أمام نحو 450 شاباً وشابة وضمن فعالية "لقاء الخميس" للناجحين والتي تحظى بشراكة مركز الأمير سلمان للشباب، والذي استضافته الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرّمة، أكّد الإعلامي فالح الذبياني؛ أن الإعلام الورقي يعيش أصعب لحظاته هذه الأيام، وأن عمليات الفصل والاستغناء عن الموظفين من الصحافيين الرسميين التي تقوم بها جميع المؤسسات الإعلامية الحالية ضرورة لبقائها على قيد الحياة، في ظل ثورة الإعلام الإلكتروني ومنصّات التواصل الاجتماعي التي أصبحت المحرّك الرئيس للرأي العام.
وأوضح "الذبياني"، أثناء استعراضه تجربته الإعلامية طوال 14 عاماً التي بدأها مراسلاً ميدانياً حتى وصل إلى رئيس تحرير صحيفة "عكاظ" الإلكترونية؛ "عين اليوم" لاحقاً، أن مؤسسات الإعلام الورقي لم تستشعر الخطر الذي يمثله الإعلام الإلكتروني، فعند بزوغ شمس صحيفة "سبق" عام 2007 كانت عناوين بعض الصحف تنفي وتكذّب أخبار هذه الصحيفة الإلكترونية، بدلاً من التفرُّغ لصناعة مواقع إخبارية إلكترونية منافسة.
وأضاف: "اليوم صحيفة (سبق) هي رائدة الإعلام الإلكتروني، ويؤمها يومياً ملايين الزوّار، وتتناقل أخبارها المواقع ووكالات الأنباء العالمية، إلى جانب المئات من المواقع الإلكترونية، وهي المحرّك الرئيس للرأي العام، بينما إعلامنا الورقي ينشر الأخبار التي أصبحت من الماضي".
ودعا الذبياني؛ وزارة الثقافة والإعلام، إلى أن تمارس دوراً حقيقاً للنهوض بالصناعة الإعلامية في المملكة وحمايتها من طوفان الاندثار، مشدّداً على أن بروز سياسة إعلامية قوية وجادة أصبح اليوم ضرورةً ملحةً؛ نظراً للتحديات الكبرى التي تواجهها المملكة أمنياً، اقتصادياً، اجتماعياً، وسياسياً، ونبّه إلى أن السياسة الإعلامية القائمة حالياً لا تتوازى إطلاقاً مع مكانة المملكة كقبلة للمسلمين ورائدة للحضارة، ومحرّك رئيس لاقتصاد العالم.
وألمح "الذبياني"؛ أنه يعمل حالياً للتحضير لمرحلة جديدة في حياته العملية، لكنه أكّد أنه لا يستطيع العيش دون إعلام، فهو كالماء والهواء بالنسبة له، وأنه يؤمن يقيناً بأهمية الإعلام ودوره في حياة الأمم والشعوب، وقوة لا يُستهان بها في الذود عن الوطن، وكذلك تعزيز اللحمة الوطنية لمواجهة التحديات المتعدّدة.
وروى على مدى ساعة كاملة تجربته الصحافية التي بدأها مراسلاً ميدانياً لصحيفة "المدينة المنوّرة" في نهاية عام 2002 م، وانحيازه الكامل لقصص البسطاء وحديث الناس، وانتقاله إلى العاصمة الرياض وتجربته مع تغطية الحرب الإنجليزية - الأمريكية كمراسل حربي لصحيفة "المدينة المنورة" من بغداد طوال نحو شهر كامل.
وأوضح "الذبياني"، أن النجاح يكمن في شدة الألم، وأن المحن هي التي تصقل الإنسان، وتقوي عزيمته، وتجعله ناضجاً سريع البديهة قوي العزيمة، متطرقاً إلى مؤسسة "عكاظ" للصحافة والنشر التي دخلها نهاية عام 2004م، محرراً ثم مديراً إقليمياً لمكتبها في مكة المكرّمة، ثم مديراً لتحرير الشؤون المحلية، وكذلك مساعداً لرئيس التحرير، وفي كل هذه المراحل كان أصغر العاملين في الصحيفة سناً، لكنه قاد وكوكبة من المخلصين الكثير من مشاريع التغيير التي أحدثت نقلة نوعية في العمل وجعلت من "عكاظ" رائدة الإعلام الورقي.
