الدعم النفطي السعودي لمصر.. وصل مباشرة للشعب وأعاد الحياة لمصانع توقّفت

خبراء يحللون زيارة الملك ويرصدون مواقف السعودية التاريخية.. 6 درجات للتعامل
الدعم النفطي السعودي لمصر.. وصل مباشرة للشعب وأعاد الحياة لمصانع توقّفت
تم النشر في

اتفق خبراء ومحللون وسياسيون على أن المساعدات النفطية التي تقدمها السعودية لمصر، ساهمت في حل مشكلات عدة، كان الاقتصاد المصري يعاني منها، منذ تنحي الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، واصفين هذه المساعدات بأنها سخية للغاية، مما يعكس حجم العلاقات التاريخية التي تربط البلدين على جميع المستويات، منذ عقود طويلة مضت، مؤكدين أن هناك 6 درجات للتعامل.

زيارة ومليارات

ومن المقرر أن تشهد الزيارة التاريخية للملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- للقاهرة، اليوم الخميس، إطلاق عدد من المشروعات التي تبلورت خلال اجتماعات مجلس التنسيق "السعودي- المصري"، والتي تشمل 3 مجالات، وتتضمن مشروعات تمول تلبية احتياجات مصر من المشتقات البترولية، لمدة 5 سنوات، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم لتشجيع الاستثمارات السعودية في مصر، ضمن حزمة الاستثمارات التي أقرها الملك سلمان بقيمة 3 مليارات دولار.

سيناء وجامعة الملك

وتتضمّن المشروعات اتفاقاً بين وزارة التعاون الدولي والصندوق السعودي بمبلغ 1.5 مليار دولار؛ لتنمية شبه جزيرة سيناء في مجالات الزراعة والخدمات والبنية التحتية وإنشاء مدارس وتجمعات سكنية وزراعية، إضافة إلى الطرق والوحدات الصحية، وتدشين جامعة الملك سلمان جنوب سيناء، وتمويل مشروعات صغيرة من المنحة السعودية بمبلغ 200 مليون دولار، في إطار مبادرة الرئيس "السيسي" لدعم مشروعات الشباب بفائدة ميسرة.

توجيهات خادم الحرمين

وكان ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قد أعلن في الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق "السعودي- المصري" في مدينة القاهرة منتصف ديسمبر الماضي، عن توجيهات خادم الحرمين بزيادة الاستثمارات السعودية في جمهورية مصر العربية إلى 30 مليار دولار، وأن يتم الإسهام في توفير احتياجات مصر من البترول لمدة خمس سنوات، إضافة إلى دعم حركة النقل في قناة السويس من قبل السفن السعودية.

تقدير مصري

وأعرب رئيس مجلس الوزراء المصري المهندس شريف إسماعيل محمد، عن تقدير مصر حكومةً وشعباً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، على حرصه واهتمامه البالغ بدعم الاقتصاد المصري، وتعزيز المصالح المشتركة بين البلدين الشقيقين.

عمق العلاقة

ولم يستغرب الكاتب الصحافي والمحلل السياسي صبحي شبانة، المساعدات السعودية لمصر، وقال: "لا شك أن المساعدات ضخمة، وبخاصة المساعدات النفطية، التي تمتد على مدى 5 سنوات، ويعكس هذا الأمر بجلاء عمق ومتانة العلاقات الخاصة والأخوية بين المملكة ومصر، اللتين تدركان تماماً أن أمن المنطقة واستقرارها، بات من أهم مسؤوليات قادة البلدين، وأنه لا مناص من القيام بهذه المسؤولية على أحسن وجه".

مواجهة التحديات معاً

وأضاف "شبانة": "المملكة تدرك جيداً أن استقرار مصر يعكس ويؤكد استقرارها، كما تدرك مصر أن السعودية تمثل العمق الاستراتجي لها من ناحية الشرق، يضاف إلى ذلك أن الدولتين بعد موجة الربيع العربي الأخيرة، ثبت لهما بما لا يدع مجالا للشك أن الأمة العربية والإسلامية مستهدفة، وأنه لا مناص من العمل سوياً لمواجهة التحديات معاً".

الدعم التاريخي

وأشار "شبانة" إلى أن الدعم الذي وجّه به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بتأمين احتياجات مصر لمدة 5 سنوات بقيمة 20 مليار دولار، هو امتداد للدعم السياسي التاريخي الذي قدّمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـيرحمه الله- لمصر.

