إلا الحج!

إلا الحج!

لا فرق في ديننا الإسلامي الحنيف بين السياسي والديني، فهذه قسمة دخيلة علينا، من موروثات عصر الظلام الكنسي، الذي يعود إلى القرون الوسطى؛ إذ الإسلام دين شامل لكل جنبات الحياة، ولا يعرف فصاماً نكداً بين الدين والدنيا، ولا يعترف بحدود فاصلة بين السياسة والدين.

وهذه الشمولية في رؤيتنا لإسلامنا الحنيف، وأنه كُلٌّ متماسك، ولُحمة واحدة، وليس جزراً منعزلة يضرب بعضها بعضاً، عليها شواهد عديدة، وأمثلة رائعة من تاريخنا الإسلامي، ليس هذا محل بسطها، ولكن يكفي للدلالة على أن رسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم- هو من قاد دولة الإسلام، وكذا خلفاؤه الراشدون رضي الله عنهم.

وثَمّ خيط رفيع فاصل بين هذه الرؤية التي ترى الإسلام بشموله الواسع لكل تفاصيل الحياة، وبين من يذهب يستغل الشعائر الدينية لتحقيق مكاسب سياسية رخيصة غير مشروعة، أو الترويج لمذاهب أرضية باطلة، أو حزبية ضيقة، أو عنصرية بغيضة منكرة.

لقد استغل عاملٌ منصبه الديني في جباية الزكاة في تحقيق مكاسب دينية: "هذا لكم وهذا أُهدي إليّ"، فكان التعنيف الشديد لتجاوز الخطوط الحمراء من نبي الأمة صلى الله عليه وسلم: "هلا جلس أحدكم في بيت أبيه وأمه ينظر أيُهدى إليه؟!)، فقد أراد أن يستغل الدين لمصلحة شخصية دنيوية، فجاء الرد واضحاً صريحاً منكِراً عليه هذا المسلك الرخيص.

وعلى ساحتنا الآن مناوشات ظلامية حول شعيرة هي من أعظم شعائر الدين الإسلامي، ألا وهي شعيرة الحج إلى بيت الله الحرام، حيث الحديث عن تدويل الأماكن المقدسة، ومناوشات حول دعاوى ومزاعم قبول أو رفض بعض البعثات الخليجية.

أضف إلى ذلك المحاولات الإيرانية العبثية والدائمة لتسييس موسم الحج، واختراع طقوس متفردة تبعث على الاضطراب وإشاعة البلبة وسط الحجيج الذين أراد الله لهم الظهور بمظر الوحدة والقوة، فيما يريد ملالي طهران التسييس والخروج على وحدة الأمة.

إن تلك المحاولات الهائجة لتسييس موسم الحج لأغراض حزبية أو شخصية أو مذهبية لن تجدي نفعاً، وسترتدّ على أصحابها حتماً، وستنكسر على وعد الله بأن يكون هذا البيت آمناً تهوي إليه أفئدة الذين آمنوا، وسيذهب خبث الذين يريدون فيه بإلحاد بظلم.

إلا الحج!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org