وأعرب عن شكره وتقديره لمستشار سمو ولي العهد الدكتور ساعد العرابي الحارثي؛ الذي كان رئيساً لمجلس إدارة الصحيفة، الذي أفسح المجال لجيل الشباب، وأتاح لهم الكثير من الفرص الوظيفية حتى نجحت "عكاظ"، وبجدارة، إبّان توليه رئاسة مجلس الإدارة أن توزع أكثر من 1.2 مليار ريال أرباحاً على المساهمين، إلى جانب نجاحه في تحويل الصحيفة من مؤسسة تعتمد الورق في كل تعاملاتها إلى أول مؤسسة تُدار إلكترونياً من المراسل الصحافي حتى المطبعة.
وأضاف "الذبياني": "أشعر بسعادة بالغة وارتياح كبير تجاه كل ما قدّمته لهذه المؤسسة الرائدة التي قدّرت لي هذا الجهد وهذا الاحتراق؛ حيث منحتني ولأول مرة في تاريخها جائزة رجل العام مرتين في سابقة تعد الأولى من نوعها، كما قدّرت احتراقي وعشقي لمهنتي؛ حيث منحتني الكثير من الفرص في الترقيات والحوافز انتهاءً بمؤسِّس ورئيس تحرير (عكاظ) الإلكترونية؛ (عين اليوم) لاحقاً".
وأبدى شكره وتقديره لرئيس مجلس إدارة "عكاظ"، عبدالله صالح كامل، الذي آمن بأهمية التحوّل من الإعلام الورقي إلى الإلكتروني، واتخذ قرارات جريئة وحازمة في التحوّل رغم كل المعارضات التي قُوبل بها، مؤكداً أنه صاحب فكر ورؤية وهو بلا شك رجل أعمال ناجح يعرف جيداً التحديات ويقرأها بدقها ويواجهها بكثير من العمل.
وتحدث عن عمله الحالي في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، مع الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، مؤكداً أن هيئة السياحة، ورغم كل ما يُثار ضدّها من انتقادات، استطاعت أن تحدث تحولاً مجتمعياً تدريجياً في القبول بالسياحة؛ حيث كانت السياحة في السابق بوابة جهنم، واليوم كل الأسر السعودية يرحبون بالسياح، ويتسابقون لترميم منازلهم التراثية وقراهم الأثرية، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا ما يتمتع به الأمير سلطان؛ من حنكة إدارية، ورؤية سياسية، وعمل دؤوب صارم حتى أصبحت الهيئة اليوم تنهض بكثير من المهام، وتحظى بثقة الدولة على مختلف الأصعدة.
وألقى "الذبياني"، أيضاً، محاضرة عن ثقافة التغيير، وكيف يمكن للقائد أن يغيّر من بيئة العمل التي ينتمي إليها، ويوجّه كل طاقات الشباب إلى هذه الرؤية، مشدّداً على أن التغيير سمة كونية وضرورة ملحة في هذه المرحلة؛ حيث آمن الكثير من المؤسسات الإعلامية بأهمية التغيير، فيما لا يزال بعضها يعيش في كوكب آخر، وفي مقدمتها وسائل الإعلام الحكومية، فمن يشاهد التلفزيون السعودي بقنواته المختلفة يعض يديه على ما آل إليه وضعه، رغم كل ما ينفق عليه.
وفي ختام محاضرته، أثني "الذبياني"؛ على جميع مَن عمل معهم واستلهم منهم الكثير من التجارب، معرباً عن شكره للدكتور هاشم عبده هاشم، ومحمد المختار الفال، ومحمد التونسي، وأستاذ الإعلام الحديث الدكتور عثمان الصيني.