الاقتصادي "البوعينين" لـ"سبق": محمد بن سلمان "نجم" الرؤية السعودية 2030م.. و7 تريليونات ريال "ستغنينا" عن النفط

قال: إن السعوديين سيمتلكون المنازل والأسر ستدخر.. وستتاح فرص وظيفية أكبر للشباب
الاقتصادي "البوعينين" لـ"سبق": محمد بن سلمان "نجم" الرؤية السعودية 2030م.. و7 تريليونات ريال "ستغنينا" عن النفط

- الدولة ستحارب الفساد كهدف رئيس لتحقيق العدالة وسلامة المشروعات الحكومية من الغش والتجاوز والحفاظ على أموال الدولة.

- القيادة الشابة متطلعة لإحداث التغيير الاقتصادي والتنموي والاجتماعي الذي تستحقه السعودية.

- القطاعات الاقتصادية المُهمّشة ستنشط، والدعم الحكومي سينخفض بشكل تدريجي دون المساس بشريحتيْ متوسطي ومنخفضي الدخل.

- "جسر الملك سلمان" سيحوّل السعودية إلى مركز مهم لمرور التجارة الدولية وربط آسيا بإفريقيا.

- سياحة "الترفيه" السعودية ستحصل على اهتمام أكبر خلال السنوات القادمة لتوطين 50 ملياراً سنوياً تتسرب إلى الخارج.

- الصناعة ستكون هي المحرك الرئيس للتنمية الاقتصادية السعودية القادمة.

- زيادة عدد المعتمرين من 8 ملايين إلى 30 مليون معتمر.. هدف استراتيجي.

يقول الخبير والمستشار الاقتصادي والمصرفي فضل البوعينين: إن الرؤية السعودية 2030م التي أعلنها أمس ولي ولي العهد ستنقل السعودية إلى آفاق اقتصادية أرحب، وستركز على استثمار الثروات المتاحة لتكون مصدر التمويل الحكومي مستقبلاً؛ بدلاً من الاعتماد على إيرادات النفط، وسيتم تنويع مصادر الاقتصاد، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتفعيل دورها؛ وخلق الوظائف.

وأكد في حواره مع "سبق" أن الصناعة ستكون هي المحرك الرئيس للتنمية الاقتصادية السعودية القادمة؛ إضافة إلى قطاعات أخرى كالسياحة لتوطين ما يقرب من 50 ملياراً سنوياً، تتسرب إلى الخارج لعدم وجود الوجهات السياحية الجيدة محلياً.

وأوضح أن تحجيم الفساد المالي، وتشديد الرقابة بأنواعها، سيُسهم بشكل مباشر في خفض انعكاساته السلبية؛ فمحاربة الفساد والقضاء عليه ستحقق المنفعة العامة، والعدالة، وتضمن جودة الأداء، وسلامة المشروعات الحكومية، وتحفظ أموال الدولة. والحكومة تسعى لتنشيط قطاعات الاقتصاد المهمشة؛ وخفض الدعم التدريجي، مع الأخذ في الاعتبار عدم المساس بشريحتيْ متوسطي ومنخفضي الدخل.

وقال: "جسر الملك سلمان" الذي سيربط السعودية بمصر سيحول المملكة إلى مركز مهم لمرور التجارة الدولية بين آسيا وإفريقيا".

ويتناول الحوار عدداً من المحاور الاقتصادية؛ فإلى تفاصيله.

