"الخريجي" لـ"سبق": 2 مليار دولار حجم سوق الإعلانات في السعودية.. ولا نحتكر اللوحات.. وهذه علاقتنا بـ"شويري"
• سوق الإعلانات الخارجية سيشهد نقلة نوعية بعد الانتهاء من مشاريع النقل العام والمترو والمدن المالية والاقتصادية.
• عدد لوحات المطارات والأسواق والقطاع الخاص أعلى بثلاثة أضعاف من لوحات الأمانة التي تؤجر والتي ستتضاعف أعدادها سبعة أضعاف مستقبلاً
• سوق الإعلانات الخارجية بالسعودية يستحوذ على معدل 6 إلى 10% فقط من حجم سوق الإعلان.
• استثمارات الإعلانات الخارجية تشكل أكثر من 30% من إيرادات بعض الأمانات.
• سوق الوسائل الإعلانية السعودية يصل لحوالي 2 مليار دولار سنوياً.
• أموال المعلنين الدوليين تشكل حالياً 30% من إيرادات الإعلانات الخارجية.
• جميع الشركات المشغلة للوحات الخارجية سعودية.. ولا توجد شركة أجنبية تنافس في المزايدات.
• تعاقدنا مع "شويري" بالماضي مثل بعض الوسائل الإعلامية كمسوق إعلاني وأنهينا الاتفاقية لهذا السبب.
• عقود 5 سنوات وضوح وشفافية مزايدات الأمانات ولا احتكار ولا هيمنة.
• التأهيل والتصنيف للشركات العاملة في القطاع يسهم في جذب المستثمرين.
• لا يمكن لأي جهة أن تعمل خارج هيكلة سوق الإعلان الدولي.
• هناك شركات تسعى لخلق سوق سوداء كما تحاول محاربة الحزم في تطبيق النظام.
"تصوير: عبدالملك سرور": يقول "محمد بن عبد الإله الخريجي" الرئيس التنفيذي للشركة العربية للإعلانات الخارجية: "وهي الشركة الرائدة في مجال الإعلانات الشوارع الخارجية بالمملكة والأكبر على مستوى العالم العربي، أن واقع وحجم سوق الإعلانات الخارجية المشاهدة خارج المنزل، بالمملكة، سوق مهم، ومن المرشح له أن يشهد نقلة نوعية بعد الانتهاء من مشاريع النقل العام، والمترو، والمدن الاقتصادية، والمالية وغيرها، ويطالب "الخريجي" بتنظيم نشاط الإعلانات وتطويره، وحماية كافة أطرافه بما ينميه ويحميه من المتلاعبين والدخلاء، ويعزز قواه العاملة الوطنية.
وفي حواره مع "سبق" طالب "الخريجي" بحماية السوق وعناصره من المتلاعبين والدخلاء الذين يسعون إلى الحصول على الاستثناءات ومخالفة الأنظمة أو التهرب من سداد حقوق الدولة بطرق ملتوية، وأكد "الخريجي" أن "تنظيم كافة مكونات سوق الإعلانات الخارجية يجعل المشغلين يستثمرون في المزايدات التي يطرحها القطاع الحكومي والخاص وهم على بينة من أمرهم بعيداً عن المفاجآت التي تربك السوق بكافة مكوناته من مشغلين ومستفيدين ووسطاء".
وكشف "الخريجي" عن حجم المنافسة بين شركات الإعلان التي "تشتد شيئاً فشيئاً، ونتج عن شدتها اتهامات من البعض للبعض الآخر بممارسة سلوكيات يمنعها النظام ونشر بعضها من خلال وسائل الإعلام". ويرى أن هناك شركات إعلان تسعى إلى خلق "سوق سوداء"، محذراً من أن المنافسة الجائرة المدمرة قد تؤدي إلى تدهور أسعار السوق، وفشل استثماراته، التي تدرّ على اقتصاد الدولة ملايين الريالات وتشكل 30% من دخل بعض الأمانات.
ويتناول الحوار عدداً من المحاور فإلى التفاصيل:
**ما هي مكونات سوق الإعلانات الخارجية؟ وكيف يتم التعامل بينها؟
أول مكونات سوق الإعلانات الخارجية هو: الجهات المستثمرة في اللوحات الإعلانية كالموبي، والميقاكوم، واليوني بول، التي تعود حيازتها لأمانات المدن وبلدياتها، ماعدا اللوحات التي توضع في حرم المباني المملوكة للقطاع الخاص كالأسواق، والمولات، ومحطات المترو وغيرها، أو في حرم المباني الحكومية كالجامعات، والمطارات، والمدن الاقتصادية، والمالية وغيرها. وثاني مكونات السوق: الشركات المشغِّلة للوحات الإعلانية، وهي الشركات المرخص لها لمزاولة هذا النشاط. وثالثها: الجهات المعلنة لترويج منتجاتها أو خدماتها كالجهات الحكومية أو الشركات. ورابعها: الوسطاء؛ وهم شركات الإعلان المحلية والدولية، والشركات الممثلة لوسائل الإعلان، والشركات الممثلة للمعلنين المباشرين أو من خلال شركات الإعلان.
