متى نتخلص من الشخصيات الحجرية؟

متى نتخلص من الشخصيات الحجرية؟
تم النشر في
 
هناك أمور قدرية تجري بأمر الله سبحانه، لا يستطيع الإنسان أن يمنعها، أو يستجلبها، أو يتحكم في مصيرها، ولكن يستطيع بما أوتي من عقل وحكمة وقدرة على التصريف والتدبير أن يسخرها، ويستفيد منها، ويحول مسارها من قوة هدم وتدمير، إلى طاقة نافعة وقوة مفيدة لمجتمعة.
 
 فقوة الريح، في أحيان، تكون قوة مدمرة، ولكن يستطيع الإنسان، أن يستغلها في توليد الكهرباء، وما إلى ذلك من أمور نافعة، شريطة أن يعمل عقله، ويسخر كل إمكانياته، في الاستفادة منها، ولا يقف حيالها موقف العاجز عن التصرف، قليل الحيلة، بليد الذهن.
 
وهذا هو الفارق الدقيق بين الإنسان الحضاري المتقدم، الذي يعي أن في كل قوة مدمرة، طاقة هائلة نافعة، يمكن استغلالها والانتفاع بها وتحويل مسارها، وبين الإنسان الحجري والبدائي، الذي لا يرى إلا النظر مندهشاً، ينتظر الكارثة تلو الأخرى، ولا يستطيع أن يحرك ساكناً.
 
جالت بخاطري تلك الخواطر والأفكار، على خلفية الأمطار الغزيرة التي هطلت على عدة مدن وبلدات، وظهر، العجز الفاضح في التعامل مع المياه المتراكمة في الشوارع الطرقات، والتي حاصرت جامعات ومدارس ومؤسسات أخرى غيرها.
 
وحتى لا يكون كلامنا بغير بينة ولا دليل، فهذا، على سبيل المثال، نص الخبر الذي أوردته صحيفة الرياض يوم الأحد 23 محرم 1436 هـ - 16 نوفمبر 2014م - العدد 16946 "تحاصر الأمطار الحرم الجامعي لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة بسبب غزارة الأمطار الهاطلة والتي ما زالت مستمرة منذ يومين مما كوّن بحيرات كبيرة أمام كلية الهندسة بالجامعة وتسبب ذلك بإعاقة حركة الدخول والخروج للسيارات".
 
ما زلت أتساءل، أين دور البلديات، وبقية الوزارات والهيئات والمؤسسات، ذات العلاقة بهذه الحوادث والكوارث، التي تتكرر كل عام، دون أن نرى تقدما في التعامل الحكومي معها، بما يقلل من آثارها التدميرية، والتي تعطل مصالح المواطنين.
 
كتبت من سنة مقالا، عن هذا الإهمال الجسيم في التخطيط والتنفيذ، للشوارع والطرقات والمنشآت، ونوهت إلى ضرورة أن تكون مهيأة لهذه الأمطار الغزيرة، وكتبت هذا العام، ولعلي اكتب العام المقبل، وتكتب الأجيال القادمة، من بعد، عن ضرورة التخطيط الجيد، والتنفيذ المتقن.
 
نحن لا تنقصنا الأموال، في ظل الميزانية المليارية، ولكن ينقصنا الإنسان الحضاري، الذي يعرف أن هناك علم ومعرفة يستخدما لمواجهة هذه الظواهر، وتسخيرها، والإفادة منها، وتحويلها من كوارث إلى منح وعطايا، يفيد منها الوطن والمواطن.
 
نحن في حاجة إلى أن نتخلص من شخصيات العصر الحجري، في بلادنا، وندعهم في عالمهم القديم، حتى نخطو خطوة إلى الأمام.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org