التوقف القسري

وقال الكاتب السياسي أحمد شحاتة، إن الدعم النفطي السعودي لمصر جاء في وقته، وقال: "مصر تعاني من أزمة وقود حقيقية منذ سنوات، أثرت على معيشة الناس، كما أثرت على الحركة الصناعية في البلاد، مما أجبر العديد من مصانع الأسمنت وغيرها على التوقف القسري، وهذا ما تنبهت له المملكة في السنوات الماضية، وتحديداً من بعد سنوات الربيع العربي؛ حيث وجهت حزمة مساعدات عاجلة إلى مصر، من بينها مساعدات نفطية".

مشكلة للرؤساء

وتابع: "نجحت هذه المساعدات في حل الكثير من المشكلات الاقتصادية العالقة، وأعادت الحياة إلى المصانع المتوقفة، وساهمت في حل أزمة انقطاع التيار االكهربائي في مصر، وهي الأزمة التي واجهها رؤساء مصر السابقون: محمد مرسي، وعدلي منصور والحالي عبدالفتاح السيسي، الذي استطاع بما حصل عليه من مساعدات خليجية، حل المشكلة وبنسبة كبيرة، مطالباً المسؤولين في مصر بتكثيف العمل، وإيجاد موارد جديدة للبلاد، تضمن الاكتفاء الذاتي للبلاد، بعيداً عن المساعدات الخارجية".

استعادة زمام الأمور

وأضاف "شحاتة": "الظروف السياسية الآنية، والتحولات العالمية، تدفع السعودية ومصر إلى المزيد من التحالف والتعاضد لمواجهة التحديات"، وقال: "إذا نظرنا إلى الدول العربية نجد أن أكثرها دخل في دوامة التخبط والصراع السياسي، مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، فيما الأخطار تحيط ببقية الدول، وهو الأمر الذي فطنت له السعودية ومصر، وبدآ ينسقان الأدوار بينهما؛ لمحاولة استعادة زمام الأمور في الأمة العربية، ولهذا السبب سارعت السعودية للوقوف بجانب مصر اقتصادياً وسياسياً، حتى تستعيد عافيتها من جديد، وتقوم بالدور المطلوب منها لحماية الأمة العربية من المخاطر.

صمام أمان المنطقة

ووصف السفير ناصر حمدي العلاقات المصرية السعودية، بأنها علاقات خاصة وتاريخية واستراتيجية؛ لأن الدولتين صمام أمان للمنطقة وقوة لها؛ لذا تحرص قيادة البلدين على التعاون وتبادل الزيارات والتواصل والتنسيق المستمر؛ ليس على مستوى القمة، بل حتى على مستوى الشعبين".

مواقف لا تُنسى

وأكد "حمدي" في تصريحات سابقة لـ"سبق" أن مصر لا يمكن أن تنسى مواقف السعودية التاريخية في كثير من المراحل التي مرّت بها منطقتنا العربية؛ وأبرزها حرب 67، وبعدها حرب الاستنزاف، وحرب 73، التي شهدت موقفاً خلّده التاريخ، وهو موقف الملك فيصل -يرحمه الله- عندما أمر بوقف إنتاج وتصدير النفط العربي للغرب الداعم للعدو الإسرائيلي ضد مصر، وكذلك موقف السعودية من إعادة مقر الجامعة العربية للقاهرة، وموقفها الأخوي عندما تعرّضت العاصمة المصرية لزلزال عام 90، ومن المواقف المهمة أيضاً موقف السعودية ووقوفها بجانب رغبة الشعب المصري في ثورة 30 يونيو؛ مما أدى إلى اعتراف العالم بهذه الثورة، إضافة لتقديمها الدعم المالي المستمر لمصر.

6 درجات للتعامل

وحدد السفير المصري 6 درجات من التعامل بين مصر والسعودية، وآليات التعامل معها؛ من أبرزها: "دبلوماسية القمة، واللجنة المشتركة، ومجلس رجال الأعمال، واللجنة القنصلية، وآليات المشاورة السياسية"، وأخيراً مجلس التنسيق المصري السعودي، الذي ستنتهي مهمته فور التوقيع على الاتفاقيات المقرة، وهي أوامر وتوجيهات للدفع بشكل عاجل بالعلاقات الاقتصادية بين الجانبين إلى آفاق أرحب.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org