إحراق الجذور أهم

إحراق الجذور أهم
تم النشر في

يكاد يكون المجتمع برمته متعاطفًا مع الأبطال الذين نجحوا في القضاء على الإرهابيَّين في حي الياسمين. ونحن بدورنا نؤكد الفخر بهؤلاء الأبطال، سواء داخل المدن أو في الحد الجنوبي؛ فالوطن فخور بأبنائه أينما حلوا، وأينما كانوا، وفي أي مجال يكونون، سواء على الصعيد العسكري، أو إنتاجهم على الصعيد العملي، والمشاركة في البناء والتنمية من خلال العمل والإنتاج، ومن خلال الأفكار التي يقدمونها في المؤتمرات والمعارض؛ لتكون بذرة لمشاريع عملاقة، تزهو بها مدننا وقرانا، وتكون خير معين لهؤلاء الشباب في معيشتهم، وتنير لهم مستقبلهم..!

العمل أيًّا كان، ومن خلال أي برنامج، وفي أي تخصص.. فخرٌ لكل المجتمع وأفراده ومختلف أطيافه؛ فالعقلاء هم من يشجعون الأبناء على امتهان الأعمال الحرة، والمثابرة، والتعليم والتعلُّم؛ ليكونوا خير معين لهم في مواصلة مشوارهم العمالي والعلمي.

والعمل أيًّا كان يجعل الفرد منشغلاً بتطوير نفسه، والالتحاق بالدورات والمعاهد لكسب العديد من المهارات والفنون التي تساعده على الابتكار، والمضي قُدمًا نحو مستقبل باهر مفيد.. عكس العاطلين المقيدين بالبطالة في بيوتهم؛ فهم قابعون، لا هم لهم سوى السير في الشوارع، والتفحيط، وكسب العيش من خلال ترويع الآمنين والسرقات، ومن خلال العطايا والهبات من الأم والأب.. وهؤلاء - والله - نقمة على الأمة والمجتمع وأسرهم، وهم صيد سهلٌ للإرهابيين والمنظمات الدولية المخيفة والمقيتة والممنوعة في العالم، مثل الدواعش وأصحاب الفكر الضال، ومن خلال أيضًا المافيا وأصحاب المخدرات، وغيرها من أماكن الصيد السهل لهؤلاء الشباب العاطلين. فالحذر الحذر من البطالة؛ فوالله إنها قنبلة موقوتة، يمكن أن تثور بأي وقت، وآثارها مدمرة، كفانا الله وإياكم شرها وويلاتها..!

كان "طايع الصيعري" شابًّا أنيقًا مهذبًا، يملك من الذكاء ما جعله مميزًا بين زملائه في "جامعة ماسي" في "مدينة أوكلاند" في نيوزيلاندا، يدرس تخصصًا نادرًا "هندسة الميكاترونيك".. تخيلوا لو أكمل هذا التخصص وعاد للوطن كم سيكون مفيدًا وناجحًا ومتفوقًا ونافعًا ومنتجًا، وسيتخرج على يديه العشرات من الطلبة والطالبات، وسيكون هناك العشرات من المصانع والمشاريع، وستُخلَق الآلاف من فرص العمل والتوظيف، وسيكون هناك العديد من الشركات المستثمرة، تدخل البلد للاستثمار، وسينتج منها مليارات الريالات.. وهكذا هي دائرة الحياة. ((كم خسر الوطن وخسر طايع..؟)) بسبب الفكر الضال. كان أخوه قبله في 2003 ممن قضى نحبه في أحداث السلي.. وها هي البذرة تنتج النهج نفسه حتى وإن غادر البيت والوطن، والتحق بالدراسة في الغرب، وكان بعيدًا هناك، إلا أن الخلايا والدم والوراثة والفكر المتغلغل في الداخل ظل موجودًا.. فمن كان الجاني..؟

كان يدرس الهندسة، ولاحظ عليه زملاؤه انعزاله في السنة الأخيرة، ومتابعته الأحداث في سوريا، وكان قبلها صاحب فكر وسطي معتدل، وتحول بين ليلة وضحاها إلى خبير يُعتمد عليه في تنظيم داعش في تصنيع الأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة وتجهيز الانتحاريين وتدريبهم عليها؛ لتنفيذ عملياتهم الإجرامية، التي كان منها الاعتداء على الحرم المدني الشريف ومسجد الطوارئ بعسير..!

مَن أوصل "طايع" إلى هذه النقطة؟ وكيف نعالج الأمر..؟

الجذور أهم من الرؤوس.. وإحراق المنابت أهم من إحراق الأوراق..!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org