"العتيبي": غسل الأكفان بـ"زمزم" بدعة وسوء أدب مع الله

قال: 3 أسباب تحول دون ذلك.. والتمسح بالكعبة مخالف لهدي النبي
"العتيبي": غسل الأكفان بـ"زمزم" بدعة وسوء أدب مع الله
غزوان الحسن- سبق- المشاعر المقدسة: أكد عضو الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب الداعية، الشيخ نهار العتيبي، لـ"سبق" أن ما يفعله بعض الأشخاص من مسح الأقمشة الرطبة بالكعبة؛ ثم حملها، والسفر بها، وجعلها كفناً للشخص عند موته؛ هو بدعة محدثة، وعمل منكر.
 
وقال "العتيبى" لـ"سبق" إن هذا العمل منكر لثلاثة وجوه؛ أولها أن التمسح بالكعبة، أو بجدرانها اعتقاداً أن ذلك يأتي بالبركة هو أمر مبتدع، ومخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال في الحديث الصحيح: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وفي رواية: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "فهو رد" أي: مردود على صاحبه؛ غير مقبول عند الله تعالى. وهذا فيه دليل على تحريم البدع؛ وأن من يتعبد لله تعالى بالبدعة وهو عالم بأنها بدعة فقد ادعى أن الدين ناقص، وهذا من سوء الأدب مع الله تعالى.
 
وأضاف: "الله جل وعلا أكمل الدين، وأتم النعمة؛ كما قال سبحانه وتعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}، فصاحب البدعة عندما يأتي بشيء زائد على دين الله تعالى؛ فإنه بذلك يعتبر أن الدين ناقص، وهذا هو الضلال بعينه، ودليل أن التمسح بجدران الكعبة والتبرك بها بدعة منكرة هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولم يأمر به، ولم يفعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، ولا بعد مماته، وقد قال أهل العلم بأن العبادة الشرعية لا بد لها من دليل شرعي؛ لأن العبادات مبنية على التوقيف على الدليل، فإذا ثبت الدليل كانت العبادة صحيحة، وإذا لم يثبت الدليل كانت هذه العبادة غير صحيحة ولا يجوز فعلها".
 
وأشار إلى أن ما ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم من الالتصاق بالملتزم الواقع بين الحجر الأسود وباب الكعبة؛ فإنه ليس تمسحاً بالكعبة، أو تبركاً بها كما قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى؛ وإنما هو اشتياق وأسف على الفراق تارة، وذل لله تعالى وخشية تارة أخرى؛ وذلك لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يفعلونه عند القدوم؛ مما يدل على اشتياقهم للبيت وليس التبرك به.
 
وبيّن: "الوجه الثاني أن الحجر الأسود، والركن اليماني لا يجوز التبرك بهما؛ فضلاً عن غيرهما، وإنما المشروع بالنسبة للحجر هو تقبيله إن تيسر، أو مسحه، أو الإشارة إليه؛ وكذلك الركن اليماني فإن المشروع هو مسحه فقط، وتقبيل الحجر الأسود، أو مسحه، أو مسح الركن اليماني؛ هو تعبد لله تعالى، وليس تبركاً بهما؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، والمسلم يفعل ذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وذلك مثل الطواف تماماً؛ فمثلما أن المسلم يطوف بالكعبة تعبداً لله تعالى؛ فكذلك يمسح الحجر الأسود، أو الركن اليماني تعبداً لله تعالى.
 
وأوضح: "ومما يدل على أن هذا الفعل عبادة، وليس تبركاً بالحجر، أو الركن اليماني هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت أنه مسح جسده بيديه بعد مسحه للحجر الأسود أو الركن اليماني، ولم يثبت كذلك عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل الوارد عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عكس ذلك؛ كما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث يقول بعدما قبّل الحجر الأسود: "والله إني أعلم أنك حجر لا تضر، ولا تنفع؛ ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّلك ما قبّلتك".
 
وبيّن: "عندما رأى ابن عباس رضي الله عنهما معاوية رضي الله عنه يمسح جميع أركان الكعبة أنكر عليه؛ فقال معاوية رضي الله عنه: "ليس في البيت شيء مهجور"، فرد عليه ابن عباس رضي الله عنهما وقال: قال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [سورة الأحزاب الآية: 21]، وما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح إلا الركنين اليمانيين، يعني: ركن الحجر الأسود والركن اليماني، فقال معاوية: صدقت"، فرجع معاوية رضي الله عنه إلى قول ابن عباس رضي الله عنهما، وهذا يدل على أن الصحابة يمسحون الحجر الأسود، والركن اليماني فقط؛ تعبداً وليس تبركاً؛ ولذلك كانوا ينهون عن مسح بقية أركان الكعبة، أو جدرانها؛ لأن ذلك عبادة؛ والعبادة لا بد من دليل عليها، وإلا أصبحت بدعة محرمة يأثم من فعلها".
 
واستطرد: "فإذا كان لا يجوز التبرك بالحجر الأسود الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تقبيله، ولا يجوز التبرك بالركن اليماني الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم مسحه؛ فإن تحريم التبرك بغيرهما من باب أولى".
 
واختتم "العتيبى" عارضاً الوجه الثالث قائلاً: "التبرك بقماش قد مسح به جدران الكعبة غير مشروع؛ بل هو من البدع، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك، ولم يثبت أيضاً عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان هذا خيراً لسبقونا إليه، بل إن الذي عليه أهل العلم أنه لا يجوز التبرك بنوع معين من القماش، وجعله كفناً للميت، وهذا الفعل من البدع، فإن الميت مرتهن بعمله، ولا ينفعه بعد موته إلا ما قدمه هو في حياته؛ وعمل الميت ينقطع إلا من ثلاث؛ أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم، وهذه الأعمال فقط هي التي تصل الميت في قبره؛ أما تبرك بالقماش الذي مسحت به الكعبة، أو غير ذلك؛ فإنه لا ينفعه؛ بل هو من البدع المحرمة التي ليس عليها دليل من القرآن الكريم، ولا السنة النبوية المطهرة، ولم يفعلها أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org