أَمْنُ الحَجِّ..مَسْؤُولِيَّةُ الجَمِيعِ

أَمْنُ الحَجِّ..مَسْؤُولِيَّةُ الجَمِيعِ
تم النشر في

قال تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى...} البقرة (125).
القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَمْنًا}:
قال أبو جعفر: و"الأمن" مصدر من قول القائل: "أمن يأمن أمنًا".
وإنما سماه الله "أمنًا" لأنه كان في الجاهلية معاذًا لمن استعاذ به, وكان الرجل منهم لو لقي به قاتل أبيه أو أخيه لم يهجه، ولم يعرض له حتى يخرج منه.
وكان كما قال الله جل ثناؤه: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} (العنكبوت67).
من هنا يتضح لنا أهمية البيت الحرام عند الله عز وجل، وأهمية الحفاظ على أمنه، وأمن زواره؛ لأن الله جل جلاله أراده مكانًا آمنًا، وملاذًا لكل خائف، وجعله كذلك، وهيّأ كل السبل لذلك؛ فمنذ أن أمر نبيه إبراهيم - عليه السلام - ببنائه أراده آمنًا، بل وللناس أمنًا، ومنذ ذلك الوقت وإلى أن يرث الله الأرض ومَنْ عليها سيبقى كذلك بإذن الله.
لذلك تجد أن الله سبحانه وتعالى في كل زمن يهيئ لبيته العتيق من يقوم على شؤونه، ويخدم زواره، ويوفر لهم الأمن والحماية؛ حتى يتموا مناسكهم، ويعودوا إلى ديارهم آمنين.
وهذه الحقيقة أدركتها كل الدول التي تشرفت بحكم هذه البقعة المباركة على مر التاريخ؛ فعملت على خدمة بيت الله، وتوفير الأمن لزواره، بل إنها فاخرت الأمم بذلك. وآخر هذه الدول مملكتنا الحبيبة؛ فمنذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله - جعلت ذلك مفخرة المفاخر التي تعتز بها بين الأمم، وسار على نهج المؤسس كل أبنائه من بعده إلى أن جاء الملك فهد - يرحمه الله - وأثبت للعالم أجمع مدى اعتزازنا بخدمة الحرمين، حين أصدر ذلك القرار التاريخي باستبدال مسمى صاحب الجلالة بلقب، قال عنه: "... بلقب أحبه ويشرفني أن أحمله، هو (خادم الحرمين الشريفين)".
وبقي هذا اللقب مفخرة لأخوَيْه من بعده (الملك عبدالله-يرحمه الله- والملك سلمان - سلمه الله -)، بل إنه فخر لكل مواطن على هذه الأرض الطاهرة.
وليس فخرًا فحسب، بل إنه مسؤولية ملقاة على عاتق الجميع؛ فخدمة ضيوف الرحمن، والحفاظ على أمنهم، أمانة في أعناقنا جميعًا؛ فكلنا رجال أمن، وكلنا جنود لخدمة الحرمين، وكلنا دون أمنها؛ وهذا واجبنا تجاه هذا الشرف العظيم الذي منحنا إياه ربنا عز وجل، واختصنا به في هذا الزمن دون غيرنا.
ومن هنا نوجِّه رسالتَيْن غاية في الأهمية:
– الأولى: لكل مسلم يوجد في الأراضي المقدسة خلال فترة الحج.. أنت مؤتمن على أمن الحج وأمن إخوانك الحجاج؛ وواجب عليك إبلاغ الجهات المختصة عن أي ريبة تشعر بها بكل هدوء وسكينة، وترك الباقي لهم؛ فهم دائمًا على أتم الاستعداد للتعامل مع أي طارئ.
– الثانية: لكل من تسول له نفسه العبث بأمن هذه الديار أو محاولة البلبلة أو تعكير صفو الحج.. لا تحاول أن تفكر مجرد تفكير في ذلك؛ لأن أرواحنا جميعًا دون أمن بيت الله الحرام، الذي تكفل بحفظه وشرفنا جميعًا بخدمته، وكلنا رجال أمن.. فضلاً عن استعدادات رجال أمننا، وجاهزيتهم لهذه المهمة على أكمل وجه.. ولتعلم بأننا جميعًا بصوت واحد نقول: "أَمْنُ الحَجِّ.. مَسْؤُولِيَّةُ الجَمِيعِ" .

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org