الأمر مثل شيء سلبي ضد الرئاسة، وهو عمل خيري ونحن غير ملزمين به! وقد صوّر البعض وكأننا نقوم بشيء مشين، في وقت نقوم فيه فعلاً بخدمة عامة. أما تفاصيل هذا الصندوق، فقد وضعناه في اللجنة الأولمبية، وقد أقر كمبدأ، ولم يبدأ التنفيذ، إذ سيعتمد مجلس الإدارة آليته وميزانيته وموظفيه وعلى من ينطبق.
 
من جهتها لجنة المسؤولية الاجتماعية والبيئة بالاتحاد العربي السعودي فهي تكتفي على ما يبدو بإقامة حفلات تكريمية للاعبين القدامى ما بين فترة وأخرى، بالتعاون مع شركات للاستثمار الرياضي مثل سوكرسين.
 
المتابعون يرون أن اللاعبين القدامى الأكثر تعرضاً لمأزق التجاهل هم ممن لم يدركوا "الاحتراف"، واعتزلوا كرة القدم قبل عقود الملايين التي نقلت عدداً كبيراً من اللاعبين الحاليين من خط الفقر إلى عالم الأثرياء. اللاعبون الحاليون فيبدو أنهم استفادوا جيداً من الدروس السابقة إذ رفعوا شعارات عدة مفادها "لا للتضحية"، "انتهى زمن الوفاء"، "الوفاء للمال".
 
-    مطالبات مستمرة:
مطالبات الرياضين تحديداً مستمرة. يقول فؤاد أنور اللاعب الدولي السابق إلى أن تخصيص الأندية لصندوق خاص للدعم الإنساني للاعبين القدامى أو المحتاجين للمساعدة من المجتمع الرياضي، من المفترض أن تبدأ من رأس الهرم "الاتحاد السعودي"، ومن المفترض هنا أن يتم إنشاء صندوق تحت إشراف الاتحاد السعودي بمساعدة من الأندية يستقطع منه مبلغ من دخل المباريات الذي يزيد أحياناً على 500 ألف ريال ويخصص لميزانية الصندوق".
 
أما حمد الدبيخي اللاعب الدولي السابق والمحلل الرياضي فاقترح على أعضاء شرف الأندية من رجال الأعمال توظيف أولئك اللاعبين القدامى الذين مثلوا أنديتهم ممن هم في حاجة إلى دعم اجتماعي وإنساني في شركاتهم، خاصة أن أغلب أولئك لم يكن لديهم شهادات علمية وكانوا يعانون الفقر.
 
أما الكاتب عدنان جستنية فيكشف: "من خلال تواجدنا في منظومة خليجية فإن الإمارات تدعم اللاعب السعودي المنتمي للجيل القديم في حال حاجته للدعم، لماذا لا نكون نحن أصحاب تلك المبادرة من خلال الأندية أو الاتحاد السعودي؟ الاتحاد استحدث صندوقاً للاعب، لكنه ليس له أي دور وغير مفعل".
 
-    خبراء: سوء تخطيط من اللاعبين:
 هذا فيما يعزو الدكتور أحمد الدخيل أحد خبراء علم النفس في السعودية، فقر اللاعب؛ لعدم اهتمامه بالتحضير لمستقبله واستجابته لنشوة الفرح والإطراء التي تستولي على حقوقه، كما أن الكثير منهم يتعرض لضغوط من أجل المساومة على حقوقه فيرضخ لها، ناصحاً اللاعبين بأن يوفروا حسابات ادخار خاصة لليوم الأسود، كما أن عليهم أن يؤمنوا لعائلتهم منازل ملكاً لهم ومن ثم التفكير في الأمور الأخرى.
 
ويسانده في ذلك اللاعب الدولي السابق بالمنتخب ونادي الشباب سعيد العويران أن السبب يعود إلى اللاعب نفسه الذي لم يعرف كيف يستغل وجوده كلاعب، ويعمل على إيجاد دخل آخر له. فيما حمل الرئاسة العامة مسؤولية هؤلاء اللاعبين وما آلت إليه أوضاعهم، مطالباً بإيجاد صندوق لدعم المعتزلين من اللاعبين الذين يعانون من ظروف سيئة؛ حتى يعيشوا بكرامة نظير ما قدموه للوطن.
 
 من جهته يقول الكاتب عبد الله الضويحي: "قررمجلس إدارة اللجنة الأولمبية السعودية توسيع نطاق (صندوق الوفاء) الذي سبق أن تم الإعلان عن إنشائه في الاتحاد السعودي لكرة القدم بتاريخ 22/ 2/ 2012، ومنذ ثلاثة عقود ونصف ونحن نسمع عن "صندوق اللاعب" أو"الصنوق الرياضي"، وأذكر أنه كان يقتطع جزءاً من دخل المباريات لدعم الصندوق، لكننا طوال ذلك التأريخ لم نسمع عن حالة إنسانية واحدة عالجها الصندوق أو تعامل معها!".
 
 أما الكاتب عبد العزيز السلامة فيقول: "هل المسؤولية تقع على الأندية أم الاتحاد الرياضي؟ وأين تفعيل دَور صندوق الوفاء ودعمه دعماً ماليّاً من المسؤولين وذات اليد والعطاء؟ نأمل ألا يكون صندوق الوفاء ترديداً بالألسن ولا حبْراً على ورق كما هو واقع اليوم.
 
-    حضور شرفي:
الباحث الاجتماعي خالد الدوس يؤكد: "صندوق الوفاء تجاوز عمره التطويري ولم يبرز نشاطه الخيري أو يتفاعل مع أي حالة رياضية مكلومة كُتب عنها أو نشرت حالاتها الإنسانية، مشيراً إلى أن حضور “الصندوق” مع الأسف كان فقط في المؤتمرات الصحفية".
 
واقترح "الدوس" إنشاء صندوق خيري داخل كل ناد خاصة في الأندية الكبيرة التي تشهد في وقتنا الحاضر استثمارات كبيرة. داعياً لتبني تجربة رابطة سميت بـ"رابطة محاربي برشلونة"، وهي رابطة خيرية تهتم بشؤون نجوم برشلونة السابقين، وتشمل أيضاً تنظيم مباريات خيرية على مدار السنة، وتكريم اللاعبين السابقين، بالإضافة إلى المساعدات المالية.
 
المتابعون يرون أن تحويل عوائد المخالفات القانونية والعقوبات التي أوقعتها لجنتا الانضباط والمسابقات والفنية ستدعم صندوق الوفاء بشكل كبير. ويبقى السؤال حيث لا تصريحات من الجهة المعنية بتأكيد أو نفي ذلك.
 
المطلوب من الجهة القائمة على صندوق "الوفاء" تفعيله بشكل واضح، وأن تقدم نموذجاً مشرفاً، وأن تطور آلياته وشراكاته المجتمعية والخيرية بما يكفل له تحقيق الأهداف النبيلة، وهي جوانب بكل تأكيد يتمتع بها القائمون وراء الصندوق ووراء الرياضيين، بحيث لا يكون الحراك محصوراً في حفلات تكريم، بل تأمين ما يكفل الحياة الكريمة، مثل توظيف المعسرين منهم أو دمجهم في العمل في الجوانب الإدارية في الأندية، بما يحقق الحياة الكريمة والتقدير المستحق.
 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org