بطبيعة الحال فإن معظم وسائل الإعلان -وكما هو متبع في جميع الأسواق العالمية الكبرى- تفضل التعامل مع وكالات ووسطاء الإعلان الدوليين، أو التعامل مع المعلن المباشر، ولا شك أن المعلن يسعى أن يحصل على أفضل الخدمات من خلال التعامل مع الوكالات والوسطاء القادرين على تقديم مزايا أفضل، وكذلك تسعى شركات تشغيل وسائل الإعلانات الخارجية للتعامل مع الوكالات الإعلانية المتميزة لتعود بالفائدة على جميع الأطراف.
**كيف ترى مستقبل سوق الإعلانات الخارجية في السعودية بالمقارنة بالدول الإقليمية والدول الأخرى؟
سوق الإعلانات الخارجية في السعودية سوق واعد ومواكب للأسواق العالمية، ويتفوق على العديد من دول المنطقة، ولا شك أنها قطعت شوطاً كبيراً، من خلال التجربة والخطأ، ومن خلال الدراسات والاستشارات؛ حيث أصبحت اليوم أكثر تنظيماً ووضوحاً وتطورت إجرائياً بالاتجاه الصحيح، على الرغم من وجود بعض الاستثناءات للمخالفين في بعض المدن.
ومن الملاحظ أن نظام تأجير لوحات إعلانات الطرق التابعة للأمانات والبلديات يسهم كثيراً في نمو هذا السوق بفضل الوضوح والشفافية في نظام المزايدات، الذي يحقق العدالة بين المتنافسين؛ حيث أصبح أكثر فاعلية وكفاءة لكونه نظاماً يهدف لتحقيق مصلحة كافة أطراف السوق من مستثمرين ومعلنين ووسطاء، إضافة لمصلحة أمانات المناطق وبلدياتها.
** ما الذي ينقص قطاع الإعلانات الخارجية من تنظيم رسمي إلى الآن؟
أعتقد أنه قد حان الوقت لتنظيم الشق الآخر من لوحات الإعلانات الخارجية؛ وهي المواقع الخاصة التي تتبع الجهات الحكومية والقطاع الخاص لكي لا تؤثر سلباً على بعضها، كذلك نتطلع أن يمنع النظام أي استثناء لترخيص لوحات إعلانات خارجية ممنوعة نظاماً لعدم توافقها مع معايير تنظيم وزارة البلديات للإعلانات الخارجية التي تشمل جماليات المدينة، والسلامة بكافة أنواعها والمحافظة على القيم الأخلاقية.
وأنه قد حان الوقت لاستحداث نظام تأهيل للشركات المشاركة بالمزايدات التي تطرحها الأمانات بناء على تصنيف معتمد حسب نوع وحجم المزايدة؛ لضمان حقوق الدولة ونمو استثماراتها وضمان حقوق أطراف السوق الأخرى من جهة، ولتحفيز الشركات المشغلة للوحات الإعلانات الخارجية للنمو حسب خارطة التصنيف؛ ليكون لدينا عدة شركات وطنية قيادية كبيرة تسهم في تنمية السوق هي الأخرى من جهة أخرى، فكما هو معروف فإن التصنيفات عامل محفز للشركات الصغيرة للتحول إلى متوسطة، والمتوسطة للتحول إلى كبرى، فضلاً عن أهمية التصنيف في حماية الأسواق أياً كان نوعها من الدخلاء والمتلاعبين والراغبين بالتهرب من سداد التزاماتهم التعاقدية، وبالتالي فإن التصنيف ينظم ويطور ويحمي الأسواق.
