الابتعاث إلى شوارع جدة!

الابتعاث إلى شوارع جدة!
تم النشر في
طالعت منذ عدة أيام دراسة عن العبث بشوارع جدة وكثرة التشوهات الحادثة في طرقها، والدراسة قامت بها إحدى الشركات الأجنبية، وقد استوقفني في الدراسة أمران، كلاهما يحتاج إلى وقفة وتأمل طويل، لأنه يكشف عن مظاهر الخلل الضاربة في تصورنا وممارستنا.
 
الأمر الأول، أن الدراسة تعالج ظاهرة شديدة الالتصاق بحياتنا، وهي ظاهرة متكررة منذ سنوات دون علاج جذري، ينهي تلك المأساة، وعلى الرغم من ذلك نلجأ إلى شركة أجنبية لتبحث لنا عن أسباب تشوهات شوارع جدة!
 
فإذا كنا بحاجة إلى شركة أجنبية لكشف الأسباب الكامنة وراء تلك الحفريات والتشوهات، فأين شركاتنا الوطنية، وهل لا يوجد في المملكة شركة متخصصة وحرفية تستطيع أن تقيم ذلك الوضع وتضع الأسباب والحلول بين يدي متخذ القرار؟
 
وإذا كنا بحاجة إلى شركة أجنبية لمعرفة أسباب التشوه في شوارع جدة، فما فائدة الابتعاث الذي تنفق عليه الدولة المليارات سنويا، ثم إذا احتاجت إلى دراسة لجأت إلى شركة أجنبية، إلا يعد ذلك هدرا مضاعفا لموارد الدولة وطعنا مباشرة في جدوى الابتعاث؟!
 
فإذا كان الابتعاث إلى الخارج لا يوفر لنا عنصرا بشريا مؤهلا لمعرفة أسباب تشوهات جدة، ولا شركة واحدة لديها الكفاءة والمقدرة على معرفة تلك الأسباب، فحري بنا إذن أن نحول وجهة الابتعاث إلى شوارع جدة بدلا من بلاد الغرب ونوفر المليارات الطائلة التي تتكبدها الدولة سنويا.
 
الأمر الثاني أن الأسباب الرئيسية في عملية التشوه إنما تعود إلى مقاولي بعض الجهات الحكومية، وهو ما يعني بصورة مباشرة توجيه الاتهام إلى شركة الكهرباء السعودية وشركة المياه الوطنية وشركات الاتصالات، لأنها المعنية بمتابعة أعمال المقاولين الذين تسند إليهم الأعمال.
 
إن الدراسة اتهمت مقاولي هذه الجهات بعدم الالتزام بالجودة واشتراطات الحفر وعدم توفير استشاري لجودة المشروعات، فيما وضعت حلولاً مقترحة للحد من تشوه الأسفلت وظهور الحفر وذلك من خلال تغليظ العقوبات وتوفير استشاري جودة لدى الجهات الخدمية، ولكن الأمر في النهاية يضعنا أمام فساد واضح المعالم.
 
إنني أخشى أن يطوي النسيان مثل هذه الدراسة كما طوى غيرها، فنكون أنفقنا أموالا على مشروعات خاسرة ثم ضاعفنا الخسارة بالإنفاق على دراسات معرفية دون أن يرتد أي نفع على الوطن والمواطنين.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org