" الأحمدي" يروي قصة الرجل الذي "قضم تفاحة أبل"

رائد الذكاء الصناعي وواضع أساس الحاسب الآلي
" الأحمدي" يروي قصة الرجل الذي "قضم تفاحة أبل"

على غير القصة الشائعة في الثقافة العربية أن شعار " أبل" يعود إلى " تفاحة إسحق نيوتن"، يروي الكاتب الصحفي فهد عامر الأحمدي القصة الحقيقية للرجل الذي قضم " تفاحة أبل" ليموت مسموما بالسيانيد، إنه عالم الرياضيات البريطاني آلان تورينج، الذي تمكن من فك شفرة تبادل الرسائل بين القوات الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، وذلك عبر اختراع آلة تعمل من خلال خوارزميات رياضية (وتروس معدنية مرقمة)، ليضع الأساس الأول للحاسب الآلي، ويصبح رائدا لعلم الذكاء الصناعي الذي يجعل الحاسوب يحاكي القدرات الذهنية للبشر.

شفرة ألمانيا الغامضة في الحرب

وفي مقاله "الرجل الذي اخترع الذكاء الصناعي" بصحيفة " الرياض" يبدأ الأحمدي القصة قائلا " خلال الحرب العالمية الثانية تطوع عالم الرياضيات البريطاني آلان تورينج لفك شفرة الحرب الألمانية.. فـفي ذلك الوقت كانت ألمانيا تستعمل آلة تشفير (تشبة الآلة الكاتبة) ترسل حروفا ورموزا لا تتفق مع الموجودة على لوحة "المفاتيح".. كانت نوعا من آلات التشفير الكهروميكانيكية التي تعتمد على تعمية وتشويه الرسائل الصادرة.. فحين تضغط مثلا على حرف "السين" يظهر على الطرف الآخر حرف "الراء" ، وحين تضغط الرقم "4" تظهر على الطرف الآخر علامة "=" .. وهذا يعني أن القيادة الألمانية حين ترسل لقواتها رسالة تقول: (سيبدأ الهجوم الساعة 4 مساء) تظهر على الطرف الآخر بهذا الشكل: (ركنصث بعمتا طحثقف = ؤسشو) .. وبالطبع لن تكون الجملة الأخيرة مفهومة لأجهزة المخابرات المعادية حتى في حال تمكنت من التقاطها.. ولكن القوات الألمانية (التي تستقبل الرسالة على الطرف الآخر) كانت تملك آلة معاكسة تعـيد الحروف والرموز لوضعها الطبيعي، وتسترجع الرسالة بشكلها الصحيح".

تغيير الشفرة كل 24 ساعة

ويضيف الأحمدي " ما زاد الأمر تعقيدا أن الألمان كانوا يغيرون شفرة المفاتيح كل 24 ساعة.. وهذا يعني أن العدو (حتى في حال تمكن من فك الشفرة) سيفاجأ بتغيرها تماما في اليوم التالي .. كان الأمر معقدا لدرجة تشبه هذه الأيام محاولة فـك "رقم سري" مكون من 26 حرفا .. يتم تغييره كل 24 ساعة !!".

أصغر متطوع لفك الشفرة

ويمضي الأحمدي " إزاء هذا التعقيد فتحت المخابرات البريطانية باب التطوع أمام العلماء والمتخصصين لمساعدتها في فك الشفرة الألمانية.. تقدم آلان تورينج للمساعدة ولكن طلبه كاد يرفض بسبب صغر سنه وقلة خبرته وجهله باللغة الألمانية.. ورغم أنه في النهاية انضم لخبراء "فـك الشفرة" لم يستطع الاندماج معهم كونهم يعملون بالطرق التقليدية (وباستعمال الورقة والقلم) وكانوا يفشلون دائما قبل نهاية الــ24 ساعة".

تورينج يخترع آلة فك الشفرة

ويروي الأحمدي كيف اخترع تورينج آلة فك الشفرة، والتي مهدت للحاسب الآلي، ويقول " كان (تورينج ) يدرك أن عقل الإنسان أبطأ من أي آلة فقرر اختراع آلة مضادة توفق بين الأرقام بسرعة هائلة.. وهكذا ترك زملاءه وانشغل بتصميم آلة كهروميكانيكية تعمل من خلال خوازمات رياضية (وتروس معدنية مرقمة) تعد النموذج الأول للحاسبات الميكانيكية.. وبفضل هذه الآلة المدهشة تمكن أخيرا من فـك الشفرة الألمانية وكشف خططهم العسكرية (بما في ذلك عزمهم على شن معركة الأطلسي ضد أميركا)".

السر البريطاني

ويضيف الأحمدي " البريطانيون من جهتهم أبقوا الأمر سرا في حين كان الألمان مطمئنين لاستحالة فك شفرتهم المعقدة ــ خصوصا أن لديهم فريقا مقابلا يحاول اختراقها يوميا لتحسين جودتها".

تورينج يقضم التفاحة المسمومة

وينهي الأحمدي بالاختراعات التي خلدت اسم تورينج، وقضمه للتفاحة التي صارت شعر " أبل"، ويقول "رغـم دور آلـة تورينج في انتصار الحلفاء (والتي لولاها لاستمرت الحرب أربع سنوات إضافية) كانت أيضا بداية عصر الحاسب الآلي والذكاء الصناعي.. أصبح تورينج بفضلها الأب الروحي للحاسب الآلي والذكاء الصناعي حتى قرر عام 1954 الانتحار بقضم تفاحة مسمومة بالسيانيد! .. وهذه قصة أخرى لأسباب اختيار (التفاحة المقضومة) شعارا لشركة آبــل".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org