** "الرؤية السعودية 2030م التي أعلنها ولي ولي العهد؛ كيف يمكن وصفها اقتصادياً؟

قبل الحديث عن رؤية السعودية 2030م، ينبغي الإشارة إلى آلية الإعلان عنها من خلال مؤتمر صحفي وقف فيه سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وجهاً لوجه مع المختصين، والإعلاميين، ومراسلي وكالات الأنباء العالمية، ووسائل الإعلام المحترفة؛ مجيباً على جميع الأسئلة بشفافية مطلقة؛ وإلمام تام بتفاصيل الأمور الدقيقة. وعلى الرغم من شمولية الرؤية وتركيزها على الأركان الرئيسة المزمع تحقيقها خلال السنوات القادمة دون تعرضها للتفاصيل؛ إلا أن الأمير محمد تَوَسّع في التفاصيل؛ للرد على الأسئلة دون أن يرفض أو يمتنع عن الإجابة على أي منها؛ بل إنه صحح بعض المعلومات الواردة في الأسئلة قبل أن يقدم الإجابة عليها. وفي رأيي أن مخاطبة ولي ولي العهد لوسائل الإعلام بهذا الشكل الرائع، والوصول إلى عامة الشعب من خلاله؛ خطوة موفقة ونهج غير تقليدي يبدو أن سمو ولي ولي العهد بات يعتمد عليه بشكل أكبر لمواجهة الرأي العام، ومناقشته والاستماع المباشر منه. لا يمكن للرؤية الوطنية أن تجد القبول والدعم بمعزل عن إشراك المواطنين فيها؛ واطلاعهم على تفاصيلها؛ وأهميتها بالنسبة لهم؛ وهذا ما حدث بالفعل في المؤتمر الصحفي الذي أعتقد أنه أسس نموذج التخاطب الإعلامي للحكومة وهو ما يحتاج له الجميع في الوقت الحالي. والمؤتمر خصص لتقديم الرؤية الوطنية للمواطنين والعالم؛ إلا أنه ربما أسهم في تشكيل رؤية المواطنين للقيادة الشابة المتطلعة لإحداث التغيير الاقتصادي والتنموي والاجتماعي الذي تستحقه المملكة؛ فالأمير محمد كان نجماً بإجاباته المباشرة والدقيقة، وإدارته المؤتمر، ورؤيته التنموية الطموحة التي لم يقبل بوصفها "حلماً"؛ بل واقعها سيتحقق بإذن الله.

والأمير محمد بن سلمان تَحَدّث بإسهاب عن الشباب السعودي وثقته فيه، وأنه القوة الحقيقية لتحقيق الرؤية الوطنية التي لن تتحقق إلا من خلال الشباب السعودي، واعتبر الشباب أحد أبرز المقومات المتاحة التي تتميز بها السعودية، وامتدحه بشكل خاص في قوله: "شبابنا واع وقوي ومثقف ومبدع لديه قيم عالية"؛ وهي رسالة صادقة وشفافة من سمو ولي ولي العهد للشباب السعودي الذي يعتبر الأداة الفاعلة لإنجاح الرؤية الوطنية وإحداث التغيير المنشود.

** لماذا ركّزت الرؤية السعودية 2030م على تعزيز الجانب الاستثماري لتكون مصادر التمويل الحكومي أكثر من غيرها؟

الرؤية قُسّمت إلى ثلاثة جوانب رئيسة، وهي: اقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي، ووطن طموح. تعتمد الرؤية في مدخلاتها على الجوانب الاقتصادية المحرك الرئيس للتنمية الشاملة والمستدامة. وفي الجانب الاقتصادي كان التركيز الأكبر على استثمار الثروات المتاحة لتكون مصدر التمويل الحكومي مستقبلاً؛ بدلاً من الاعتماد على إيرادات النفط. وتنويع مصادر الاقتصاد ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتفعيل دورها في الاقتصاد، وخلق الوظائف والفرص الاستثمارية، وبناء اقتصاد منتج؛ يمكن أن يسهم في رفع نسبة الصادرات السعودية غير النفطية إلى 50% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي.

وفيما يتعلق بالاستثمار؛ فالهدف المعلن هو رفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة من 600 مليار إلى ما يزيد على 7 تريليونات ريال سعودي؛ ليكون مصدراً من مصادر تمويل الحكومة، ورفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز ليصل إلى 75%.

إضافة إلى ذلك تستهدف الرؤية رفع نسبة تملّك السعوديين للمنازل من 47% إلى نحو 52% بحلول عام 2020، وهو أمر جيد للمرحلة الأولى من الرؤية.