** لماذا تشددون على المطالبة بتنظيم سوق الإعلانات الخارجية؟ وما حجم الفائدة خلف التنظيم؟ وما حجم الضرر والمخالفات في غياب الرقابة والتنظيم؟
تنظيم كافة مكونات سوق الإعلانات الخارجية يجعل المشغلين يستثمرون في المزايدات التي يطرحها القطاع الحكومي والخاص وهم على بينة من أمرهم بعيداً عن المفاجآت التي تربك السوق بكافة مكوناته من مشغلين ومستفيدين ووسطاء، ولا شك أن تنظيم جزء من لوحات الإعلانات الخارجية، وهي الخاصة بأمانات المدن وبلدياتها دون تنظيم الأجزاء الأخرى، رغم أعدادها الكبيرة؛ يجعل السوق في حالة من عدم الوضوح والضبابية المربكة، ما يجعل المستثمرين في لوحات أمانات المدن يحجمون عن المشاركة بالمزايدات التي تطرحها الأمانات وبلدياتها، وهذا أمر ملاحظ نتيجة ارتفاع المخاطر؛ حيث يمكن لأي جهة خاصة أو هيئة حكومية توفير لوحات إعلانية تطل على الشوارع بأسعار بخسة تؤثر سلباً على أسعار لوحات الأمانات وبلدياتها، وقد حصل أن تم دفع مبلغ "2.25" مليون ريال للوحة لموقع عائد لإحدى الأمانات قابله موقع مماثل للقطاع الخاص بـسعر "400" ألف ريال، وهذا فيه إجحاف للجهات التي استثمرت مبالغ عالية.
يجب على الأمانات حماية لاستثماراتها، وحماية للمستثمر في لوحاتها، الالتزام بشروط المزايدة وعدم التفاوت في تطبيق الأنظمة بين أمانة وأخرى، ومنها حماية حقوق المستثمرين من المفاجآت، والاستثناءات التي تربك السوق، وتخفض إيراداته، وتمكن أحد أطرافه ممن يستثمر في لوحات رخيصة خارج النظام من إغراق السوق.
** هل الأمانات متضررة فعلاً من عدم تنظيم السوق؟ ولماذا تمنع الجهات الحكومية من وضع لوحاتها باتجاه الشوارع، وخصوصاً أن الأمانات عادةً تضع أمامها لوحات تشير لمخالفتها للنظام؟
عدد لوحات إعلانات المواقع غير التابعة للأمانات يفوق عدد لوحات الأمانات بثلاثة أضعاف، ومجلس الوزراء منع استخدام لوحات الجهات الحكومية باتجاه الشوارع في حال تضرر لوحات الأمانات؛ فنظام الإعلانات الخارجية هو جزء لا يتجزأ من شروط المنافسة حتى وإن لم تذكر بنوده في كراسة المزايدات، ولك أن تتخيل الأضرار التي ستلحق باستثمارات الأمانات في ظل تزايد لوحات المولات ولوحات الجامعات والمطارات والمدن الاقتصادية والمالية والباصات والمترو، وغيرها التي تجاوزت لوحات إعلانات الطرق التي تطرحها الأمانات بأكثر من ثلاثة أضعاف، ومتوقع لها أن تزيد سبعة أضعاف في المستقبل القريب، وهي ما تزال دون تنظيم، والتنظيم بطبيعة الحال يشمل نوعية الإعلانات وما هو مسموح وممنوع، كما يشمل موقع لوحات الإعلانات الخارجية للقطاع الخاص والهيئات والمؤسسات الحكومية التي يجب أن تبقى داخل حرم مبانيها وليس خارجها أو على أطرافها؛ لكي لا تطل على الشوارع وتؤثر سلباً على استثمارات الأمانات وبلدياتها؛ وهو الأمر الذي تمنعه المادة الثانية "الفقرة هـ" من قرار مجلس الوزراء رقم "370" وتاريخ "2 /12 /1421هـ" بشأن استثمار الأجهزة الحكومية لممتلكاتها.
ولا شك أن البلديات استشعرت ذلك حالياً؛ حيث باتت تمنع الاستثناءات للوحات الإعلانية خارج النظام بشكل كبير، كما أنها منعت اللوحات الإعلانية التي وضعتها بعض الجامعات بأطراف مبانيها المُطلة على الطرق وليس داخل حرمها الجامعي؛ لما لذلك من أثر سلبي على استثماراتها في هذا المجال الذي يشكل أكثر من 30% من إيرادات بعض الأمانات، ومن المتوقع له النمو حال اكتمال التنظيمات وشعور المستثمرين بلوحات الطرق التابعة للأمانات وبلدياتها بقوة النظام، وعدم السماح باختراقه بالاستثناءات أو التساهل في تطبيقه.
