إمام الحرم: الأراجيف والتخويفات والتنبؤات بحروبٍ أحوالٌ مرّت على الأمة من قبل

قال إنه تَعَرّض لها مَن هم خير منا عند الله وأزكى
إمام الحرم: الأراجيف والتخويفات والتنبؤات بحروبٍ أحوالٌ مرّت على الأمة من قبل
تم النشر في

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح آل طالب، المسلمين بتقوى الله عز وجل؛ فهي العدة في الشدائد, والعون في الملمات، وهي أنس الروح والطمأنينة, ومتنزل الصبر والسكينة, ومبعث القوة واليقين, ومعراج السمو إلى السماء, وهي التي تثبّت الأقدام عند المزالق, وتربط على القلوب عند الفتن، قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً}.

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: إن هناك سورة عظيمة في كتاب الله, نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مستضعف في شعاب مكة, وما آمن معه إلا قليل.. روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه في سورة بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء قال: هن من العتاق الأول, وهن من بلادي؛ يعني من قديم ما يحفظ ويقتني رضي الله عنه.

وأضاف: "إنها سورة طه، وفي القصة المشهورة في السيرة في إسلام عمر رضي الله عنه أنه قرأ أول هذه السورة في صحيفة عند أخته فاطمة؛ فأسلم رضي الله تعالى عنه".

وأردف: "هي سورة عظيمة نزلت لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق الدعوة وتقيمه على درب البلاغ، نزلت ورسول الله مستضعف, وأصحابه قليلون يؤخَذون ويعذبون, وقريش تُكذّبه وتؤذيه, ويقولون ساحر ومجنون, وفي هذه الأثناء تنزل سورة طه: {طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، إلا تذكرة لمن يخشى، تنزيلاً ممن خلق الأرض والسماوات العلى، الرحمن على العرش استوى، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى، الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى، وهل أتاك حديث موسى}، موسى عليه السلام ذكره الله تعالى في هذه السورة مثالاً للداعية من أولي العزم من الرسل؛ ولهذا سمى بعض أهل العلم هذه السورة (سورة الكليم)".

وأوضح الشيخ "آل طالب" أن الله سبحانه وتعالى ذكر في هذه السورة مثالين؛ الأول: موسى عليه الصلاة والسلام مثال العزم والدعوة إلى الله {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل}, وأما المثال الثاني فآدم عليه الصلاة والسلام أبونا الذي خلقه الله بيده, وأسجد له ملائكته {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً}؛ لكن الله اجتباه واختاره كما اجتبى موسى واختاره {ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى}.

وقال: "إنها سورة تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الدعوة والداعية يؤيد من قِبَل الله تعالى بالآيات والبراهين الناطقة, إذا سار في طريق الدعوة, ويذلل الله له العقبات, ويفتح الأبواب, ويُريه من ألطافه ما لا يخطر له على بال, وسورة تقول إن الداعية إلى الله محتاج إلى صدر واسع يحمل الناس, وإلى عون من الله وتيسيره, وإلى لسان يُبلغ عن هذه الدعوة رسالتها, وسورة تقول إن أساس الدعوة إلى الله الرفق واللين, وسورة تقول إن على الدعاة أن يجتمعوا على كلمة سواء, وسورة تقول إن على الداعية أن لا يخاف؛ لأن الله معه, وتقول أيضاً إن الداعية إلى الله لا يتزحزح عن الطريق ولا يتأخر ولا يتراجع".

وأضاف إمام وخطيب المسجد الحرام أن خواتم السور تعود على مفاتحها, وأواخرها تتعلق بأوائلها, وبينهما من التناسب ما بينهما؛ مشيراً إلى أنه في خواتيم سورة طه تعقيب وخطاب لكفار قريش, وتوجيهات وخلاصات للدعاة إلى الله, يقول الله جل جلاله مخاطباً كفار قريش: {أفلم يهدِ لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى، ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاماً وأجل مسمى}.

وأردف الشيخ "آل طالب": "أيها المسلمون، هذه الأيام التي تعيشونها تصبحكم فيها وتمسيكم أراجيف وتخويف, وتنبؤات بحروب وصراعات, وتنقص من الأموال والأنفس والثمرات, وهي أحوال مرّت على مَن هم خير منكم عند الله وأزكى, مرّت على خيرين كأراجيف وفتن, ومرت على غيرهم كوقائع وأحداث, وأياً كانت الأحوال في الحاضر والمستقبل؛ فإنها أسنّة حق وسياط صدق, تسوق الناس لربهم الكريم, وتُذكّرهم بما انتقصوه من دينهم العظيم, وقد مضى القوم من قبلكم, وما المقصود بالآيات -والله- إلا أنتم؛ فخذوا من كتاب الله عظاته, وتدبّروا سننه وآياته {فذكر بالقرآن من يخاف وعيد} وسنن الله ثابتة, وأقداره نافذة, والأمر كله لله وحده, وما الخلق إلا عبيده".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org