إعلامنا و"إسلاموود"!!

إعلامنا و"إسلاموود"!!

إلى متى تظل السياسة الإعلامية ومخرجاتها في المملكة قاصرةً عن مواجهة طوفان التشويه والخُبث والخداع لدى طاحونة الإعلام الغربي وشركائهم؟! إلى متى يظل إعلامنا مجرد ردّة فعل وارتداد لما يُنشر من إساءات وتشويه متعمّد للمملكة وقيمها ومجتمعها؟

سياساتٌ إعلاميّة قاصرة.. وخططٌ مهلهلة.. وقصورٌ في الكفاءات الوطنية المحترفة إعلامياً.. وضعفٌ في الموارد البشرية ممزوجٌ بعنصر الارتجالية!!

هذا هو الخليط الذي يسري في عروق وزارة الإعلام وهيئة الإذاعة والتلفزيون، وبالتالي تظهر لنا مخرجات تقليدية في مُجملها، لا تكاد تؤثر في الرأي العام المحلي، وتصادم بعض قيمنا في جانبٍ آخر، فكيف لها أن تؤثر في الرأي العالمي؟!!

خططٌ وطنية إعلاميّة مترهلة.. غير قادرة حتى الآن على جذب المشاهد السعودي إلى برنامج واحد يمكنه أن يساعد على تشكيل الرأي العام في المجتمع.

خططٌ وطنيّة مبعثرة.. لا ترى بأساً في الزج بميزانية عالية تقدّر بعشرات الملايين لشراء بضعة مسلسلات، أقل ما يُقال فيها إنها ساذجة، تصادم الذوق العام للمجتمع، كما هو الحاصل سنوياً في شهر رمضان المبارك.

أما تغطية حدث حسّاس بالغ الأهمية والخطورة كـ "عاصفة الحزم"، فكل ما تقدّمه مجرد مقابلات هنا وهناك، أو تحقيقات باردة تفتقد مزيداً من العُمق والتأثير، لا تتوافق وسخونة الحدث وضرورة استثماره لمصلحة المملكة.

وزارة الإعلام والهيئة بحاجة إلى خلع فكر التقليد والرتابة والخمول في مواجهة الحملة الشرسة من قِبل الإعلام الغربي، وغيره من الإعلام المعادي لسياسة المملكة وقيم مجتمعها.

هي بحاجة إلى فكر إبداعي مبتكر، يستثمر في وسائط الإعلام الجديد، ويستخدم أفضل الممارسات الإعلامية في تغيير الفكر وتشكيل الرأي العام داخلياً وخارجياً.

رأينا هيئة الإذاعة والتلفزيون كيف قامت بتغطية الحج بأسلوب اعتيادي لا يرقى وعالمية الحدث الذي يمكن أن يستثمر للوصول إلى كل أطياف العالم.

أين الوزارة والهيئة عن صُنع أفلام احترافية عن المملكة وقيمها وشعبها، تشارك في إخراجها أفضل شركات الإنتاج العالمية، لتبث عبر القنوات الإعلامية ودور السينما الغربية؟!!

أين هي من برامج مقنّنة لاكتشاف قيادات إعلامية محترفة، وخبراء في تخصّصات متعدّدة تقوم بتدريبهم وتهيئتهم إعلامياً لتضعهم أمام المؤسسات الإعلامية الغربية، وليكونوا واجهةً مشرقةً مهيأةً للتحدث عن المملكة بحرفية وطلاقة في تلك المؤسسات؟!!

أين هم عن استقطاب القيادات الإعلامية الغربية لزيارة المملكة، للاحتكاك عن قرب بقادة الرأي والعلماء وأساتذة الجامعات والمفكرين؟

متى نرى صناعة حقيقية لإعلام "مبادر" يصنع الخبر والحدث ليظهره بطريقة مهنية عالية أمام المجتمعات الغربية، بعيداً عن الارتجالية والتقليدية؟!!

في اعتقادي أن الطريق واضحة وواسعة لمزيد من الاحترافية والمهنية لدى وزارة الإعلام والهيئة، لكنها بحاجة إلى إعادة بوصلة إستراتيجيتهما وأدواتهما إلى الاتجاه الصحيح.

في المقابل، وعلى مستوى المؤسسات الإعلامية الخاصّة، نجد لهاثاً غريباً من بعض رجال أعمالنا لشراء حقوق البثّ لكل ما تقع عليه أعينهم من أفلام ومسلسلات تدغدغ مشاعر العشق "الحرام"، وإظهار مفاتن المرأة، كأنها سهمٌ في البورصة قابلٌ للتداول بكل يسرٍ وسهولة لمَن يمتلك ثمنها!!.. هذا عدا قنوات الأغاني، وقنوات "الجيل القديم" مما لا تكتمل حبكتها الدرامية دون خيانة زوجية هنا، أو تعاطي كحول هناك، أو التمتع بقطعة حشيش، أو راقصة مخملية تُظهر أكثر مما تُخفي!!

أما برامج تلفزيون الواقع وأبطال المجتمعات العربية من الفنانين والفنانات.. فهنا حدّث ولا حرج.. فلم يعد يخفى، حتى على الجاهل، أنها مصمّمة بطريقة مقننة واحترافية لمصادمة قيم المجتمعات الإسلامية وثقافتها ومحاولة زعزعتها، وكل ذلك بمشاركة أموال سعودية.

حلمٌ جميلٌ أن نجد مِن رجال أعمالنا مَن يسعى لصنع "إسلاموود" مشابهة لـ "هوليوود" و"بوليوود" لنشر قيمنا الإسلامية وما تحتويه من عدالة وتسامح وإيثار، بمخرجات تتوافق مع ثوابتنا، بدلاً من نشر الإسفاف اللا أخلاقي، ولتُظهر لنا المواطن السعودي، والمسلم ككل، بصورة ناصعة حقيقية تنبض بالحب والإيثار والتضحية والبذل والعطاء. هل نسينا أفلاماً مثل "عمر المختار" و"الرسالة" ومسلسل "عمر بن الخطاب" (رضي الله عنه)؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org