** هناك اتهامات بأن سوق الإعلانات يعاني من "سوق سوداء" لإعلانات الطرق، وعن تهرب وتحايل على أنظمة الأمانة.. لماذا ترى أن هذا يضر باقتصاد البلد بشكل مباشر؟
صحيح! هناك بعض الشركات عاملة في قطاع الإعلان، تقوم بمحاربة أي حزم في تطبيق النظام من قبل بعض الأمانات؛ لأنها كانت وما زالت تحاول التعاقد مع جهات خاصة أو مبانٍ حكومية أو أسواق تجارية لا تتبع لأي تنظيم؛ لخلق "سوق سوداء" للإعلان وتسويقها لأفراد ووكالات خارج المملكة، مستغلة التكلفة المتدنية للحصول على هذه المواقع غير التابعة للتنظيم أو المخالفة للأنظمة.
والحقيقة أن المستفيد الأساسي من هذا السوق السوداء ووكالات إعلانات خارجية ومنتفعين من شركات الإعلان السعودية مستغلين هامش الربح الكبير الذي ظهر من فارق التكلفة مقارنة بنفس الوسائل التي تتبع الأنظمة بإيجارات ورسوم مرتفعة، وكما قلت يتم استغلال ذلك لأغراض شخصية، ولدعم وكالات خارج المملكة؛ مما ينعكس سلباً على سوق الإعلان السعودي ويؤثر في ميزانية الدولة، وبالتالي الاقتصاد المحلي بشكل عام، ولدينا أكثر من مثال حي منها إحدى الشركات المصنعة للسيارات الشهيرة؛ حيث تنفق في إحدى الدول أكثر مما تنفقه في السوق السعودي في الإعلانات الخارجية؛ اعتقاداً بأن السوق السعودي أقل تنظيماً واستقراراً، رغم أن مبيعات هذه السيارات أعلى في السعودية عما هو في تلك الدولة.
** نشاط الإعلانات الخارجية متهم دائماً بأنه محتكر من قبل شركات محددة تجد شعارها في أغلب اللوحات الخارجية، وشركة "العربية" واحدة من الشركات المتهمة باحتكار السوق والهيمنة عليه.. كيف ترد؟
أولاً يجب أن نعرف أن سوق الإعلانات الخارجية هو جزء من سوق أكبر وهو سوق الإعلانات بشكل عام، وسوق الإعلانات الخارجية "خارج المنزل" بالسعودية لا يستحوذ إلا على ما نسبته "6 - 10%" من سوق الوسائل الإعلانية السعودية التي تصل لحوالي 2 مليار دولار سنوياً، وهذا في حال عدم احتساب ما ينفقه المعلنون على الإعلانات في الوسائل الدولية من قنوات فضائية، ومواقع الإعلام الجديد التي تستهدف المستهلك بالسوق السعودية، وفي حال حسابها -وهو الأصح- فإن النسبة تنخفض لأقل من "6%" تقريباً؛ لكون إجمالي الإنفاق يصل لـ4 مليارات دولار سنوياً تقريباً.
وثانياً: يجب أن نعرف أنه لا يعقل أن يكون هناك احتكار بسوق الإعلانات الخارجية؛ لأن اللوحات الإعلانية مملوكة لأمانات المدن وبلدياتها والهيئات والمؤسسات الحكومية وشركات القطاع الخاص، وجميع هذه الجهات تطرح هذه اللوحات في مزايدات بلوحات مجتمعة إذا كانت بنظام الشبكات، ومنفردة إذا كانت مطروحة حسب الموقع لاستثمارها في نطاق زمني محدد ليتنافس عليها المشغلون الذين يتحملون المخاطرة الاستثمارية، ولا ننسى ذكر أن مدة عقود الأمانات التي لا تتجاوز 5 سنوات، ووضوح وشفافية نظام المزايدات ينفي ما يتم تداوله، وبالتالي لا احتكار ولا هيمنة في سوق الإعلانات بشكل عام، ولا في سوق الإعلانات الخارجية بشكل خاص، ولا أحد يستطيع أن يحتكر أو يهيمن، والكل يسعى للتعاون والتكامل.
** عدد من الشركات الإعلانية اعتبرت قرار أمانات المدن عدم تجزئة اللوحات الإعلانية التي تطرح بنظام الشبكات كما هو في السابق قتل للسوق والمنافسة فيه.. أنت ما رأيك؟
بدايةً: من حق أمانات المدن تعظيم مواردها المالية مما هو متاح لها من استثمارات، وكما هو سائد عالمياً، بل يجب عليها أن تقوم بذلك أداءً للأمانة ولكي تصبح أكثر قدرة على النهوض بمهامها التنموية في مناطقها؛ إذ إنه كلما زادت عوائدها المالية زادت قدرتها على تنفيذ المشاريع التنموية توافقاً مع رؤية ٢٠٣٠ وبرنامج التحول الوطني. وثانياً يجب أن نعلم أن عدم التجزئة يشمل الأنواع التي يتم تسويقها في شبكات، في حين أنه تتم تجزئة كافة اللوحات المتبقية؛ لأنها تطرح على أساس الموقع.