ويتضمن جانب "وطن طموح"، بعض الأهداف المهمة التي تتركز على الأسرة والمجتمع ومؤسساته المختلفة؛ بما يتضمن رفع نسبة ادخار الأسر مقارنة بدخلها وتنميتها، وتنمية القطاع غير الربحي، ورفع مساهمته في إجمالي الناتج المحلي من أقل من 1% إلى 5%.

** لا يمكن تطبيق الإصلاح الاقتصادي دون القضاء على الفساد المالي والإداري، وتحجيم ممارساته؛ فإلى أي مدى يمكن الحدّ من الفساد في القطاعات الحكومية وفق الرؤية الجديدة؟

من أهم أدوات الرؤية السعودية الجديدة "تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد"؛ فبرامج التحول، ومشروعات التطوير لا يمكن تنفيذها بمعزل عن متطلبات النزاهة. ووفق المؤشرات العالمية؛ تزيد نسبة الفساد في الدول النامية عن 30%؛ وبالتالي أي عملية إصلاح اقتصادي ما لم ترتبط بعمليات مكافحة الفساد وتحقيق النزاهة؛ ستكون قاصرة بلا شك؛ بل يخشى ألا تتحقق أهدافها الرئيسة. ومن هنا نجد أن الأمير محمد قد أكد في تصريحات رسمية أن "ترشيد الأداء الحكومي يمثل أهمية كبيرة لمساعدتنا في محاربة الفساد، الذي يُعَدّ واحداً من تحدياتنا الرئيسة".. أجزم بأن ترشيد الأداء الحكومي أحد أهم أدوات معالجة المشكلات؛ ومنها انخفاض الدخل وتحقيق كفاءة الإنفاق، وتأسيس قاعدة صلبة للعمل المؤسسي القادر على مواجهة التحديات وتحقيق النمو المستدام وخلق الفرص في أحلك الظروف المالية.

ومكافحة الفساد أحد أهم أدوات تحقيق كفاءة الإنفاق وترشيد العمل الحكومي. الفساد قضية عالمية؛ غير أنها أكثر تفشياً في الدول النامية، وتأثيرها سيكون ظاهراً ومؤلماً مع انخفاض الدخل. ضمان تحقيق الكفاءة القصوى للإنفاق الحكومي، وتحجيم الفساد المالي وتشديد الرقابة بأنواعها؛ سيسهم بشكل مباشر في خفض انعكاساته السلبية. ومحاربة الفساد والقضاء عليه؛ يُحقق المنفعة العامة والعدالة، ويضمن جودة الأداء وكفاءة العمل، وسلامة المشروعات الحكومية من الغش والتجاوز، وتبقى أموال الدولة وأراضيها بعيدة عن أيدي مخالفي الأنظمة والقوانين، ويضمن تحقيق هدف التطوير وتحرير الاقتصاد وقتل البيروقراطية التي يتعمدها البعض لفتح أبواب الفساد على مصراعيه.

** كيف يمكن خلق اقتصاد سعودي قوي منتج يسهم في التنمية المستدامة، وتحقيق الأرباح، وتقديم فرص وظيفية للشباب؟

تستهدف الحكومة السعودية التوسع في الاستثمارات الصناعية بما يسهم في خلق اقتصاد منتج قادر على خلق الفرص الاستثمارية، وتوليد الوظائف، وزيادة الناتج الإجمالي؛ وفق الرؤية الوطنية؛ فتحفيز الاستثمارات الأجنبية والمحلية قادر على أن يسهم بشكل مباشر في نقل التقنية، وتوطين الصناعة، وخلق فرص استثمارية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة. وهذه حقيقة؛ حيث يعتمد الاقتصاد الياباني -على سبيل المثال- على المنشآت الصغيرة والمتوسطة بنسبة 99%؛ في الوقت الذي لا تمثل فيه المنشآت الضخمة إلا 1%؛ وبالتالي تعمل الاستثمارات الضخمة على توليد الفرص الاستثمارية للمنشآت الصغيرة التي بدورها تخلق مزيداً من الوظائف. وأعتقد أن الصناعة ستكون هي المحرك الرئيس للتنمية الاقتصادية؛ إضافة إلى قطاعات أخرى كالسياحة على سبيل المثال، هناك توجه لتفعيل قطاع السياحة بشكل أكبر، وبما يرفع من مساهمته في الناتج الإجمالي، والسياحة الدينية قد تكون جزءاً رئيساً من منظومة السياحة المستهدفة من قِبَل الرؤية الوطنية، إضافة إلى سياحة الترفيه التي ربما حصلت على اهتمام أكبر خلال السنوات القادمة. وقطاع السياحة قد يوطن ما يقرب من 50 ملياراً سنوياً تتسرب إلى الخارج لعدم وجود الوجهات السياحية الجيدة؛ وفي المقابل سيسهم في تنشيط قطاع السياحة بشكل عام؛ والسياحة الدينية بشكل خاص.