وثالثاً: لا شك أن الدراسات والتجربة أثبتت أن جمع لوحات الإعلان المطروحة بنظام الشبكة وعدم تجزئتها هو الخيار الأمثل لصالح السوق عموماً؛ لأنه يمنع المنافسة الجائرة؛ على اعتبار أن الميزة التنافسية بين الشبكات هو السعر حال تجزئتها، وبالتالي فإن طرح الشبكات دون تجزئة يجعل الشركة المشغلة الفائزة أكثر قدرة على تحقيق عوائد أعلى في حال جمعها، بخلاف في حال تجزئتها؛ حيث تشتد المنافسة الجائرة المدمرة التي تؤدي إلى تدهور أسعارها، وفشل استثماراتها، وانكماش سوقها، ولنا في قرارات هيئة الاتصالات لمنع المنافسة الجائرة بين شركات الاتصالات مثال حسن للحفاظ على سوق الاتصالات من الفشل والتدهور.
** ما الفرق بين شركات الإعلانات في السوق من ناحية الخدمات التي تقدمها وتباين الفئات فيها؟ وهل هناك هيكلة محددة للسوق؟
كل سوق ينظم نفسه تلقائياً من جهات مقدمي الخدمة والمستفيدين والوسطاء حسب معطياته للوصول لأفضل صيغة تطوره وتحمي كافة عناصره، وسوق الإعلانات بشكل عام استحدث فئة شركات شراء الإعلانات بهدف الحصول على خدمات أفضل من شركات الوسائل الإعلانية نتيجة الشراء الكمي، وكانت ردة الفعل أن قام بعض عناصر السوق باستحداث فئة شركات تمثيل الوسائل الإعلانية لتكون في وضع تفاوضي أفضل، وكلتا الفئتين لهما أثر إيجابي على نمو سوق الإعلانات وتنشيطه وحماية عناصره، وخصوصاً أن بعض هذه الكيانات تعمل على مستوى دولي وبمبالغ كبيرة؛ مما مكنها من استقطاب معلنين دوليين لوسائل الإعلان المحلية لم تكن لتستطيع أن تحصل عليها تلك الوسائل بجهدها التسويقي المنفرد، ولا يمكن لأي جهة أن تعمل خارج هيكلة السوق الإعلانية الدولية التي امتدت لكافة دول العالم دون استثناء.
** ملاحظ جداً ازدياد في أعداد لوحات الإعلانات الخارجية الإلكترونية على حساب اللوحات التقليدية الثابتة والمتحركة.. ما السبب؟
لا شك أن التطورات التقنية في اللوحات الإلكترونية جعلتها بديلاً أمثل لمميزاتها التي تسهم في تلبية رغبات العملاء؛ حيث يتم تغيير إعلاناتها إلكترونياً ومن خلال شبكات الإنترنت بسرعة عالية، وخصوصاً أن تقنية الشاشات تطورت بشكل كبير وهائل؛ ما جعلها تؤدي دورها الإعلاني بكل كفاءة من حيث درجة الصفاء والوضوح، كما هو حال المطبوعات الرقمية؛ ولذلك اتجهنا في السنوات الأخيرة للمنافسة على مزايدات اللوحات الإعلانية الإلكترونية بالتزامن مع عملنا على الاستثمار في مصنع بمدينة سدير على مساحة 10 آلاف متر مربع وهو تحت الإنشاء لتصنيع اللوحات الإلكترونية، وشاركنا في عدة مزايدات طرحتها أمانات المناطق وفزنا بأكثر من مزايدة، ونقوم حالياً بالتوسع في هذا المجال تدريجياً، كما أننا نخطط للاستثمار في اللوحات الرقمية التي يطرحها القطاع الخاص في حال تنظيمها من الجهات المختصة حسبما ذكرنا سابقاً؛ حيث سبق وأن تلقينا العديد من الدعوات لاستثمار وتشغيل لوحات المواقع الخاصة في المراكز التجارية في كافة مناطق المملكة.
**ما دور شركة "العربية" في تطوير السوق الإعلانية بشكل عام والإعلانات الخارجية بشكل خاص بالمملكة؟
من المعروف أن القطاع الخاص هو من ينشئ الأسواق، ويؤسس لأعرافها، ومن ثم تنظمها الحكومات، ومن ثم تتواصل المؤسسات الحكومية المعنية بكل سوق مع الشركات القيادية للتنسيق والتعاون وتبادل المعلومات والمعارف للمزيد من التنظيم والتطوير والحماية، وفي فرنسا على سبيل المثال المستثمر "جي سي ديكو" هو من فتح باب الاستثمارات للبلديات في لوحات إعلانات الطرق وساهم في تنميتها بعد أن ابتكر وسائل إعلانية وإرشادية جمالية للطرق، ونحن في العربية للتعهدات الفنية ساهمنا بشكل كبير في تنمية سوق الإعلانات الخارجية ودعمنا تنظيمه -ولا زلنا- بالمقترحات والحث والتواصل مع كافة ملاك مواقع اللوحات الإعلانية ومع المعلنين، ولقد ساهمنا بشكل كبير في زيادة إيرادات الأمانات، ولا زلنا نطمح للمزيد باستقطاب المزيد من أموال المعلنين الدوليين التي تشكل حالياً فقط 30% من إيرادات الإعلانات الخارجية، ونتطلع لزيادة وضخ المزيد من الأموال في شرايين الاقتصاد السعودي متى ما تم تنظيم السوق بشكل أفضل، كما نسعى إلى إبقاء ميزانيات الشركات الإعلانية داخل المملكة بدلاً من إنفاقها في وسائل إعلان خارج المملكة تدعم اقتصاديات دول أخرى.
** هل توجد شركات أجنبية تنافس بالمزايدات في السعودية؟ وكيف تقارنها بالشركات الوطنية؟
بدايةً: حسب علمي لا توجد شركة أجنبية تنافس في المزايدات التي تطرحها الأمانات وبلدياتها أو تستثمر مباشرة في سوق لوحات الإعلانات الخارجية؛ فجميع الشركات المشغلة للوحات شركات سعودية باستثناء شركة سعودية تعمل بتحالف دولي لاشتراط ذلك من قبل الهيئة العامة للطيران المدني، وهي الشركة المشغلة للوحات المطارات والطرق المؤدية لها في حرم المطار؛ حيث تشغل كافة اللوحات بعقد يمتد لحوالي 10 سنوات، ونحن في "العربية" نرفض ذلك؛ فكل ما يتطلبه الأمر الخبرة والكفاءات الوطنية المتخصصة في تشغيل وتسويق اللوحات الإعلانية في الأسواق المحلية التي أثبتناها خلال العقود الثلاثة الماضية.
وثانياً: لا شك أن المنافسة بين الشركات الوطنية في هذه السوق تشتد شيئاً فشيئاً، ونتج عن شدتها اتهامات من البعض للبعض الآخر بممارسة سلوكيات يمنعها النظام، ونشر بعضها من خلال وسائل الإعلام باستغلال ضعف فهم الكثير لهيكلة عناصر السوق الإعلانية التي تشمل الشركات الدولية الممثلة للمعلنين، والشركات الدولية الممثلة لوسائل الإعلان، وهناك شكاوى قدمت من البعض للجان المختصة بالغرف التجارية ولمجلس حماية المنافسة، وتمت دراستها، وهذا أمر طبيعي ومتوقع وله فائدة كبرى في تحرك الكثير من الجهات المعنية لمعالجة الثغرات التنظيمية الموجودة التي تطالب "العربية" بمعالجتها، ومن ذلك تأهيل الشركات المشغلة حسب معايير متعددة تشمل سنوات عملها وإنجازاتها والتزامها بالسداد وحجم رأس المال ورأس المال المدور، إلى غير ذلك؛ بحيث يتم تأهيل الشركات الوطنية وفق تصنيفها في المنافسات الحكومية لضمان حسن الأداء وحفظ حقوق الجهات الحكومية المالكة لمواقع اللوحات.
وكذلك نطالب بحماية السوق وعناصره من المتلاعبين والدخلاء الذين يسعون إلى الحصول على الاستثناءات ومخالفة الأنظمة أو التهرب من سداد حقوق الدولة بطرق ملتوية لتحقيق أرباح عالية وآنية بتكاليف قليلة، دون منافسة خارج نظام السوق بشكل يضر بشفافية واستقرار السوق. وأخيراً كما أوضحتُ سابقاً تنظيم اللوحات الإعلانية العائدة ملكيتها للقطاع الخاص والهيئات والمؤسسات الحكومية التي أصبحت تفوق تلك التابعة لأمانات المدن وبلدياتها.