** كثيراً ما نسمع عن أهمية تنويع مصادر الدخل الوطني.. فهل سنقترب من تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي المهم؟

من أهم ملامح الرؤية الوطنية: تنويع مصادر الدخل؛ وهو الهدف الذي ننتظر تحقيقه منذ عقود، هناك توجه حكومي للالتزام ببرامج محددة يمكن من خلالها تحقيق هدف تنويع مصادر الدخل؛ فانخفاض أسعار النفط من 120 دولاراً إلى 38 دولاراً تَسَبّب في انخفاض حادّ للدخل؛ ولولا الله؛ ثم وجود الاحتياطيات المالية لتَعَرّضت السعودية اليوم لأزمة مالية خانقة؛ خاصة مع زيادة حجم الالتزامات المالية للحكومة. وتعتمد خطة تنويع مصادر الدخل على تحويل صندوق الاستثمارات العامة بعد زيادة أصوله إلى مصدر من مصادر الدخل الرئيسة، وسمو الأمير محمد بن سلمان تَحَدّث عن ضخ 95% من أسهم أرامكو في الصندوق، إضافة إلى الأصول العقارية؛ وبخاصة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، التي تناهز قيمتها السوقية اليوم تريليون ريال سعودي، إضافة إلى أصول الصندوق الحالية؛ وبالتالي يمكن للصندوق أن يحقق عوائد ضخمة تسهم في تمويل الحكومة بمعزل عن إيرادات النفط.. إضافة إلى ذلك تهدف الحكومة إلى تنشيط قطاعات الاقتصاد المهمشة، وخفض الدعم التدريجي، مع الأخذ في الاعتبار عدم المساس بشريحتيْ متوسطي ومنخفضي الدخل، وتحفيز تحصيل الرسوم، وزيادة دخل بعض المرافق الحكومية من خلال التركيز على عمليات التحصيل.

كما أن هناك خططاً لإنشاء المناطق الحرة التي يمكن أن تكون مصدراً مهماً للدخل والتنمية في آن، وتحويل السعودية إلى مركز ربط جوي، ومرور للتجارة الدولية؛ خاصة بعد تنفيذ جسر الملك سلمان الذي سيربط السعودية بمصر، وبالتالي آسيا بإفريقيا؛ ليكون ممراً سهلاً يختصر زمن الشحن، وهناك معادن ومواد مهمة تكتنزها الأراضي السعودية لم يتم استثمارها بعد، ويمكن بقليل من الجهد تحويلها إلى ثروات ودخل حكومي موازٍ يُسهم في تنويع مصادر الدخل.

** كيف يمكن للمشاعر المقدسة استيعاب زيادة أعداد الحجاج والمعتمرين إلى 30 مليوناً؟

هناك هدف استراتيجي مرتبط بالمعتمرين الذين يخطط لزيادة عددهم من 8 ملايين إلى 30 مليون معتمر، وهو عدد كبير سيكون له انعكاسات إيجابية متنوعة.. ولعلي هنا أشير إلى سؤال عن زيادة حجم الحجاج؛ حيث أكد سموه أن الحجاج هم ضيوف الرحمن، والسعودية تقدم لهم كل الخدمات مجاناً؛ وبالتالي يجب التمييز بين الحاج والمعتمر، كما أن عدد الحجاج لا يمكن زيادته إلا بشكل طفيف؛ بسبب حجم استيعاب المشاعر المقدسة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org