** إذا كان لا توجد شركات أجنبية في السوق فبماذا تفسر علاقة شركة "العربية" بشركة "شويري" والكلام الشائع أن "شويري" مستثمر أجنبي في شركة العربية؟
عندما قام والدي بتأسيس الشركة العربية في العام 1983م قام بنقل مجال جديد في الإعلانات الخارجية لأول مرة إلى المملكة بشراء مجموعة متنوعة من لوحات الطرق من شركة جي سي ديكو الفرنسية، حينها كان في طور التنسيق والتركيب لتشغيل لوحات الإعلانات داخل طرقات مدينة الرياض أولاً، ثم جدة، وما يتطلبه من تأسيس مطابع متخصصة للطباعة الخارجية، وكان القرار في حينه تسويق الوسائل ذاتياً، إلا أنه بعد أعوام أثبت أن الجمع بين تشغيل وصيانة اللوحات وتسويقها عائق في التطوير والتوسع في المدن؛ كون المجال جديداً، فتم الاتفاق مع شركة تهامة للإعلان التي كانت متخصصة في تسويق اللوحات الإعلانية على الطرق السريعة في السعودية، ولم يدم هذا الاتفاق أكثر من 6 أشهر.
وفي عام 1990م تم التعاقد مع إحدى شركات مجموعة الشويري كمسوق إعلاني، وانحصر دورها على التسويق فقط، وتم إنهاء العلاقة التعاقدية بعد أن رأى مجلس إدارة الشركة تسويق جميع وسائلنا ذاتياً بعد استكمال تواجدنا في مناطق المملكة، وقد قامت عشرات الوسائل السعودية خلال تلك الفترة بالتعاقد مع مجموعة الشويري، وما زالت بعض تلك العقود سارية مثل مجموعة "MBC" وصحيفة الحياة وموقع كورة وصحيفة سبق الإلكترونية، فهل يعني ذلك أن "شويري" شريك في تلك الوسائل؟ فحسبما هو معروف للمختصين أنه لا يمكن لمسوق إعلاني أن يستثمر في إحدى الوسائل؛ لأن هذا يخلق تضارب مصالح مع الوسائل الأخرى التى يسوقها.
** باعتقادكم: كيف يمكن توظيف خدمة المجتمع في نشاط الإعلانات الخارجية؟ وما الذي تقدمه كذلك للاقتصاد الوطني؟
خدمة المجتمع أصبحت مهمة جوهرية تنهض بها الشركات العاملة في أي قطاع كان، ولكل شركة سياستها وأهدافها الخاصة في خدمة المجتمع؛ انطلاقاً من تقديم خدمات عالية الجودة بأسعار في متناول شرائح المجتمع المختلفة، وصولاً لخدمة قضايا المجتمع الهامة والحيوية، مروراً بالمساهمة الفاعلة في تنظيم أسواقها وتنمية الاقتصاد الوطني، ولا شك أن لكل شركة ميزات تمتلكها لخدمة المجتمع، ونحن بالشركة العربية وظفنا اللوحات الإعلانية التي نمتلكها لخدمة الاقتصاد والمجتمع.
ومن خدماتنا في المجال الاقتصادي: ما نبذله من جهود لرفع إيرادات الأمانات لتنهض بمهامها التنموية؛ حيث نضخ في شرايينها حالياً أكثر من 500 مليون ريال سنوياً، كما نسعى لاستعادة جزء مما يدفعه اقتصادنا للمُصنِّع الأجنبي الذي يبيع بضاعته في أسواقنا عن طريق إنفاقه الإعلاني بالوسائل الإعلانية السعودية، ولقد لعبت العربية دوراً في ذلك بزيادة إيرادات إعلانات اللوحات من خارج البلاد، ولا زالت تطمح لزيادة النسبة تدريجياً بالتعاون مع ملاك اللوحات من القطاعين الحكومي والخاص.
كما قمنا بدعم الحملات الوطنية كواجب علينا، ولقد حصلنا على جوائز من وزارة التجارة نتيجةً لدعمها المنتج الوطني، كما نقوم بتأهيل المتدربين السعوديين في سوق الإعلانات أيضاً، أما خدماتنا في رعاية قضايا المجتمع فقد رعت العربية بالإعلان مجاناً بلوحاتها الكثيرَ من الحملات الإعلانية الخيرية أو التوعوية دون مقابل، كما نرعى إستراتيجياً معارض توطين الوظائف ودعم التواجد النسائي في سوق الإعلان بشكل خاص، وكذلك أقمنا معرضاً فنياً حياً في جميع طرقات مدن المملكة بالتعاون مع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون باسم "فنون العربية" الذي حاز تسع جوائز على مستوى الشرق الأوسط لتعزيز صناعة الفن التشكيلي في بلادنا؛ حيث إن المواهب السعودية تمتلك الموهبة الإبداعية، كما تمتلك الثقافة، ونعتقد -في العربية- أن هذا التوطين سيخدم الشركات المعلنة بتعظيم كفاءة إعلاناتها وما تنفقه على هذه الإعلانات.
من ناحية أخرى، العربية للإعلانات الخارجية تدعم توجه الدولة نحو تحقيق رؤية 2030؛ فقد كان لرعايتنا لمنتدى مسك العالمي الأخير أكبرُ الأثر في ترجمة ذلك الدعم على أرض الواقع؛ فنحن في العربية ندعم المواهب السعودية الشابة ونسعى إلى دفع الشباب السعودي نحو الاستثمار وتقديم أفضل ما عنده، فهم الأساس الذي ستتحقق من خلاله الرؤية، كما نسعى من خلال خططنا التطويرية إلى مواكبة هذه الرؤية والنهوض بقطاع الإعلانات الخارجية بما يتناسب مع التطور الحاصل في هذا القطاع عالمياً، ولدينا خطط واعدة سنعلن عنها في حينها.
** متلازمة الإعلان والإعلام: ما شكل العلاقة بين هذين الطرفين؛ هل هي طردية أم عكسية؟ وهل صحيح أن المعلن مؤثر قوي على الإعلام ومحتواه؟
الجهات الإعلامية غالباً تحتاج للإعلان لكي تقوم بتغطية تكاليف إعلامها وبرامجها، فلذلك نجد المعلن بالوسائل الإعلامية يؤثر بعض الأوقات على سياسة الجهة التي يعلن بها؛ لأنه يعتبر داعماً لهذه الجهة، ولكن الجهات الإعلانية مثلنا هي من تصنع الإعلان وتنشره بنجاح، وليس لها أي منصة متخصصة بالإعلام.
** تحدثت عن دعم المواهب السعودية الشابة وعن تأهيل المتدربين السعوديين في سوق الإعلانات، كيف ترى تمكُّنَ الشاب السعودي من هذا المجال الذي يغلب عليه الموظفون الأجانب؟
الشباب السعودي يُظهر اليوم جدارةً وقدرةً على العمل والإبداع في مجال الدعاية والإعلان، والمجال ما زال متاحاً لاستقطاب المزيد من المواهب، لكن المطلوب تأهيل قيادات في مجال الإعلان. كما بدأنا نلحظ تواجد وكالات إعلان محلية بعد أن اكتسب بعض ملاكها الخبرة التراكمية في العمل في بعض الوكالات الدولية، وقد نجح الكثير منهم؛ فالإعلان صناعة واعدة تعتمد على العناصر المبدعة من الشباب والشابات، وإن السوق السعودي في ظل الإقبال المتزايد على استخدام الوسائل التقنية الحديثة التي تستوعب العنصر الشبابي المبدع سيسهم في ازدهار سوق الإعلان؛ لذلك من المهم تنمية وصقل تلك المواهب ببرامج عملية وفرص تدريب تمنحها كبرى شركات القطاع بالشراكة مع الجامعات، كما نطالب بدعم الأسر شغف أبنائها بحكم المستقبل الواعد الذي ينتظرهم في هذه الصناعة، وقمنا في "العربية" بعمل شراكات مع الجامعات السعودية منذ عامين لتدريب سعوديين وسعوديات، وبعضهم حصل على وظائف لدينا أو في شركات أخرى، كما نحن بصدد القيام ببرامج تدريب مع جهات عالمية لتأهيل قيادات شابة في مجال الإعلان والاستفادة من تطور التقنية في مجال الإعلانات الخارجية للتكامل من الوسائل الحديثة.
** كيف يمكن أن يؤثر المستهلك السعودي في تعاملات الجهات المعلنة مع وسائل الإعلان؟
خطط الجهات الحكومية لبرامج التحول والرؤية متعددة وكثير منها يرتكز على التوعية والتعريف بتطوير سبل المعيشة؛ لذلك من المتوقع أن تخصص الجهات الحكومية ميزانيات إعلانية للتعريف ببرامجها، أما المعلنون الذين من المحتمل أن تزيد مصاريفهم خلال السنوات القادمة، خصوصاً الذين لا يخصصون جزءاً من مبيعاتهم للدعاية حسب المعايير العالمية الخاصة بكل قطاع؛ فمن أجل المحافظة على مبيعاتهم يتوقع أن يطوروا منتجاتهم وخدماتهم وخططهم التسويقية، وأن تتجه هذه الشركات للحملات الإعلانية التى تعزز المنافسة لتبرز خدماتها بشكل أكبر للحصول على ثقة المستهلك السعودي؛ فالمستهلك السعودي عنصر مهم سيجبر الشركات المعلنة على التعامل مع كافة وسائل الإعلان المؤثرة.